قضية مثيرة ومسرحية هزة مشاعر العراقيين ، ما جرى في محلس النواب كشفت عن الكثير من الذي لازال تحت التراب ،هذه لاتمثل الى نقطة من مياه الفساد المتلاطمة التي تنخر جسد الوطن وتحرق اليابس والاخضر، الفساد في العراق يعتبر من أعلى الدول في معدلات الفساد الإداري والمالي، وهو موجود بشكل ملحوظ في كل المرافق التنفيذية والتشريعية والقضائية في العراق، من القضاء، والوزارات الأمنية والخدمية، ويعتبر السياسيين الكبار في العراق الأوائل من ألذين تحاصرهم تهم الفساد، وبسبب ذلك يعتبر العراق مع عدة دول مثل أفغانستان و الصومال و اليمن و السودان و ليبيا من أكثر الدول في معدلات الفساد حسب إحصاءات المنظمات الدولية . المشاركون في الحكومة ليست هناك رغبة أو إدارة حقيقية لدىهم لمحاربة الفساد، فالمحاصصة السياسية والحزبية واحدة من أبرز الأسباب التي أدت إلى انتشار الفساد . كما ان الحكومة الحالية غير قادرة على وضع حد للفساد مادام لا يزال هناك صراع سياسي حاد بين الكتل السياسية للسيطرة على المراكز الاقتصادية المهمة في البلد لتقاسم الارباح .
هذه الاعترافات الصريحة لرجل في اعلى السلطة هي ليس بغريبة بل هي قضية معروفة مقدماً وهي تدل على إن المؤسس للفساد هو البرلمان ونوابه وكتله وأحزابه دون أي استثناء, فنلاحظ إن السمة الغالبة باتت هي لغرض التسقيط والضغط على الخصوم وليس من أجل الإصلاح, فالبرلمان فاسد ويؤسس للفساد, والوزراء فاسدين ومؤسسين للفساد, وقادة الكتل والأحزاب ومن يدعمهم من جهات دينية وغير دينية فاسدين ومؤسسين للفساد, والجميع إتفق على أن يتخذ من عنوان الإصلاح ذريعة لتسقيط الخصوم ولتصفية حسابات عالقة, فكيف يمكن لنا كشعب يطالب بالإصلاح أن نثق أو نتوقع حصول إصلاح من هكذا فاسدين ؟. .وعدم قدرت القضاء على توفير الحماية اللازمة للقضاة والقائمين على التحقيق يشجع الفساد في البلاد للتدخلات سياسية في تضعف دوره في محاسبة الفاسدين مما يلزم على تفعيل أجهزة الرقابة وحمايتها من التدخلات السياسية ووضع عقوبات صارمة ورادعة للحد من الفساد في البلاد . نحن لا نخفي التشائم بشأن إمكانية الوصول إلى الحقيقة ، متوقّعين أن يتم اللجوء إلى لملمت هذه الفضيحة على غرار فضائح كثيرة سابقة من بينها ما يتعلّق مباشرة بصفقات السلاح، مثل صفقة شراء آلات لكشف المتفجرات المزيفة التي مازالت تستخدم إلى حدّ الآن في شوارع بغداد رغم التأكد تقنيا من أنها لاتقل عن لعب الاطفال في شئ وأيضا صفقة أسلحة ضخمة مع روسيا سبق وأن ألغيت بسبب اكتشاف قضية فساد كبيرة متعلّقة بها وتجري بشكل ممنهج حماية المتورطين بالفساد في إطار ظاهرة معروفة تقوم على حماية المسؤولين لبعضهم البعض ضدّ المحاسبة ،
من منا لايعرف اليوم بأن مجلس النواب يمثل عائقاً مهماً امام تطلعات الشعب العراقي من خلال ايقافه تمرير القوانين المهمة التي تنتظرها الجماهير بفارغ الصبر لتحسين ظروفها المعاشية والاجتماعية والدفاع عن المظلومية التي طالت ابنائه من كل مكوناته ووقوفه بالضد امام ارادتهم وحقوقهم..ان البلونة التي فجرها وزير الدفاع خالد العبيدي في مجلس النواب اثبتت عدم وجود فرسان نبلاء في الساحة السياسية إلا القلة الضائعين وسط الامواج المتلاطمة ، معالجة الفساد تستوجب الخروج على المعهود والذي بات مألوفاً، والخروج على هذا المعهود لا قدرة لأحد عليه، خصوصاً إذا كان هو نتاج طبيعي لهذا السياق، ووجوده على قمة الهرم، أو في أي مفصل من مفاصل السلطة، جاء بتوافق ورضا الشركاء الذين رميت عليهم الكعكه ليتقاسموها، لا ليركلوها، بل كل القضية أن النخبة الفاسدة الحاكمة يصارع بعضها بعضا حول الغنائم وكيفية ديمومة السطوة ، وتتم تسوية الأمر في فيما بينهم في النهاية كما هي ممارساتهم دوماً وهذه ليست الخاتمة لان البرلمان لايحترم الشعب العراقي . السؤال الصعب كيف هو السبيل لمنع انزلاق العراق الي نفق التردي ؟ بكل صراحة لا يمكن للشعب أن ينتظر طويلا علي كل ما يفعله رجال السياسة ممن يقودون البلد من جهالة وعبث بهذا الوطن .