الكتابة عن الملوك و الرؤساء والشخصيات السياسية والاجتماعية مسألة جد خطيرة بل ومثيرة للجدل والخلاف في عالم اليوم قد تصل بالمتصدي لها بان يدفع ثمنا يصل الى حدود شخصيته وقد تكون الكتابة صحيحة او غير صحيحة لكنها في كل الاحوال تبقى حكايات طريفة تشبع نهم القاريء الذي مل السياسة للتعرف على المشاعر الشخصية لشخصيات كان لها الاثر الكبير في التأثير على الجماهير خاصة وان المواطن بات اكثر حاجة للعودة لروح النوادر والطرائف التي تعودنا سماعها في مجالسنا من اجل ان نخفف من قساوة واقع الحياة الاجتماعية التي نعيشها حاليا والتعرف على كوامن الشخصية القيادية التي سادت المنطقة عموما والعراق خصوصا ..زمان كان النظام الحاكم نظام ملكي وافراده محصنين لهم قدسيتهم ولهم عالمهم الخاص وكان اغلب السياسيين ضمن تشكيلة الحكومة هم ادوات منفذة لارادة واوامر الملك والعائلة الحاكمة .. كانت الحكومة في نظر الشعب حكومة عميلة تتبع ارادة وسطوة بريطانيا التي كان يسميها عامة الناس ” ابو ناجي ” وكان الشعب والجيش العراقي اكثر سخونة وتنافر مع النظام الحاكم ..وازدادت هذه السخونة اثر قيام ثورة يوليو في مصر عام 1952 التي اججت المشاعر الوطنية وتوجت هذه المشاعر بقيام عدد من العسكرين بتنفيذ انقلاب عسكري اسقط النظام الملكي واقامة نظام جمهوري عام 1958 في عملية لاتخلوا من وحشية وكان هذا التحول بداية لدخول العراقيين في صراعات حزبية متنافرة المباديء والمنهج اوصلت العراق الى الفوضى التي مازالت اثارها ماثلة حتى يومنا هذا تؤشر وجود خلل في تركيبة وبنية المجتمع العراقي والانظمة المتعاقبة على حكم العراق بعد سقوط النظام الملكي الذي كان زعماءه يتحلون بصفات وقيم نبيلة .. ولم يكن هؤلاء الملوك سراق ولم تمتد اياديهم الى المال العام .. وقد كان اول ملك حكم العراق الملك فيصل الاول انموذجا على ذلك فقد قضى الملك السنوات الأخيرة من حياته منهكا جسميا و عانى الكثير من تدهور صحته تطلب ذلك منه القيام بعدة سفرات الى العواصم الاوربية في محاولة لاستعادة صحته. . بالطبع اقتضى ذلك نفقات غير قليلة مما نتوقعه من رئيس دولة يعالج في خيرة المستشفيات وكان الملك فيصل لا يملك شيئا من متاع الدنيا و عندما حل في بغداد لم يجد بدا من قبول ضيافة تاجر يهودي فتح له بيته و اسكنه فيه وهو كملك و رئيس للبلاد تقدم لوزارة المالية بطلب تخصيص ما يلزم من المال لمعالجته في الخارج واحيل طلب الملك الى رئيس الوزراء توفيق السويدي وبعد التشاور مع زملائه الوزراء رفض طلب الملك .. قالوا انه يستلم راتبه و مخصصاته من الدولة و عليه كأي موظف آخر ان يدبر اموره. . وقال رئيس الوزراء ” لو ان الملك سافر في مهمة رسمية لدفعنا تكاليف سفره ولكن هذه مسألة شخصية تتعلق بصحته وعليه ان يتحمل هو تبعتها”
الواقع ان رئيس الوزراء كان على خطأ في هذا الاجتهاد . فالتدهور الذي حل بصحة الملك نتج عن تحمل اعباء مهمته الرسمية و قيامه بأعماله و بالتالي فكأي موظف او حتى أي عامل بسيط آخر يستحق ان يطالب الدولة بنفقات معالجته مما اصابه نتيجة عمله بل المطالبة بالتعويضات عن ذلك و لكن توفيق السويدي تمسك بموقفه الرافض و لم يبق للملك غير ان يذعن للأمر و يذهب للمعالجة على نفقته الخاصة من راتبه ذهب رئيس الوزراء لمقابلته في البلاط الملكي لآخباره برفض طلبه لنفقات المعالجة.. و سافر الملك الى اوربا للمعالجة الطبية على نفقته الخاصة ومات في الغربة فيما شهد العراق وبعد سقوط النظام الملكي وما تبعه من انفلات حالة من التفسخ و الفساد توجت بعد عام 2003 حيث تكالب السراق على سرقة المال العام بعمليات منظمة كان اخرها المناقشات العقيمة التي جرت داخل قبة البرلمان لزيادة مكاسب النواب التي فاحت رائحتها حتى زكمت الانوف اضافة الى المصاريف غير المنظورة لاجراء عمليات جراحية خارج العراق كلفت الدولة مبالغ باهضة فاقت مصاريفها بناء مستشفيات حديثة للفئات الفقيرة من ابناء الشعب الذين يعانون الفاقة والجوع وفقدان الخدمات .. مات الملك مقهورا مدحورا .. وعاش النائب ميسورا .. وكان الله في عونك ياعراق