22 نوفمبر، 2024 5:27 م
Search
Close this search box.

قراءة في مقترح السيد وزير التربية للنظام التربوي الجديد(4 × 4 × 4)

قراءة في مقترح السيد وزير التربية للنظام التربوي الجديد(4 × 4 × 4)

ضمن سعيه لتطوير النظام التربوي التقليدي السائد في العراق منذ عقود طويلة ، وتماشيا مع الستراتيجية الجديدة التي سعت وزارة التربية لرسم معالمها، بعد مؤتمرها التربوي العلمي الأخير، فقد أطلق السيد وزير التربية الدكتور محمد إقبال مقترحا لتطوير واقع هذا القطاع الحيوي المهم ، وفق اتباع منهج جديد لتربية النشيء يعتمد على نظرية ( 4 × 4 × 4 ) ، والذي يشير فيه الى ان هناك دولا متقدمة طبقت هذا النظام منذ فترة.. أي ان النظام المقترح تكون فيه المرحلة الابتدائية أربع سنوات والمتوسطة اربعة سنوات والاعدادية اربعة سنوات ..ولدينا جملة ملاحظات يمكن ان ندرجها بشأن معالم تلك الستراتيجية الجديدة وكالآتي : 
1.     ليس هناك اعتراضا من حيث المبدأ على مسايرة نظم حديثة او ستراتيجيات جديدة تعتمدها دول العالم المتقدم في مجالات التربية، فهذا أمر يدعو للتفاؤل والأمل بأن في الامكان مسايرة تلك النظم ، واستخدام بعض تطبيقاتها في العراق، ضمن خطط تسعى الى الانتقالة بهذا القطاع التربوي المهم الى الحالة الافضل ، وهو منهج يشكر عليه، ويعد مسارا متقدما يسعى من خلاله الى ان يسهم التطور العلمي وتطور مناهج التربية في مسايرة نظم حديثة، وعدم التشبث بأنظمة كلاسيكية عفا عليها الزمن ، أو لنقل ان الواقع التربوي في العالم يفترض مسايرتها، ولكن هناك صعوبات وعراقيل جمة في العراق ستقف عائقا امام محاولات من هذا النوع، أبرزها طبيعة النظام السياسي المعقد في العراق، والذي يخفي الكثير من المتناقضات التي تنتج عنها صراعات وجدلا ، بعضها غارق في الكلاسيكية والعودة الى نظم التعليم القديمة أو الابقاء عليها، وبعضها يحاول ان يظهر انه يتماشى مع التقدم العالمي دون ان تكون له رؤية ومنهج واضح لمسيرة التربية في العراق وكيف يمكن تطوير ستراتيجياتها نحو الأفضل، ويبدو ان الاتجاه التقليدي الأول هو الذي يحاول أن ينتصر في خاتمة المطاف، لأنه يريد ان يعتاش على الفوضى والاضطراب ومعالم التخلف، لأن الكثيرين منهم يرى في مسارات التطور نهاية لهم ولتوجهاتهم وبخاصة الاحزاب ذات الطابع الطائفي الديني ، ولهذا تريد ان تبقي مسارات الجهل تتسارع وتيرتها ليكون لتلك الاحزاب والقوى القدرة على السيطرة على الجمهور اللاواعي والمنقاد بنظريات ميتافيزيقية وادراكية لاواعية، وبالتالي يكون بمقدوره فرض إرادته على مستقبل الاجيال واستلاب وجودها ودورها ، ولكي لاتنهض بوعيها نحو الأفضل، ويرى بعض القوى السياسية وزعاماتها الدينية انه عند تطبيق توجهات تربوية حديثة قد خسر امكان ان يكون له جمهور واسع متخلف يفرض وصايته عليه، ويبقيه تحت رحمته، يلعب بأهوائه كيفما يشاء ويخدم توجهاته الانتخابية والقدرة على كسب الأصوات ، إذ ان الطبقات الواعية لن تنساق بسهولة ولن تخضع كليا لارادات متخلفة من هذا النوع، وبخاصة بعد ان حصل قسم كبير منها على تعليم اكثر تطورا وراح يدرك ان الركض وراء الجهلة والمتخلفين انما هو كمن يركض وراء سراب. 
2.     ان بعض اللجان النيابية والجهات المختصة بالتربية وتلك المرتبطة بنفس القوى والتوجهات الدينية والكلاسيكية المتخلفة وبعضها داخل وزارته ربما ، سترى في مقترحات من هذا النوع محاولة لتحديث نظامنا التربوي، وهو مالايروق ان يروا وزيرا للتربية مثل الدكتور محمد اقبال يريد وكأنه من وجهة نظرهم يظهر وهو واضع أسس لنظام تربوي جديد تسجل مآثره له، وقد يحصل على دعم سياسي يؤهله للإستمرار فترة أطول كوزير للتربية، وهو من وجهة نظرهم لايخدم توجهاتهم، إذ يبحث (البعض) بين ثنايا ملفات الوزارة علهم يجدوا ( ثغرة ) هنا أو ( بابا ) هناك يمكن ان يثيروا الاتهامات بشأنه عله يكون بمقدورهم توجيه الاتهام له بالفساد، بالرغم من أن الرجل أبعد مايكون قد أدخل نفسه في (متاهات) من هذا النوع، لايرتضيها لا تنشئته ولا توجهه السياسي والمهني ، ولا مكانته التي أوصلته الى أعلى مراحل السياسة من نائب فاعل الى وزير نشيط ، له دوره ومكانته ، واذا ماوجدت (مثالب فساد) هنا أو هناك ، فهي وقعت من شخصيات أو مسؤولين ضمن وزاراته وقد لايكون على اطلاع على مجرياتها، وبالتالي سيسعى البعض لتحميله المسؤوليه على هذا ألاساس، وما محاولات (البعض) من النواب للعمل داخل البرلمان باتجاه إستجوابه الا مدخلا للضغط عليه لتنفيذ مآرب قوى تريد ان تفرض وصايته عليه للحصول على مكاسب او درجات وظيفية او انه حرمها منها في مراحل سابقة وهي تضمر له العداء للايقاع به، لكنه سيخرج في كل الاحوال سالما ويده بيضاء، وهو متأكد من نزاهته ومن ان شخصيته الواثقة من نفسها لاتنزل الى مهاوي توجهات من هذا النوع، سبق ان عرف آثارها الضارة على مستقبله منذ ان كان نائبا له دور فاعل ومؤثر في البرلمان، حتى تقلد منصب وزير لوزارة مهمة مثل التربية ، ونجح الرجل في إدارة الوزارة ، وكانت له إضافات نوعية وإسهامات مشهودة ، كانت تحسب له، على انه أسهم في رسم معالم مرحلة من التربية أكثر تطورا ، وبإسلوب مرن ، دون أن يخل بقواعد التربية وأسسها، وتجاوب مع الظرف الصعب ومناشدات الالاف من الطلبة وأبدى تعاونا مع أكثر تلك المناشدات أسهمت في التخفيف عن كاهل الطلبة، مثلما اسهم في رفع شأن المستوى التربوي عموما ، وأثبت نجاحا مشهودا له على أكثر من صعيد. 
3.     ان المقترح الذي طرحه السيد وزير التربية نظام ( 4 × 4 × 4 ) والأصح انه اذا ما تم احتساب المرحلة الجامعية التي هي من اختصاص وزارة التعليم العالي فسيكون كالتالي ( 4 × 4 × 4 × 4 ) أي ان النظام يبدا من المرحلة الابتدائية وينتهي بالاعدادية لكن بالامكان إمتداده حتى ينتهي بالمرحلة الجامعية التي هي أربع سنوات كذلك ، وقد يشمل في مرحلة لاحقة الدراسات العليا باعتبار ان مرحلتي الماجستير والدكتوراه 4 سنوات، فيكون النظام كالتالي (4 ×4×4×4×4) اللهم الا فسره بعض رجال الدين على انه يتوافق مع نظام (تعدد الزوجات) حتى يكون بمقدور الرجل الزواج من أربعة، للتخلص من وجهة نظرهم من شرور (العنوسة) الظاهرة الأخطر في المجتمع ، بالرغم من أن رب السموات والارض لم يطلق هذا التوجه جزافا، ووضع له (مقيدات) كثيرات، وشروطا قاسية حتى لايتحول الى نظام اعتيادي، لأن الأصل هي (الزوجة) الواحدة، لكن وتسهيلا للحياة ولعدم حرمان الكثيرين ممن وهبهم الله المقدرة والمال والمنزلة أو من توفيت زوجاتهم أو مرضت أو لأسباب خارج الارادة، يمكن له ان يصل عدد زيجاته الى (4 ) ، وإن عرضنا لتعدد الزوجات هو من باب المزاح ليس إلا. 4.     يحتاج النظام المقترح ( 4 × 4 × 4 ) الى مختصين تربويين يعرضونه من على منابر وسائل الاعلام أو من خلال حلقات النقاش، لكي تتم مشاركة المختصين وعموم فئات المجتمع ليكون لها دور في إنجاحه والاطلاع على الملاحظات والعقبات التي قد تعترضه، ويتم طرح النظام لأغراض تهيئة الرأي العام والأجيال بمضمون النظام الجديد ، للتمهيد لمراحل تطبيقه وفق رؤية متفتحة ، ولكي لايحاول البعض ان يفرض وصايته على مناهج وأسس التربية ويقف حجر عثرة دون تطويرها، أما إذا بقي النظام داخل اللجان وضمن أنشطة المختصين، دون ان يعرض على وسائل الاعلام فقد تنبري جهات كثيرة للعمل على إسقاطه او خلق (شوشرة) عليه ويؤجج البعض الفوضى وحملات الاثارة الصاخبة لكي لايرى هذا المشروع النور، إن كان قد طبق في دول أخرى متطورة وأثبت نجاحا، أما في حالة بقاء دول المنطقة على نظمها التربوية السابقة فأن من الصعوبة تطبيق نظام لايتوافق مع الدول المجاورة أو دول المنطقة على أقل تقدير. 
 هذه ملاحظات وددنا طرحها على انظار السيد وزير التربية الدكتور محمد اقبال ، ايمانا منا كإعلاميين وباحثين لدينا خبرة في مجالات من هذا النوع ، في أن نسهم مع وزارة مهمة مهتمة بتربية النشيء والاجيال ووزيرها الاستاذ محمد إقبال ، لتكون لنا إسهامة في إنجاح هذا المقترح او النظام التربوي الجديد ، كونه نظاما جديدا، يحتاج الى مشاركة كل الخيرين ومن لديهم إسهامة في نشاط البحوث والدراسات ، وبخاصة في المجال التربوي والإعلامي، للعمل مع وزارة التربية في الوصول بنظمها التربوية والتعليمية الى ما تتمناه الأجيال للمرحلة المقبلة من تقدم ونهوض، والله من وراء القصد.

أحدث المقالات