حل مجلس النواب ورفع الحصانة عن أعضاءه هو الحل الاخير الأمثل
اصيب مجلس النواب بتصدعات عميقة خلال السنة الحالية ولاسيما عندما فضح النائب مشعان الجبوري في شباط الماضي جميع المسؤولين في الدولة متهما اياهم بالفساد ، وما أعقبها من دخول المتظاهرين الى المجلس لمرتين وهروب اغلب النواب وإيذاء وإهانة البعض منهم ، كذلك الضربة القاصمة الاقوى التي وجهها الى المجلس متمثلا برئيسه وعدد من أعضائه وشتمه للمجلس واتهامه إياه بتدمير البلاد والذي حدث يوم الاثنين الماضي في مجلس النواب لدى استجواب الرجل الشجاع وزير الدفاع خالد العبيدي.هذه التصدعات لم تترك للمجلس اية هيبة او قبول لدى أبناء الشعب العراقي . الحل الأمثل ودون ضياع للوقت هو حل هذا المجلس البائس وذلك وفقا للدستور العراقي لسنة 2005 الذي ينص في المادة ( 64 ) منه على طريقتين أولاهما البرلمانية عن طريق قيام مجلس النواب بحل نفسه بنفسه وثانيهما الطريقة التنفيذية وذلك من خلال طلب رئيس الوزراء من رئيس الجمهورية حل مجلس النواب.
في الطريقة الاولى يحل مجلس النواب ، بالاغلبية المطلقة لعدد أعضائة ، بناءً على طلب من ثلث أعضائه ، اما الثانية فتتم من خلال توجيه طلب من رئيس مجلس الوزراء الى رئيس الجمهورية بحل مجلس النواب واجراء انتخابات مبكرة ، إذ ليس من حق رئيس مجلس الوزراء بمفردة حل مجلس النواب .بعدها يدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، الى انتخاباتٍ عامة في البلاد خلال مدةٍ اقصاها ستون يوماً من تاريخ الحـل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مُستقيلاً، ويواصل تصريف الامور اليومية فقط .حينها ترفع الحصانة المنصوص عليها في المادة ( 63 من الدستور) عن النواب التي تنص على عدم جواز القبض على عضو مجلس النواب وتوقيفه ، اي يجوز القبض على النائب بعد حل مجلس النواب وتوقيفه بتهمة ارتكاب احدى الجرائم سواء كانت هذه التهمة عن جريمة تم ارتكابها قبل نيله عضوية المجلس او اثناء العضوية ، وهو يعني ان عضو مجلس النواب يعامل معاملة اي مواطن عادي عند رفع الحصانة وفي هذه الحالة يمكن بسهولة احالة من اتهمهم العبيدي الى القضاء والنزاهة .
الطريقة الاولى من الصعب ان تنجح لأن اعضاء المجلس في أغلبيتهم لن يتجهوا الى حل المجلس وما يترتب عليه فقدانهم لامتيازاتهم ومنافعهم ، اما الطريقة الثانية فهي الأمثل والأقرب للتطبيق ، اي قيام رئيس الوزراء بتقديم طلب حل المجلس وموافقة رئيس الجمهورية ولكنني أرى انه ستقف أمامه عقبة كبيرة تتمثل بعدم موافقة من يدير دفة البلاد وهي الدولة الاكبر التي ترعى سياسة البلد وتوجه وتدعم رئيس الوزراء في القضايا الكبرى والمهمة وهي لن تقبل بحصول فراغ دستوري وإجراء انتخابات مبكرة لانها لاتتناسب مع سياساتها الحالية بأن تجري مثل هذه التغييرات في العراق والمنطقة قبيل اجراء الانتخابات الرئاسية الامريكية في نوفمبر القادم ، والجميع يتذكر كيف ان السفير الامريكي في العراق استفز وأعلن صراحة رفض بلاده إجراء انتخابات مبكرة عندما طلب ذلك السيد اياد علاوي في العام الماضي.
مع ذلك يبقى هذا هو الحل الأمثل لحل مجلس النواب الحالي ومن ثم إعادة انتخاب نواب جدد ومحاكمة كل من اجرم وأفسد وسرق من هؤلاء النواب من خلال محاكمات عادلة بقضاء غير مسيس ولا يتبع للكتل الكبرى او للحكومة كما هو اليوم. وذلك يتوقف على إرادة الشعب وضغطه على الحكومة بواسطة عدة قنوات ووسائل ومنها التظاهرات التي يجب ان تمارس سلميا ، وإلا فإن الجرائم سوف تستمر والفساد سوف يتطور ويتسع والمافيات ستبقى تعوث في الارض فساداً الى أجل غير معلوم.