لاشك ان أي بلد يقف على قدميه في العالم هو بلد لديه مؤسسات تربوية وتعليمية راشدة تبث الوعي والحياة في جميع مفاصل المجتمع , هذه المؤسسات بدورها تستقي معلوماتها ومناهجها من اساتذة ومفكرين مختصين بهذه الشؤون يرفدونها على الدوام بمختلف الافكار والرؤى التي تتناغم مع التغيير المستمر في الحياة ومواكبة التطور الكبير والسريع , أي بلد لا يولي اهمية كبيرة وموازنة خاصة للتعليم فأنه سائر لا محالة الى الانزلاق في فوضى الجهل والخرافة والفقر والمرض , التعليم هو جذر الوعي وكلما كانت مناهجه رصينة ومفاهيمة عميقة ومتناسقة مع الواقع كلما كان التعليم أفضل واكمل, والمجتمع أصح وأسعد ,,لذا الكثير من بلدان العالم تضع التعليم في سلم اولوياتها, وترصد له ميزانيات خاصة , قبل ايام رأينا السيد عمار الحكيم يوجه دعوة لوزارة التربية العراقية من اجل ادخال ثقافة الشهادة الى المناهج الدراسية ! لا أعرف ان كان الحكيم لديه مستشار فكري او ثقافي او سمهِ ما شئت !
اذ كيف يمكن للقادة العراقيين ان يطلقون الدعوات جزافا وبلا ادنى تروي ولا استشارة ؟ لماذا ادخال الشهادة الى المناهج الدراسية بدلا من الدعوة الى ادخال ثقافة (دور العقل) لماذا لا تكون هناك دعوة من اي زعيم عراقي لتفعيل دور العقل والعقلانية في المجتمع العراقي ونبذ ثقافة القطيع والتفكير بالنيابة ؟ بلاشك ان مثل هذه الدعوة تقلق الحكيم والقادة الاخرون لان المجتمع اذا تعقّل وتأمل وفكّر بعقلانيه فأنه سيرفض الحكيم ويرفض كل القادة العراقيين ويرفض امثال هذه الدعوات التي تحاول الى تفخيخ المناهج الدراسية من خلال استخدام مفهوم لامع ومقبول في ذهنية الشعب العراقي , الشهادة ليست غاية بل هي نتيجة وهذا ما يجب ان يفهمه الجميع , يجب ان تكون هناك دعوة للحياة وتغليب لغتها على الموت المنتشر في الازقة والشوارع , في بلد احصائيته الرسمية عن الارامل تقول 850 ألف ارملة بلد مثل هذا يجب ان يعاد النظر بمفاهيم كثيرة بدلا من الدعوة الى ادخال مفاهيم جديدة للدراسة ,لا أريد ان اقول ان الشهادة امر مرفوض ابدا لكن ان تكون في المناهج الدراسية فهذه مصيبة كبيرة وخلل خطير يؤشر على جهل الزعماء او مكرهم في استخدام هذه الاساليب, كما اننا ندرك جميعا نا الشهادة جزء لا يتجزء من تكوين ونسق الثقافة الشيعية بالذات وهذا مالم نتعلمه من المدارس لان تاريخ التشيع هو أحمر قانٍ فلماذا هذه الدعوة والمزايدة ؟
,نحن بحاجة الى ادخال ثقافة (من اين لك هذا) ونبذ ثقافة التخريف والجهل والاتكاء على مجد الاباء والاجداد وبناء امبراطوريات دينية باسم الدين والمذهب , نحن بحاجة الى ادخال ثقافة الوعي والنقد والتحليل والتساؤل وعدم التسليم المطلق للدعوات التي يطلقها كائنا من كان , وعلى القادة العراقيين ان يستعينوا بمفكرين ومثقفين قبل ان يطلقوا ارائهم التي تعبّر مع شديد الاسف على انحدار فكري كبير , وهذا طبيعي لان الكثير من المجتمع العراقي يقدّس الاشخاص لا الافكار وهذا ما يجعل هؤلاء القادة يتحدثون بهذه الطريقة , اننا اليوم بحاجة ماسة الى ادخال ثقافة الحياة ونشر الحب في اروقة المدارس وجعلها تنبض بالحب والخير والتسامح ,لتكون للحياة قيمة ومعنى في نفوس الناس بدلا من الحديث عن الشهادة والموت في مقتبل العمر , اؤكد ما قلته ثانيةً ان الشهادة نتيجة وليست غاية كما يعلم الجميع لان الاصل في الجهاد هو طلب النصر , ولا شك ان الشهادة منزلة عظيمة لاينالها الا ذو حظ عظيم.