خلال اشهر من الان ، ونحن نقف مرة اخرى امام صناديق الاقتراع لانتخاب اعضاء جدد لمجالس المحافظات الغير مرتبطة باقليم ، وبموجب الفقرة رابعا من المادة 122 من الدستور النافذ لعام 2005 ، وبموجب القانون رقم 21 لسنة 2008 المعدل ، ولو استعرض اي منا المنجزات التي قدمتها مجالس المحافظات لمحافظاتها لوجدنا ان هناك بون شاسع بين مقاصد الدستور والقانون رقم 21 انف الذكر وبين ما هو حاصل على ارض الواقع ، فقد قصد المشرع وفق المادة 2 فقرة اولا تحميل المجالس صلاحية سلطة التشريع والرقابة في المحافظة ولها حق اصدار التشريعات المحلية بما يمكنها من ادارة شؤون هذه المحافظات ، اي ان المشرع راى ان اعضاء المجالس هذه يجب ان يكون لها القابلية والقدرة على وضع قوانين محلية بتعبير اخر ان يكونوا على مستوى لائق من المعرفة بكافة شؤون الحياة ومداخلاتها كي يكونوا مشرعين لقواعد قانونية محلية واجبة التنفيذ ويعاقب من يخالفها ، اي افترض المشرع ان يكون عضو المجلس ملما بابسط قواعد القانون كي يبني في ضؤها قانون جديد ، فهل تحقق ذلك في دورات المجالس السابقة ، وهل قامت ولومحافظة واحدة بالاتيان بما قصده المشرع ، وشكل بذلك سابقة يعتد بها ، الجواب عند كل عضو في هذه المجالس والشهادة عند مواطني تلك المحافظات، ، من خلال المظاهرات والاحتجاجات الشعبية ،نجد ان جواب الشادع يوحي بعدم تحقق ذلك والا تكون المظاهرات ترف اصاب المواطن من كثرة الخدمات ويطالب بالمزيد .سادتي منذ لحظة التفكير بمنح الصلاحيات للمحافظات كان الاولى بالمشرع ان يترك فترة انتقالية للمحافظات ، تجرى خلالها عملية اعداد لكوادرحزبية تدخل الانتخابات وهي معباة بمعلومات واوليات الادارة العامة وادارة المحافظات ، وان يصاحب ذلك عمليات اعداد شباب جامعي مؤهل لان يسايير عملية انتقال المحافظات ، من نظام المحافظ المعيين وفق مسلمات النظام الشمولي الى محافظ منتخب لا خلفية له سوى انه من هذا الحزب او تلك الكتلة ، ان حرق المراحل ، اثبت بطلان المسلمات التي بدا بها لذا فوجئت المحافظات باشخاص وقفوا صامتين امام مستلزمات الادارة الناجحة والحديثة ، لا بل اضافوا الى سلبيات التجربة عوامل معيقة للعمل المنتج الا وهي الخلافات المستمرة بين اعضاء هذه المجالس ، والناتجة عن اختلافات الرؤى والمذاهب و المقاصد ناهيكم عن الاختلافات الجوهرية في المصالح الشخصية والمادية والتي حولت المجلس الواحد في المحافظة الى مجالس واني الاحظ كالاخرين انفضاض الناس عن تلك المجالس ، لا بل اخذت تشهر بها على الملا ،نتيجة للخلافات الشخصية بين اعضائها والذي انعكس على الدوام سلبا على الخدمات والتعليم والصحة وغيرها من مستلزمات حياة المواطن في المحافظة ، وابسط دليل على ذلك عدم استقرار مجلس محافظة ديالى ، وقبله بيع المناصب في مخافظة صلاح الدين ، واليوم الخلافات تعصف في مجلس محافظة الانبار ونينوى ، ان هذه السلبيات وما نتج عنها من فساد ، اثقل المحافظات بالمشاكل ، الامر الذي يدعو مجلس النواب لدراسة قانون المحافظات من جديد وقبل الانتخابات القادمة والعمل على تغيير الشروط والمواصفات التي يكون عليها عضو مجلس المحافظة بما يضمن صعود حملة الشهادات الاولية الجامعية وان تكون مواصفات النزاهة والكياسة قبل كل شئ وان يكون العضو من غير السياسيين لان مجالس المحافظات هي مجالس ادارية فنية قبل ان تكون سياسية وعلى الناخب في المحافظات بعد هذه التجربة المريرة ان لا يدلي بصوته الا للمرشح النزيه والكفوء…