18 ديسمبر، 2024 10:58 م

الكثرة تغلب الشجعان في البرلمان

الكثرة تغلب الشجعان في البرلمان

منظر السيدة النائب حنان فتلاوي وهي تؤشر باصبعها على نتائج التصويت على اقالة الدكتور خالد العبيدي تبين مدى الاستهتار بالديمقراطية ومدى التشفي الذي يوجع القلب رغم ان الاقالة حالة ديمقراطية . ولكنها ومع الاسف عكست ذلك الغل وتلك الكراهية لسلوك النواب في فرض تقاليد واخلاق هي ابعد ماتكون عن المجتمع العراقي .
صوت النائب السيدة عالية نصيف في الجلسة التي سبقت جلسة الاقالة تذكرنا بفلم الرسالة وصيحات هند زوجة ابو سفيان وهي تستنهض الهمم في النيل من جيش المسلمين . صيحات نصيف امر واقسى من صيحات هند . لان هند في عقيدتها اصدق من نصيف في الاطاحة بالعبيدي .
العبيدي واحد من الدروس التاريخية وقد حجز مكاناً مرموقاً في صفحات الكتب وفي قلوب العراقيين . قد يكون العبيدي في وزارة كما اي وزارة فيها فساد وفي زمن صار الفساد عنوان لكل موظف حكومي في العراق وهو متهم فيه الا ان يثبت برائته وان كان سياسي فهو بري وله ان يسرق تحت مظلة القانون .
وعندما نذكر الفساد لايجوز ان نتهم عراب الفساد المجهول فحسب وانما هنالك منظومة كبيرة من الاحزاب والتيارات والكتل التي دعمت هذا الفساد وان مؤسسة البرلمان هي من شرعنت ذلك الفساد لطوال السنيين وضياع اكثر من الف مليار ليس مسؤولية  العبيدي لانه رفض مساومات نصيف والجبوري والنواب .من اقال العبيدي ليس فضحة للبرلمان . فالنواب ادوات ويقبلون بالهزيمة والشتيمة وفضحهم ليس ذي اعتبار ما زال هم ادوات . منظر النواب وهم يطالبون العبيدي باسماء الفاسدين من النواب هم اول من طالب باقالة العبيدي . والتاكيد يولد الشك في منظر هولاء الذين يحومون على العبيدي مثل الاسود يحملون الموبايلات للتصوير والتسجيل واذا بهم ذئاب مفترسة نهشت عظم من افتضح زملائهم فكانوا ان صوتوا لنصرة خصومهم وبغضاً بمن يتجرا مستقبلاً ويفضح النواب .العراقيين على قناعة بان البرلمان فاسد ولكن العراقيين ليس على قناعة بان العبيدي فاسد والعراقيين على قناعة بان البرلمان تضامن مع نفسه ونصر نفسه وهو المتهم بالفساد على سحب الثقة من العبيدي .
بعض النواب هم مع العبيدي ضد الفاسدين لكنهم ضد العبيدي في المساس في قدسية النواب  وان كانوا فاسدين فغلبت العصبية وضاع الحق وانتصرت الحزبية والقبلية فجبور اكثر من عبيد في البرلمان  .
والعبيدي لاينتمي لحزب قوي او كيان قوي او لديه نفوذ سياسي قوي او عسكري قوي رغم انه زعيم اكبر مؤسسة عسكرية لكنها في زمن الديمقراطية لاتعني شيء لميليشيا يقودها ابو ثرب باقري نجفي مثلاً . 
نعم خسر العبيدي بسبب التوازنات فاجتمع عليه ابناء قريش والغادرون ممن يسيرون على نهج الطائفية والكراهية  والسرقات والمساومات فانسحب العبيدي ليذهب للشارع ويقول انا وحيداً فريداً بينكم فهل من ناصر ! فتعالت صيحات (علي وياك علي) التي اغضبت المالكي واخرين ممن يريدون ان لا تتجير تلك الشعارات لغيرهم . بعض قيادات الشيعة لازالت تعتقد في العوام هم عمودهم الفقري وقوتهم وهم واهميين بعد ان دمروا ذلك الحلم . فالشيعي يقول للسيخي والهندوسي والبوذي واليهودي والمسيحي علي وياك علي  فما باله لايقولها للسني والكردي ولكنه يتحرج ان يقولها ثانية لشيعي بعد سنوات الفشل والضياع . واصبح عوام الشيعة على قناعة ان علي لن ينتصر لهولاء الذين خذلوا طائفتهم طوال تلك السنين  .علي وياك علي للاغلبية التي اقتنعت بسلوك العبيدي المهني والاخلاقي في ادارة مؤسسة عسكرية اختلف على قيادتها لسنوات فكان العبيدي بعقليته المهنية والعلمية ان يحارب الطائفية والفئوية والقبلية فحقق مقدار من النجاح نال به رضى عوام الشعب والنخب الدينية وبعض السياسين  والشيعة تعاطفوا مع العبيدي كاي تعاطف اخلاقي وانساني وهم لم يراهنوا عليه في زمن غابت الرهانات وفشلت فالشيعة الذين راهنوا على الاسلام السياسي خسروا وشعروا بالاحباط والياس والهزيمة فما الضير من التعاطف مع وزير وان كان اخطا . فسياسي الشيعة ارتكبوا الكوارث تلوا الكوارث ولازالت لهم فرصة او يريدون فرصة . ولكن العبيدي لم تتهيء له نفس الفرصة  .العبيدي  يعاني من السياسيين الموغلين بالحقد والبغض والحسد فمنهم من يحسد  ويريد ان يكون بديله ومنهم من يريد الابتزاز ومنهم من يريد اجندة حزبية ومنهم من لديه ضيق الافق العشائري  حتى وان اختلف او اقترب مع العبيدي طائفياً  .
البرلمانيين الذين صوتوا للعبيدي على خلق عظيم وشجاعة فائقة قل نظيرها في فهم الديمقراطية والوطنية والبسالة وفي عدم الخنوع والخضوع لراي رؤساء الكتل والجمهورية الاسلامية الايرانية . والذين صوتوا ضد العبيدي فاما هم مبغضون فاسدون او طامعين بالسلطة او انتهازيون او اذلة خانعون لرؤساء الكتل او تبعية للجمهورية الاسلامية خصوصاً بعد زيارة الجبوري قبل الاقالة بيوميين ومنها صدر القرار واصبح الجبوري على يقين . وبين امل اهل النفوذ والقوة من النواب الفاسدين  وامل الجماهير  يبقى الدكتور حيدر العبادي هو بقية رهان الخير والحق في عدم تنفيذ قرار النواب في اقالة العبيدي .
[email protected]