18 ديسمبر، 2024 11:14 م

لايختلف إثنان على تغول الفساد في مؤسسات الدولة العراقية، حتى نلنا المراتب الأولى بين الدول الأكثر فساداً في العالم، ولا نغالي إذا قلنا أن الفساد اليوم لايقل خطراً عن الإرهاب بكل أشكاله وألوانه، إن لم يكن وجهاً من وجوهه، ولاسيما أن الأرهاب يدخل من منافذ الفساد في إستباحة دماء العراقيين مقابل ثمن.
ولو إستعرضنا مواطن الفساد، التي إستنزفت موازنات البلاد الإنفجارية حتى أوصلتها الى فرض حالة التقشف، والإقتراض، والإذعان لشروط المقرضين، لوجدناها تدور حول مشاريع وهمية، وصفقات مشبوهة، وهدر للمال العام تحت عناوين لاوجود لها على أرض الواقع، الى جانب الفساد الإداري الذي يشكل الضلع الآخر للفساد.
من هنا، تتحدد الجهة المسؤولة عن الفساد الذي بات ينخر في جسد الدولة العراقية، أو لنقل بلغة فيها بعض التعيين أنها تتحمل الثقل الأكبر منه.
ودعونا نحاكي العقول والأفكار من خلال تساؤل مجرد من كل صبغة سياسية، أو أي شكل من أشكال المعارضة : من المسؤول عن ضياع مليارات الدولارات من خزينة العراق ؟ .. وهذا المصطلح ” ضياع”، غير موجود في القواميس الدولية، لكننا نستخدمه هنا للتعبير بصيغة مهذبة لفعل آخر، ثم ننتقل الى تلك الهتافات التي كانت تطلقها الجماهيربحثاً عن معتقلين غيبتهم السجون، وعن إنتهاكات حصلت وتحصل بحق أسر وعوائل وأفراد بذريعة حفظ الامن والنظام، وبخلاف القانون والدستور، من المقصود هنا تحديداً، ومن المقصود كذلك بمشكلة البطالة التي طالما صدحت حناجر المتظاهرين من أصحاب الشهادات وغيرهم للمطالبة بفرص عمل، ومن المعني بالمشكلة الأزلية للكهرباء الوطنية التي أنفق عليها عشرات المليارات من الدولارات ولم تزل قطوعاتها تشكل عبئاً ثقيلاً على المواطنين، خاصة في فصل الصيف الحار، وماذا عن مشكلة المجاري وغرق الشوارع مع أية زخة مطر؟، وأين الحصة التموينية التي تزتنزف المليارات من دون أن تصل الى المواطن كاملة مكملة وفي مواعيد ثابتة؟.
من المسؤول عن السياسة الإقتصادية في البلاد، ووضع الخطط المرحلية والستراتيجية، وما طبيعة النظام الإقتصاي السائد اليوم، وما البرامج لمعالجة مشكلة الفقر المتزايدة في المجتمع العراقي؟.
نسينا حملة الإعمار الموعودة، وأموال الدول المانحة، ولم نر أثراً جديداً للتغيير لافي البنى التحتية، ولا الفوقية، ولا أي منجز عمراني يمكن الإشارة اليه بإنبهار أو مجرد اشارة عابرة.
نسينا كذلك الإحصاء السكاني، وما يترتب عليه من برامج وخطط، فيما أخذنا الواقع الأمني المتداخل الى مزالق التغيير الديموغرافي، وتشكيل مناطق نفوذ خارج سيطرة الدولة.
بقي الكثير ممن لم نذكره، لكننا في المحصلة نصل الى أن الإصلاح لابد أن يبدأ بالسلطة التنفيذية، التي تتحمل كل أشكال الفساد الذي أصاب البلاد بالشلل التام، وأية محاولة بائسة لتغيير وجهة الإصلاح، ستكون مخيبة وبلا جدوى.