خرجَ متوكلا على بارئ النسمة، شامخا بصلابة الأيمان، مستوحشا أرض الإباء والأجداد، متلهف للقاء ربه، سار بخطى اليقين، إلى الحياة الأبدية، فمنذ إن فتح عينيه في بيت ربه، سار على خطى الحق، ولم يكفر طرفة عين، وختمها، وأستشهد بمحرابه، فتبا للتاريخ الذي لم ينصفك، وتبا لرجال تتبع المنافقين، والمارقين، والناكثين.
في ثلاثينات القرن الماضي، حكاية بطلها رجل أعرابي بسيط يعيش في بادية النجف، لا يعرف القراءة والكتابة، فهو يقطن البراري وحياة الصحراء، وكانت لديه علاقات طيبة، مع عشائر البادية، ومن أصدقائه شيخ عشيرة في بادية السعودية، وفي يوم من الأيام، وصلته دعوة من الشيخ، بمناسبة زواج ولده، وعند اقتراب الموعد، شد الرحال إلى صديقه العزيز ليشاركه فرحة ولده، ويقدم التهاني له.
حلَ ضيفا عزيزا على صاحبه السعودي، وكان الحضور كبير، وكان من ضمن الحضور أحد الأمراء جاء مهنئا للشيخ، وبعد أن سأل الأمير عن الرجل العراقي، عَلم أنه من الرافضة وأنه صديق الشيخ، وبهذا الأمر أستغل الأمير الجلسة وحاول أن يستصغر من شأن الرجل، وقال: لماذا تتبعون علي( عليه السلام)؛ وتتنكرون للخلفاء الراشدين! وهم أصحاب الرسول( صلواته تعالى عليه وأله)!.
كان رد الرجل وهو صامت؛ حيث قام، وحمل ثلاث أكواب، ومرغها بالتراب والطين، ثم غسلها جيدا، وضع الماء فيها، وقال: للأمير اختر كوبا، أبتسم الأمير، ولم يختار أي كوب من الأكواب الثلاث، بل عمد إلى كوب أمامه نظيف فسكب الماء فيه، وبعد أن شرب، ظنا منه، إحراج الرجل، قال: هذا جوابي على سؤالك، هو ما اخترت أيها الأمير.
عندما اخترنا الإمام علي( عليه السلام)، لأنه لم يدنس بالمحرمات وأنجاس الجاهلية، كان نقيا طاهرا، منذ ولادته، حتى استشهاده، بينما الأصحاب الذي تتكلم عنهم، عبدوا الأصنام وعملوا ما عملوا على مر تاريخهم، لهذا نحن نتمسك بمحمد وال محمد(صلوات ربي تعالى عليهم أجمعين).
صمتَ المجلس قليلا، فالرد كان حكيما، وقاسيا على الأمير، عند ذلك قام الشيخ وطلب أن يأتوا بالقهوة، للملمة الموضوع، وتغير بوصلة الحديث، وترطيب الأجواء.
في الختام؛ المدرسة العلوية نقية وطاهرة، على اختلاف من باقي المدارس، فهي سبيلنا الوحيد للنجاة.