وضع وزير الدفاع خالد العبيدي النقاط على الحروف عندما فجر قنبلته الموقوته داخل قبة البرلمان ليكشف جانبا من عمليات السرقة والابتزاز التي يقوم بها البعض من اعضاء مجلس النواب الذين يتشدقون بالاصلاح.. ورغم ان العبيدي لايمتلك الخلفية السياسية التي تسانده في ما عرضه من اتهامات بحق المفسدين الا انه اعتمد على الخيرين من ابناء شعبه للوقوف الى جانبه ومساندته لكشف المزيد من عمليات الابتزاز والتلاعب بالمال العام .. ورغم ان وزير الدفاع حضر الى مقر مجلس النواب كمتهم الا انه وبذكائه استطاع ان يكون شاهدا على احداث وقعت مع سبق الاصرار والترصد .. وقد وجه العبيدي سهامه القاتلة الى المتهمين وهو في كامل وعيه مدركا ان عملية الاتهام ليست سهلة خاصة وانها استهدفت راس البرلمان سليم الجبوري فاصابت منه مقتلا جعلته يدور في دائرة مغلقة لايمكن الخروج منها الا بعد تقديم مايثبت سلامة موقفه مما ورد في اقوال وزير الدفاع من اتهامات ..
ورغم تشكيك الجبوري بالاتهامات الموجهة له واعتبارها مؤامرة تندرج ضمن منهج التسقيط السياسي الا ان العبيدي برأَ نفسه من هذه الاتهامات عندما لوح ان ما ورد في اتهامه كان بعيدا عن اي ضغوطات سياسية وان ما ورد في كلامه جاء في ضوء متطلبات المهنة العسكرية وما تمليه عليه من مباديء الشرف والاخلاص للوطن كونه مقاتل شأنه شأن اي مقاتل في جبهات القتال .. و كان رده على اتهامات الجبوري حاسما استطاع من خلاله ان يكسب رضا المواطن العراقي المتحفز للاسراع بتنفيذ الاصلاحات التي اعلن عنها رئيس الوزراء حيدر العبادي ومن بينها محاسبة سرَاق المال العام .. واعتبر مراقبون ان ما اعلنه وزير الدفاع داخل قبة البرلمان ثورة على المفسدين .. ورغم الايعاز الذي اصدره رئيس الوزراء الى هيئة النزاهة لاجراء تحقيق بما اورده وزير الدفاع من اتهامات بحق المفسدين الا ان المواطن العراقي مازال يشكك في جدية التحقيق واحتمال ان تجري مساومات لتسوية الخلافات وفق مبدأ ” شيلني وشيلك ” او ” عبرلي وأعبرلك ” لكن يبدو ان العبيدي قد ملَ هذا الاسلوب المقزز في التعامل مع قضايا مهمة تمس مصير الجيش العراقي باعتباره عسكري يحترم مهنته التي تلزم عليه ان يكون مخلصا وامينا على تنفيذ الواجب العسكري المؤتمن عليه وهذا الاسلوب يتناقض مع المباديء التي يؤمن بها السياسيون العراقيون المبنية على المراوغة والتظليل و تحقيق اكبر مكاسب شخصية خلال فترة تبوئهم المناصب .. وهي مناصب لم تأتِ وفق سياقات الكفاءة بقدر ما جاءت وفق نظام المحاصصة البغيض الذي دمر العراق .. ان ماكشف عنه العبيدي خلال جلسة الاستجواب يعتبر من الامور الجد خطيرة ولايمكن ان تمر مرور الكرام خاصة وان المتهمين لهم ثقلهم في الساحة السياسية العراقية وما اعلنه العبيدي يتطلب وقفة تأمل لدراسة الاتهامات دراسة معمقة لانها لم تصدر من مؤسسة اعلامية تعمل ضمن اجندة خارجية بل اتهامات صدرت من وزير عراقي مؤتمن على اكبر مؤسسة حكومية ..
ومن ثم عرض الاتهامات امام القضاء معززة بوثائق الادانة ليصدر حكمه العادل دون ضغوطات من اي جهة سياسية لان ما كشف عنه وزير الدفاع مسألة جد خطيرة تحدد مصير بلد بات على شفير الهاوية خاصة وان المتهمين بالفساد لهم صفة اعتبارية في حال ادانتهم ستكون سابقة خطيرة تتطلب فتح ملفات عديدة مازالت محفوظة في خزائن المساومات والتسويف .. وكان الله في عونك ياعراق