17 نوفمبر، 2024 4:37 م
Search
Close this search box.

وهم التقدير نتاج وهم المعرفة

وهم التقدير نتاج وهم المعرفة

عادةً ما يحاول بعض رجال الدين أزاحة المنجز العلمي المنهجي نحو مشروعهم غير الممنهج اصلاً و اختطاف بعض الالقاب و الدرجات و لصقها بمدارس او اشخاص للرفع من مكانتهم الاجتماعية, بتلك الممارسة غير الاخلاقية و النابعة من عدم إقتناع مطلق بما هم عليه يتم تحويل المزيف الى حقيقة أما الحقيقة فتهمل لأنها لا تأخذ شرعية دينية . من تلك الممارسات الوهمية التي يتشدق بها المتدينون و التي من خلالها يحاولون بسط السيطرة العظمى على المساكين و حتى بعض الواعين , هي ركوب سفينة الاختصاص . سمعت و قرأت و حاورت الكثير من الشخصيات الدينية و أول ما تتحدث معهم يحاولون ان يقمعوك بطريقتهم الوهمية , فيكون الحوار بهذا الشكل  رجل الدين : عندما تمرض أكيد تذهب الى الطبيب .. النتيجة حتمية
عند بناء عمارة أو بيت بالتأكيد سيكون المهندس حاضراً
الذي يقود الطائرة قطعاً سيكون طياراً ماهراً أليس كذلك ؟
وستكون القائمة طويلة بتعدد نوعية و اشكال الاختصاصيين .
وعندما تكون عندك مسألة دينية لمن ستذهب يا ولدي؟! … الى رجل الدين لامناص في ذلك.
لا خلاف على هذا الرأي فهو مقدمة صحيحة لنتيجة وهمية كما يقول المناطقة.

وهنا يجب ان يكون الحوار اكثر واقعية و إدراكاً للواقع , فأقول :
1-هل يستطيع اي شخص ان يلبس لبوس الدين و إيهام الناس انه رجل دين ؟ اذا كان الجواب نعم فهذه حقيقة واذا كان الجواب لا يستطيع فعل ذلك, فيأتي السؤال الاخر..2- من يستطيع إيقاف رجل الدين الوهمي ؟ فهو يضع على رأسه شيئاً ما و يلبس ملابس توحي انه رجل دين, من يملك السلطة لكي يخلع ملابس الوهميين؟ وهل حصل من قبل ان شكلت لجنة من المؤسسات الدينية لمراقبة المزورين و الدجالين ؟ ( لا ارغب بالاجوبة المستعجلة او العاطفية )
3- هل بمقدور الاشخاص الذين اضحى على وجودهم بالمؤسسة الدينية زمناً ما ان يقلدوا أنفسهم بأنفسهم شهادات و ألقاب و درجات عالية بدون دراسة و قراءة ؟
4- ألم يحصل ان طرح بعض الاشخاص انفسهم لمواقع علمية دينية متقدمة وهم لا يملكون من تلك العلوم شيئاً ؟
أيعقل ان يقفز البعض على الالقاب بهذه السهولة , فاية الله العظمى و حجة الاسلام والمسلمين و العلامة الفهامة , ما عادت لها قيود و باتت دون حصر او مراقبة .  
دعونا نكمل الحديث مع من يزعم الاختصاص الديني فنعيد الاسئلة على المقدمة فنقول : هل يستطيع اي شخص في الدول الغربية او العربية او حتى الصومال  ان يلبس لباس الطبيب و يمارس عمله في العيادة او المستشفى ؟ بدون شك كلا و الف كلا . فهناك قوانين و اجازات تسمح للمتقدم لأي وظيفة كانت باشهار رخصته القانونية .
من هنا نستنج ان مقارنة رجل دين بالطبيب و المهندس و المعلم , مقارنة باطلة اصلاً , لأن هؤلاء تحت قوانين مؤسسة تحميهم من الدخلاء و تمنع عنهم الوهميين و تمنحهم إجازات قانونية .في المؤسسة الدينية يكثر الدخلاء و النزقيين وليس هناك من ضابط لتقيم الاشخاص فقربك و علاقاتك و مرورك برجال ذو مكانة في تلك المؤسسة سيلهمك مكانة ايضاً , و سيتحول إليك علماً يُطلق عليه (لدّني) أي انك ستكون جهبذ فالفطرة و الوراثة ! 
مقارنة رجل الدين بأي إختصاص علمي أراها تعدٍ على حقوق المؤسسة العلمية التي ارتقت و تطورت و انجزت و عالجت الكثير من المشاكل , مقارنة تعصر الفؤاد أمام تيهان متخبط و ضرب عشواء .
يقول الدكتور فرج فودة عن الفرق بين اختصاص رجل الدين و رجل الطب:
( ان المختص بالطب لا يدعوني للإيمان بالطب بينما المتخصص بالإسلام يدعوني و يدعو غيري للإيمان بالإسلام!
اجمل ما في الاسلام انه يخلو من الكهنوت وانه بانقطاع الوحي انقطعت صلة السماء بالأرض وان الاسلام لا يعرف واسطة بين الله و بين عبادة). 
وهم التقدير هو نتاج واضح لوهم المعرفة , وهم المعرفة ليس مقصوراً على رجال الدين فقط , بل يشمل الكثير من النزقيين الذين يحاولون رفع مستواهم الوهمي على حساب العلم و المعرفة .تساءل الدكتور عبدالاله الصائغ بمقال مطول :
كم من ألقاب الدكاترة التي نسمي بها الاشخاص لكن بدون معرفة اختصاصهم العلمي او المشرف على إطروحتهم وما هي إطروحة الدكتوراه وفي اي جامعة ؟
يبقى الجواب حارناً دونما اجابة و تبقى التساؤلات تنزف خوفاً من سياط الوهم , الى ان يرتفع هذا المجتمع بمستواه العلمي و الفكري لكي ينفض عنه كل الوهميين .

أحدث المقالات