17 نوفمبر، 2024 9:37 م
Search
Close this search box.

“بزّون ” في مكانه المناسب      

“بزّون ” في مكانه المناسب      

خطف القط “لاري” الأضواء في بريطانيا إسوة بنتائج إستفتاء خروج المملكة المتحدة المدوي من الإتحاد الأوربي وإستقالة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون من منصبه وإختيار تيريزا ماي خلفأ له. تصدر مصير منصب لاري في 10 داوننغ كآكل للفئران أخبار تداول السلطة السلمي في بريطانيا. فلقد بدا وكإن هناك سيدين يتقاسمان أهمية هذا المبنى.. رئيس الوزراء والقط. الاول ياتي ويروح بالإنتخابات وربما يدفع ثمن أخطاء وخطايا ومغامرات مثل تلك التي دفعها كاميرون نفسه, والثاني غير مشمول بقواعد اللعبة الديمقراطية بل يبقى في منصبه حتى يحين موعد تقاعده. فهذه الوظيفة التي يحتلها “البزون” لاري تنطبق عليها كل قواعد السلوك الوظيفي التراتبي, فهو تكنوقراط لايدانيه أحد في تنظيف مقر الحكومة من الفئران وتقني بارع ومسلكي بحيث تبقى الحاجة ماسة الى خدماته سواء كان الحزب الحاكم من العمال أم المحافظين.ليس في الأمر غرابة. فبعض أهم الوظائف لا المناصب في  الدولة لاتحتاج أن تخضع لقواعد السلوك السياسي بحيث تشمل بالمحاصصة الحزبية أو تخضع لأمزجة  هذا المسؤول أوذاك. فمهمة مثل أكل الفئران حالها حال مهام تقنية وإدارية بالدولة مع فارق التسمية والمقامات على طريقة الأمثال تضرب ولا تقاس يفترض أن لاتحتاج من الوزير أو مافوقه او مادونه أن يحدث فوضى إدارية بإسم الإصلاح والتغيير.    البداية المؤسساتية لأي دولة تحترم نفسها وضوابط الوظيفة العامة تبدأ من وظيفة قد تبدو بسيطة بل وحتى في منظور البعض حقيرة مثل أكل الفئران. ففي حال بقيت الفئران بدون مطاردة فإنها بالتاكيد سوف تتكاثر وتكاثرها يعني تفشي الأمراض ومايترب على ذلك من نتائج كارثية خصوصا في حال اصبحت اوبئة. لهذا السبب حرص البريطانيون الذين لايوجد لديهم دستور “معلعل” مثل دستور موزمبيق الذي صوت عليه الشعب الموزبيقي بنسبة 80% بالهوسات والعراضات دون ان يطلع ولو على مادة من مواده بل حتى حرف من حروفه. أقول حرص البريطانيون على تثبيت هذه الوظيفة “القط آكل الفئران” ضمن المناصب الرفيعة في مبنى رئاسة الوزراء ولايتأثر بتغيير الرئيس.  فرئيس الوزراء قد لايقوم بوظيفته جيدأ مثلما حصل لكاميرون بينما القط لاري يؤدي دوره بفاعلية فهو “يأكل ويوصوص” فئران.لوطبقنا هذا المعيار وحده على ما هو حاصل عندنا فإن الفارق يبدو مذهلا. ففيما يحرص البريطانيون الذين هم كما قلنا بلا دستور يحتاج الى تعديل منذ 11 عاما  على إحترام بناء المؤسسات وعدم التحرش بثوابتها, فإننا وعند حصول أي تغيير وزاري أو حتى إداري فإن أول مانتحرش به هو قواعد المؤسسة الثابتة. فمن النادر أن تجد وزيرأ أو مسؤولأ رفيع المستوى يبقى معتمدأ على الكادر القديم في هذه الوزارة أو تلك المؤسسة. بل ما يحصل هو الأكثر كارثية حين لايقوم هذا المسؤول أو ذاك بجلب الكفاءات الافضل بل بتحويل الوزارة أو المؤسسة الى إقطاعية حزبية وطائفية وعائلية دفعة واحدة. ولأن البزازين “نجسة” في مفاهيم وتصورات العديد من الأحزاب الحالية فإنها أول ماتشمل بالفوضى الإدارية تحت شعار الإصلاح. المفارقة أن هذا يحصل في وقت تتكاثر فيه .. القطط السمان.    

أحدث المقالات