برغم كل ما جرى وما يجري من أحاديث جانبية هنا وهناك، من أن القوات العراقية من شرطة وجيش والأجهزة الأمنية الأخرى غير قادرة على مسك الملف الأمني بعد الانسحاب الأميركي نهاية العام الحالي، ومحاولة من يطلق تلك الأحاديث تعكير صفو الفرحة العراقية من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى غرب، بانسحاب آخر جندي أميركي من البلاد، إلا أن هذا الانسحاب وبكل المقاييس يعد يوماً تاريخياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى يسجل في تاريخ العراق المليء بالأحداث المشابهة.
وبما أن دخول القوات الأميركية بني على أساس باطل ومزاعم لا أساس لها من الصحة من وجود أسلحة دمار شامل في العراق تهدد دول الجوار والعالم برغم وجود تلك الأسلحة لدى العديد من دول المنطقة ومنها “إسرائيل”، فعملية خروج القوات المحتلة يجب أن يتم في الوقت المحدد وهذا ما انتهى عليه الأمر والحمد لله.
ولاشك أن هناك ضغوطاً مارستها الولايات المتحدة الأميركية ودول الغرب بشكل كبير، ضد العملية السياسية في العراق وضد الحكومة العراقية، بغية إبقاء القوات الأميركية لفترة أطول بحجة دعم الاستقرار، وقد تناست تلك الدول أن التفجيرات وأعمال العنف والقتل تصاعدت وتيرتها بوجود هذه القوات، ولم تحد الترسانة الأميركية التي وجدت على ارض العراق من عمليات القتل المنظم التي يتعرض لها الفرد العراقي بشكل يومي تقريباً.
الشيء الملفت الذي يجب أن نجعله أساس حياتنا هو إعادة الثقة بجيشنا وشرطتنا وجميع الأجهزة الأمنية وشد أزرها، بغية مواجهة التحديات في المرحلة المقبلة بعد انسحاب آخر جندي أميركي من العراق، لان عناصر تلك الأجهزة أكثر ما أحوج إليه الآن هو إعادة الثقة بها وبقدراتها، فضلا عن استمرار توريد الأسلحة والمعدات المطلوبة التي تضيف قوة للقوات العراقية في مواجهة الإخطار مع التذكير بضرورة التعاقد مع شركات عالمية في هذا المجال وليس الشركات التي أصبحت لا تنافس بسبب الطفرة الكبيرة في تكنولوجيا الأسلحة.
نتمنى من السياسيين أن يقدروا عالياً المسؤولية الكبيرة التي تنتظر القوات العراقية من خلال ترك خلافاتهم جانباً لاسيما خلال هذه الفترة التي تسبق رحيل القوات الأميركية، ومن بعدها فأي خلاف سياسي سيندرج ضمن مخاضات العملية الديمقراطية التي تعيشها جميع الدول وليست معيبة بشرط عدم تفريطها بوحدة العراق واستقراره وسلامة شعبه.