23 نوفمبر، 2024 6:56 ص
Search
Close this search box.

إقتلوني ومالك ..ديدن دولتنا الفاسدة

إقتلوني ومالك ..ديدن دولتنا الفاسدة

قال الواقدي :في معركة الجمل دعا عبد الله بن الزبير إلى المبارزة ، فبرز إليه مالك بن الأشتر ، فقالت عائشة : من برز إلى عبد الله ، قالوا : الأشتر ، فقالت : واثكل أسماء ، فضرب كل منهما صاحبه فجرحه ، ثم اعتنقا فصرع الأشترُ عبدَ الله وقعد على صدره. واختلط الفريقان. هؤلاء لينقذوا عبد الله ، وهؤلاء ليعينوا الأشتر. وكان الأشتر طاوياً ثلاثة أيام لم يطعم ، وهذه عادته في الحرب ، وكان  شيخاً طاعناً في السن ، فجعل عبد الله ينادي : اقتلوني ومالكاً ، فلو قال : اقتلوني والأشتر لقتلوهما. إلا أن أكثر من كان يمر بهما لا يعرفهما لكثرة من وقع في المعركة صرعى بعضهم فوق بعض ، وأفلت ابن الزبير من تحته.

هكذا حالنا اليوم في عراقنا المظلوم .ساسة وحكام غالبيتهم لصوص باعوا نفسهم للشيطان .وما فضيحة مجلس النواب الأخيرة إلا غيضٌ من فيض.حيث فضح كلُّ فريق الآخر .فالأتهامات التي وجهتها النائب عالية نصيف للسيد وزير الدفاع كانت فوق الخيال والتصور.ولا يُعقل أن تكون جميعهاً مُلفَقة .إتهمامات كشفت وقاحة المسؤولين وإستهتارهم بشعبهم وبسمعتهم .وكانت إجابات السيد الوزير باهتة غير مقنعة. مع إني لست ممن يبرئ السيدة نصيف من المصلحة الشخصية بالأستهداف.فالنفس أمارة بالسوء إلا ما رحم ربي.والغريب في جلسة الأستجواب هذه, إن السيد وزير الدفاع تحول من مِسْتَجْجوَبٍ الى مُسْتَجْوِب. فكال التهم للسيد رئيس مجلس النواب وعدد من السادة النواب بصفقات فساد كبيرة لينتقم. وكأنه عبد الله الزبير في معركة الجمل حينما أخذ يصرخ إقتلوني ومالكاً .وإنقسم المجلس الموقر الى أكثر من فريق. وعمَّ الهرج والمرج, الذي أضنى السيد نائب رئيس مجلس النواب وأعياه ليتمكن من السيطرة وإستكمال الجلسة .وظهر هذا المجلس على حقيقته وكأنه سوق هرج .  فهذا يصرخ هناك. وذاك يصعد لمنصة الرئاسة هناك. وأخرى تولول وكأنها في حلقة الردّاحات !وعدد كبير من النواب كان ضجراً يريد الأفلات من نظرات السيد وزير الدفاع. لأنه يتوقع أن يوجه له تهمة فساد.أو لأن الأمر لا يعنيه. فما يعنيه الوجاهة والمكاسب والسلطة لاغير وليذهب الشعب للجحيم. نواب جلُّهم لا يصلحون حتى للعب المحيبس في المقاهي.وربما يصلحح بعضهم للتصفيق ولرقصة الجوبية .

والمصيبة العظمى إننا في بلد ليس فيه دورٌ للأدعاء العام. يحقق بوجدان في واحدة فقط من هذه التهم وأبسطها .أليس من العجيب أن يكون إبن أحد الشيوخ الذين بايعوا داعش, فرداً في حماية نائب رئيس الجمهورية السابق ورئيس كتلة سياسية وعضو البرلمان السيد أسامة النجيفي . فيدخل هذا الأرهابي المنطقة الخضراء ومعه أدوات الأرهاب .ليكون عيناً للأرهاب في أخطر مكان في العراق.

ولكن لن نتعجب فهذه هي الدولة الفاسدة.ولا نتعجب من تصرف السيد العبيدي. فقد سبقه عبد الله بن الزبير حين نادى إقتلوني ومالكاً. وهذا ديدن دولتنا الفاسدة. فعلى الأسلام السلام.ولكن من الأنصاف أن نحيّ السيد نائب رئيس المجلس لحياديته ووطنيته وتجرده عن الحزبية والأنتماء السياسي. فلقد كان عادلاً منصفاً في إدارة الجلسة. 

أحدث المقالات

أحدث المقالات