الجماهير هي التي تصنع التأريخ وتكتبه، رغم وجود بعض حماقات أصحاب العقول الخاملة، الطامحة صوب الخلافة، وفي يوم قدسي بكل أشكاله، (حجة وداع، ولقاء خطير وأخير بالأمة، بوجود جماهيري كبير، وبمفترق طرق الحجيج، وإستعداد نبوي مهيب، لإعلان بيان البيانات، الذي تتنزل فيه كلمات قرآنية مقدسة لا جدال فيها “اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً” إنها البيعة الكبرى والغدير الميمون والعيد الأكبر فبخ بخ لك ياعلي.
قلوب اليتامى واقفة على أبواب الخبز الكريم، حيث الأمل يصبو لدولة إسلامية عادلة، فعلي أمير للمؤمنين عطوف رحيم بالرعية، لا يبحث عن الدنيا وزخارفها، ولا يخاف في الله لومة لائم، ولأن التعايش، والتسامح، والحب يبني الأوطان ويحقق العدالة، فقد كانت المبايعة له بالولاية والخلافة، همٌّ جمعيٌّ منتصرٌ للنبي ولأصحاب السريرة النقية الصادقة، أما سفهاء السقيفة فعاشوا في الماضي، لأنه رخيص كعقولهم السيئة السمعة، وإذا قُدر لنا أن نضع يدنا في ضمائرهم، فإنها ستخرج شديدة السواد.
إجتماع ملائكي جمع المسلمين بنبيهم (صلواته تعالى عليه وعلى آله) والذي هو أولى بهم من أنفسهم، وشهدوا بذلك علناً، فالقيادة ربانية، والإرادة نبوية قوية، وإيمان الموالين مطلق، وتوكل مكمل لصفات الولاية الكبرى، لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) حيث الشجاعة، والتقوى، والتضحية، والحكمة، ليحمل مشعل الإسلام الحقيقي بعد رسول الرحمة، ويتحمل مسؤولياته تجاه الأمة والإسلام، إنه العيد الأكبر الذي يحظى بالتقدير، والتقديس، والتكريم، حاملاً بشارة النصر لمحمد وآل محمد، على منبر بسيط تحوطه هيبة المتقين.
قمة النبوة تلتقي مع قمة الإمامة، لتتويج الوصي علي بن أبي طالب، ولياً وخليفة على الأمة، ولأن النبي الكريم محمد (صلواته تعالى عليه وآله)، يدرك تماماً أن الأمر بحاجة الى شهود كُثر، لينتشر الخبر من الداني الى القاصي، فالحج مؤتمر سنوي موحد، يجمع المسلمين من كل فج عميق، ووجود مائة وعشرين ألف حاج بمكان واحد، يعني لجم أفواه المنافقين، فلا يستطيعون محو شيء من الحدث، ليكون عيد الغدير لقاحاً إسلامياً خالداً، ضد تفاهات السقيفة الخائبة.