سأخبركم القصة؛ أرسل الله تعالى رسله وأنبياءه مبشرين ومنذرين. منهم من إتهمه الغابرون بالسحر أو الجنون أو الكذب، ومنهم من رماه الناس بالحجارة، ومن الناس من آمن بالله ورسله ومنهم من أصر على إلحاده أو شركه، ومن الناس من أبادهم الله عقاباً لهم ومنهم من عاقبهم لزمن على خطاياهم.
أما أهل العراق السابقين فلم يتهموا نبياً أو ولياً أو ألقوا عليهم الحجارة. أهل العراق كانوا (عمليين) من هذه الناحية أكثر من غيرهم فهم كانوا يتجنبون فتن الأنبياء والرسل وأتباعهم بقتلهم ودفنهم في العراق. من دخل أرض العراق مبشراً ونذيراً لم يكتب له على الأغلب أن يخرج منها سالماً. وسواء كان أجدادنا وثنيين أم مشركين أم موحدين فالأمر سيّان، البصمة العراقية واحدة في التعاطي مع أصحاب الرسالات. وبعد أن إمتلأت أرض العراق بمراقد الضحايا من أولياء وصالحين على إمتداد التاريخ، إكتسبت الأرض بركتها من أجسادهم النازفة بفعل سهام العراقيين أو غدرهم.
أما الصراعات الطائفية التي تحياها وتُحييها الأجيال الراهنة فمنشؤها فقط أن أجيال اليوم أحفاد أجيال الأمس التي جعلت من العراق أرضاً للمقدسات. أما عقابنا من الله فهو أشد من عقاب قوم لوط وعاد وثمود، وأشد قساوةً من السنوات العجاف السبع التي فسر رؤياها سيدنا يوسف لفرعون، إذ لا نهاية لها على أرض العراق ولا إنحسار لوطأتها على أهل العراق.