لم يتجرأ اي انسان مهما كان وطنياً و مخلصا بإن يتكلم عن حرب الارهاب و عن القوات الامنية بكل فصائلها دون ان يتخوف ، فيجمع مع هذا الاسم كلمات و كانها طلاسم فرضتها علينا المحاصصة الطائفية الكريهة ، مثل ذكر… القوات الامنية و الشرطة الاتحادية والشرطة المحلية و ابناء الحشد الشعبي و البيشمركة و ابناء العشائر ، وهكذا… فهو مجبور على ذكر كل هؤلاء ليثبت المتحدث بانه غير طائفي او عنصري .
اصبح لزاماً على كل مذيع و مراسل حربي و مقدم برنامج و كل سياسي و كل من يتحدث في موضوع العراق و الحرب مع الدواعش ، ان يذكر كل هذه المسميات ، كي لا يتهم بالطائفية او بانه غير مؤمن بوهم المصالحة الوطنية .لقد أشتملت تلك المحاصصة البغيضة حتى على توزيع المناصب و الادارات العليا و الدبلوماسية و غيرها من مناصب مفاصل الدولة المهمة والحساسة كلها ، بغض النظر عن الاختصاص او الخبرة او المعرفة ، يا لها من اكذوبة مررت علي الشعب العراقي ، بدء من الدولة التي جاءت لبناء الديمقراطية المزعومة كما تدعي . وهنا يطرح التساؤل نفسه : إذا كانت أغلبية العراقيين وممثلو كل الكيانات السياسية ضد المحاصصة ، فمن هو المسؤول عن اعتماد هذه النظام .؟ الجواب واضح بحسب رأي الكثيرين الذين يرون في المحاصصة اختراعا أمريكيا جاء به بول بريمر وفرضه على العراق وكأن العراقيين لم يعرفوا قبل 2003 أنهم منقسمون إلى شيعة وسنة وعرب وكرد!! وبطبيعة الحال فإن عدم وضوح الصورة عن أسباب المحاصصة ومسؤولية القوى السياسية المتنفذة عنها، يجعل إيجاد بديل لهذا النظام صعبة للغاية ويوفر الفرصه في نفس الوقت للقوى الرافضة للديمقراطية للاصطياد في الماء العكر وللترويج إلى ما هو أسوأ، حتى ينطبق على العراقيين المثل المعروف كالمستجير من الرمضاء بالنار .
إن نظام المحاصصة ليس اختراعا عراقيا وليس لبنانيا. فقد سبقت بلدان أخرى العراق في تطبيق نوع من المحاصصة في تشكيل الحكومات المركزية أو المحلية. والهدف هو التوصل لتمثيل متوازن للمجموعات السكانية المختلفة في مراكز اتخاذ القرار، ومن هذه البلدان سويسرا والنمسا وبلجيكا وقبرص قبل الغزو التركي وغيرها. ويُطلق أحيانا في الأدب السياسي على المحاصصة مبدأ التوازن أو مبدأ التناسب. والسمة المشتركة لهذه البلدان هو وجود تنوع ديني أو مناطقي أوثقافي أو لغوي وكذلك وجود أغلبية وأقليات الأمر الذي يعني وجود مخاوف من استئثار الأغلبية القائمة على أساس ديني أو ثقافي بالسلطة وتهميش الاقليات. وهذا السمة تنطبق أيضا على العراق حيث تعتبر السبب الرئيسي لنشوء نظام المحاصصة. ومن هنا فإن الموقف المزدوج لأغلبية السياسيين العراقيين تجاه المحاصصة لا يعود إلى السلوك الانتهازي لهولاء وتفضيلهم المصالح الشخصية والفئوية فحسب، وإنما أيضا إلى التركيبة المعقدة للمجتمع العراقي. وهذا ما يجب مراعاته في البحث عن بديل للمحاصصة.
يبدو ان هذا النظام البغيض وبصيغته الحالية في العراق قد وصل إلى مفترق طرق نتيجة احتدام الأزمات السياسية والاقتصادية والتحديات الامنية والارهابية ، مما يدفعنا الى البحث عن بديل ديمقراطي سليم ، لأنه يمثل البديل الأفضل مقارنة بالبدائل الأخري المتمثلة في العودة إلى النظام الاستبدادي أو الذهاب نحو تقسيم البلد الى اقاليم ودويلات صغيرة يتحكم فيها العرف العشائري والديني مما ينذر بحرب اهلية محتملة ..
كفانا الله وإياكم شرها .!