تزوير الحقائق ومحاولة غض الطرف عن القاتل الحقيقي، هي جريمة بحد ذاتها بحق ضحايا الإرهاب، في العالم اجمع والعراق بصورة خاصة، فعندما يتغنى الإعلام العربي والعراقي، بعبارة “الإرهاب لا دين له”، فإننا لا نرى ذلك، إلا رقص على جراح ذوي ضحايا الإرهاب.
الذي يفجر ويقتل الأبرياء، هو شخص مؤمن بعقيدة راسخة في ذهنه هي عقيدة الوهابية، ويعتقد إن تفجير نفسه في وسط الأطفال والنساء والشباب، وغيرهم من الأبرياء هو السبيل لدخوله الجنة، التي رسمها له شيوخ الوهابية، إذن نحن أمام فكر متطرف وعقلية متخلفة، لابد من معالجتها فكريا ودينيا، بالتوازي مع المعالجة الأمنية والعسكرية.
محاربة الأفكار المتطرفة، مسؤولية علماء الدين من جميع المذاهب الإسلامية، والعلماء المعتدلين من الطائفة السنية بصورة خاصة، فلا بد من استنكار وتوبيخ أفعال هؤلاء، سواء في العراق أو خارجه، لكن ما نراه الآن هو إن السلفية الجهادية والجماعات ذات الافكار المتطرفة، بدأت بالتنامي والظهور العلني، في كل من مصر وسورية ولبنان وليبيا، في ظل تراجع لمحور الاعتدال الذي كان ممثلا بالأزهر.
الحكومة العراقية تتحمل أيضاً مسؤولية محاربة الإرهاب، فيجب أن تتعامل معه من جانبين، جانب الردع، وذلك بالعمل على تنفيذ إعدام المجرمين دون تأخير، من منطلق الآية الكريمة ((ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون)) فإنزال القصاص العادل بحق المجرمين، هو حق كفلته جميع الشرائع السماوية، والقوانين الدولية.
الجانب الآخر من مسؤولية الحكومة العراقية، هو تسليط الضوء نحو مركز هذه الأفكار المتطرفة، ومنابعها، ومطالبة المجتمع الدولي، بتجريم الفكر الوهابي الذي يدرس في المساجد السعودية ومنع الدعم المالي الذي يقدم للإرهاب من قبل دول الخليج عامة والسعودية خاصة، وهنا نشير لتصريح المتحدث الرسمي للداخلية السعودية عندما قال: مشاركة الحشد الشعبي في معركة استرداد الفلوجة من”داعش” فتحت الباب للتبرعات للتنظيم الإرهابي.
السعودية تزعم إنها تحارب الإرهاب، وإنها متضررة منه، لكن الواقع يثبت عكس ذلك، وهنالك عدة دلائل تثبت زيف زعمها بمحاربة الإرهاب، مثلاً هي تعتبر الحشد الشعبي تنظيماً إرهابياً، بينما الحشد هو من أوقف تمدد “داعش”، وكسر هيبتها، وهدم دولتها المزعومة، وأيضاً السعودية تمول المعارضة المسلحة السورية، وبعض المنظمات الإرهابية بحجة محاربة النظام السوري وهذه المعارضة تقتل وتفجر وتذبح ولا تختلف عن داعش بشيء سوى الاسم.
أخيراً، للإرهاب شيوخ وكتب ومساجد، إضافة للدعم المادي والمعنوي الذي يقدم له، ويكذب من يزعم أن لا دين له، ومن يقول بذلك فان هدفه تزييف الحقائق، وإبعاد التهمة عن المسبب الحقيقي للإرهاب، واستمرار نزيف الدماء، حتى يتمادى الإرهاب في إرهابه.