يشكو الناس على مختلف اصنافهم من الركود في حركة البيع والشراء، اينما تذهب في الاسواق تواجهك الحركة الكثيفة ذاتها اصحاب المحال يشكون بانهم على وشك الافلاس ومبيعاتهم لا تسدد الايجار كذلك المواطنون الذين فرغت جيوبهم يتذمرون من نقص السيولة وتأجيل تلبية متطلبات حياتهم اليومية التي بعضها ضرورية وملحة وفي الواقع الحكومة اتخذت عدة خطوات لتحريك الاسواق والعمل وتنشيط المشاريع الاقتصادية والتجارية، ومنها القروض الى المصارف الرئيسة الثلاث في القطاعات الصناعية والزراعية والعقارية بتخصيص ما يقرب من ستة ترليونات دينار وباشرت بالفعل في منح هذه القروض ولكن الامر يسير ببطء والسوق عطش الى المال الذي يحركها وبمثل هذا الروتين ستضيع هذه التيرليونات اذا ما منحت على دفعات صغيرة..
ان الاقتصاد الوطني بحاجة الى ان تضخ فيه هذه الاموال باقصى سرعة كي تحدث تأثيرها وفعاليتها والا سيبقى الحال على ما هو عليه وتتفاقم مشاكله.
الواضح ان الاجراءات الحكومية غير كافية وتزداد المطالب الفئوية لتسديد ما بذمة الحكومة من ديون للفلاحين الشريحة الكبيرة والتي سوقت محاصيلها منذ سنتين الا انها لم تقبض ثمنها، وهي في مثل هذا الحال لا تتمكن من استئناف الموسم الزراعي المقبل الذي يحتاج الى تمويل وسداد الالتزامات، ومتى ما اوفى الفلاحون والمزارعون بالتزاماتهم فان ذلك سينعكس ايجاباً على بقية القطاعات الاقتصادية الاخرى فهذه الطبقة لها ارتباطات اقتصادية مع شرائح اخرى تنتظر منها المباشرة بالموسم الزراعي والايفاء بالديون التي عليها.
ومن المهم والملموس الذي يؤثر في حركة الاسواق هو الاسراع في اقراض المواطنين لانعاش سوق العقارات الذي فقد في بعض المناطق ما يقرب من 40% من قيمته ولكن الجهات المسؤولة عن هذا لا تزال تعمل بآليات روتينية وبيروقراطية فاسدة يسمع عنها الكثير، تقضم جزءاً لا يستهان به من مبلغ القرض.
ان انعاش القطاع الانشائي سيسهم في ازدياد الطلب على اكثر من 200 مادة تدخل في صناعته ، الى جانب انه سيسهم في تطوير الصناعة الخاصة به عملياً والاستغناء عن الاستيراد، وهو يحتاج الى عمالة بكثافة ستعين الحكومة على توفير فرص عمل للعاطلين فيه ، وما الى ذلك مما ينشط الاقتصاد الوطني.. ويحسن الحالة المعيشية لعشرات الالاف من العاملين.
قبل ان تتأكل الاجراءات المتخذة وتقل فاعليتها اذا ما بقيت منفردة وغير متكاملة مع بعضها، فان العمل الجاد لاسترداد السوق لعافيته يتطلب ان تتخذ هذه الاجراءات في حزمة واحدة ووقت واحد، وتعمل في اقصى سرعة لانتشال الفاعلين والناشطين الاقتصادين من الافلاس او الانحدار الى الفقر.
مثل المجتمع العراقي الذي يعاني من استشراء الفقر فيه، ويعاني ثلث مواطنيه من شظف العيش تحت خط الفقر، ولا تتوفر نسبة اخرى منه الحد الادنى من الرفاهية، فان هذه السياسات السائدة الان قد تفجر توترات اجتماعية عنيفة تحرق الاخضر واليابس لقد نفذ صبر الناس، كل الناس الفقراء والطبقة الوسطى ، في الوقت الذي تستفحل ظاهرة الفساد الذي بالغ فيه كبار المسؤولين في الدولة.