من يقرأ الواقع الحالي ويتمعن فيه، يستخلص وبما لا يقبل الشك، ان الارهاب المسمى بداعش، في العراق، بدأ بالانحسار والتلاشي، وان حسم امره قاب قوسين او ادنى، ولنفرض جدلاً ان هذا كله وقع اليوم، حسناً ما التالي؟، ماذا ينتظرنا غداً؟، هل نقعد نتلاوم ونتعاتب فيما بيننا على الماضي، هل يركن كل واحد منا في زاوية الـ “اني شعلية”، هل ننام “نومة اهل الكهف” لنحلم بمستقبل زاهر؟.
المسؤليات القادمة تتطلب منا جهداً اكبر وتحديات اكثر، ولا تقف عند رفع العلم العراقي في المواضع التي احتلها الارهاب، فبرغم الجهد العسكري الفذ الذي يبذله الابطال في هذا البلد، وبرغم الانتصارات المتحققة تباعاً هنا وهناك، الا ان الامر يحتاج لجهد لا يقل قوة وحزماً عن الجهد العسكري، فكل داء سرطان يضرب جسداً ما، يحتاج الى علاج قوي للقضاء عليه، ومن ثم بعد ذلك يحتاج الجسد الى مراجعة دورية للطبيب واخذ بعض العلاجات التي تستأصل منابت وحواظن الداء، وبالتالي، فإن الفكر المتطرف الذي غرسه الارهاب في العراق قد قطعت سيقانه، وبقيت جذوره، وهنا يبرز دور العلاجات التي اشرت اليها سابقاً، واذا ما اهملها الجسد، عادت “حليمة لعادتها القديمة”.
حاجتنا بعد القضاء على داعش، الى النهوض من جديد واعادة تأهيل ما دمره، وردُّ روح البلد اقتصادياً وأمنياً وسياسياً، حاجة ملحة، والكل يروم الوصول اليها، حاجتنا الى ذلك توازي حاجتنا الى استئصال ورم الارهاب من جذوره، لكيلا نصحوا بعد حين من الزمن على كابوس جديد، فالكابوس الحالي لم يقصر بشيء، ورعبه وظلمه وبطشه دخل عنوة الى كل بيت عراقي، وسلبه المال والبنين وراحة البال، وأتت نيرانه اُكلها..
اذن.. بات على الجميع ان يعي امراً مهماً، ان الايام القادمة ستكون حبلى بالتحديات، واولى هذه التحديات ، هو ان القضاء على الارهاب يحتاج الى رصاصة وفكر سليم، بندقية وعقل طاهر، دبابة واسلام بريء من التطرف، وحذار ان تلدغوا من جحر مرتين، فكلنا ينتضره مخاض صراع كبير حول هذا المصير.