18 نوفمبر، 2024 5:30 ص
Search
Close this search box.

أردوغان يعيد رسم خارطة المنطقة             

أردوغان يعيد رسم خارطة المنطقة             

جاء في الامثال ان رب ضارة نافعة ، هذا القول ينطبق اليوم على تركيا ،التي تعترضت حكومتها الى انقلاب عسكري نادر الفشل مثله في التاريخ ،وهذا الانقلاب كانت نسبة الفشل فيه (صفرا)، ومع هذا فشل فشلا يرقى الى فضيحة ، واكد فشله ،ان ارادة الشعوب لاتقهر لابالدبابات والطائرات ولابالصواريخ والمدفعية ،ولو اجتمعت كل شياطين الارض لن تهزمه ،وهذا ما حصل مع تركيا وشعبها العظيم،حين دعاه الرئيس اردوغان الى النزول الى الشارع لحماية ثورته وارضه ، وفعل بسرعة مذهلة ،وأفشل اخطر انقلاب عسكري يشهده التاريخ كله، وحال فشل الانقلاب العسكري، وضع الرئيس اردوغان خطة محكمة  ، لبدء عصر جديد ،خال من الانقلابات الى الابد ، محصنا الاوضاع الداخلية ،التي كانت تعاني من الصرعات والخلافات السياسية، والاخطار الارهابية ،التي اراد لها الغرب وامريكا ان تجر تركيا لها ،وتدخل عنوة في ما يسمى الحرب على الارهاب في سوريا ،وحاولت ان تورط اردوغان في ادخال الجيش التركي بحرب داخل سوريا ، ولكن حكمة اردوغان وذكاءه السياسي، افشل مهمة واشنطن في التورط بهذه الحرب ، وحينما انكشفت خيوط المؤامرة على اردوغان وتركيا في الانقلاب العسكري وتورط امريكا ودولا اخرى في زعزعة الامن والاستقرار داخل تركيا ،بعدما فشلت في توريطه خارجها ، اسرع اردوغان الى لملمة الاوضاع الداخلية ،واعتقال جميع خيوط المؤامرة وجنرالاتها ،اتجه فورا الى اعادة العلاقات الى دول الجوار التركي ، واسرائيل ،فاتصل بالرئيس بوتين وقدم له اعتذارا لسقوط الطائرة الروسية ،
وتبعها بالانفتاح على اسرائيل وسوريا وايران ، ومهد لزيارات مباشرة لهذه الدول ، كتطبيع اولي ونزع فتيل الازمات معها ، وقيل وقتها ان اردوغان يقدم تنازلات كبيرة على حساب السيادة التركية، وقوبلت مبادراته وسياسته الجديدة ،بحملة اوروبية شعواء،هددت المانيا والدول الاوربية ،بعواقب اقتصادية وسياسية وخيمة لتركيا، وعطلت انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي، وقابل هذه الحملة اردوغان بكثر من الاصرار والتحدي للانفتاح على دول اخرى بكل ثقة ، مثل العراق ومصر وغيرها، واليوم يواصل اردوغان سياسة الانفتاح ،وطي صفحة النزاعات والخلافات مع دول الجوار والعالم، بعد انكشاف فضيحة امريكا وحلفاؤها، في دعمهم للانقلابين في تركيا،انطلاقا من قاعدة انجرليك التي قام اردوغان بغلقها الى الابد ،بعد ان انتهت مهمة القوات الامريكية فيها ،وجعلها مكانا لتخطيط الانقلابيين فيها ،وهكذا قام بزيارة تاريخية الى موسكو،واستقبله الرئيس بوتين ووقدم له الاعتذار رسميا له، واتفقا على بدء علاقات سياسية ،في رسم خارطة جديدة في المنطقة خارج المظلة الامريكية، والنفوذ والهيمنة الامريكية ، وتم الاتفاق ان تكون ايران وسوريا ضمن هذا الاتفاق ، وتسوية الخلافات والصرعات في المنطقة ومواجهة الارهاب،ونزع فتيل الحرب القومية والطائفية ، 
بعيدا عن السيناريو الامريكي،الذي يدعم كل الاطراف لاثارة وتكريس الفوضى الخلاقة في عموم المنطقة ، وكان العراق وسوريا نموذجا للفوضى الامريكية الخلاقة هذه،ويقول قائل ان اردوغان وهو ينفتح بسرعة على خصومه السياسيين انما يضع مستقبل تركيا على كف عفريت ،لان امريكا لن تتركه ينفرد في سوريا والعراق ، دون ان تكون كلمتها هي العليا ، ونعتقد ان اردوغان ، قد انتبه مبكرا لما ستقوم به امريكا ، لذلك اسرعت ادارة اوباما لترسل جوزيف بايدن في الايام المقبلة ، لضمان عدم تقاطع المصالح الامريكية والتركية ،في كل من العراق وسوريا، وتقديم ضمانات  عدم التدخل مستقبلا في الشؤون الداخلية التركية ، والتوسط  في قضية فتح الله يوكن وتسويتها سياسيا ، بمعنى ان امريكا خضعت للشروط التركية مضطرة ، وهكذا نجح اردوغان في تنفيذ سياسته الجديدة بنجاح ، وهو يواجه الضغوط الامريكية بكل جرأة وقوة ،غير مبال لنتائجها ، واردوغان سيزور طهران وبعدها اسرائيل لنفس الغرض ، لبدء معهما صفحة جديدة، وتقديم رؤيته ،لما بعد داعش في المنطقة ، خاصة وان تفاهمات اردوغان-بوتين ،بخصوص سوريا قد نجحت ، وتم الاتفاق على الحل السياسي وعدم تقاطع المصالح هناك ، بصفقات سياسية وعسكرية ، منها قضية الحكم الذاتي للاكراد في سوريا وتغاضي موسكو عنه مقابل تغاضي اردوغان عن مصير الاسد ، وبهذا ستكون اسرائيل قد ضمنت امنها ومستقبلها مع سوريا ، وأرضت امريكا عن اردوغان ، اما في العراق ، فان الدور التركي سيكون له تأثير واضح بعد معركة تحرير الموصل ، ومشاركة الجيش التركي بطريقة او باخرى وقطف ثمار التحرير، 
والتفاهم مه اكراد العراق لتقاسم بعض النفوذ هناك ، مقابل ابعاد الخطر الذي يؤرق تركيا وحكومتها ،من قبل حزب العمال الكردستاني في كل من العراق وسوريا والاراضي التركية ، وخطر الوحدات الخاصة والحزب الديمقراطي السوري،  اذن السيناريو التركي الجديد،هو الابتعاد عن المظلة الامريكية، والتحالف مع ايران وموسكو حول العراق وسوريا وتقليص النفوذ الامريكي فيهما ، وهذا ما سيحسم الجدل من ان معاهدة جديدة تعلن محل معاهدة ساكيس-بيكو ،يكون طرفها الاساسي تركيا وايران وروسيا وامريكا ،في غياب تام للدول الخليجية والعربية ، والتفاهم معها، بل تجاهلها،وتركها في صراعاتها وخلافاتها ومواجهتها وحدها للارهاب والتطرف الاسلامي ،وخطر ايران التوسعي نحوها ،واطلاق يد حزب الله والحوثيين وميليشيات ايران في العراق ، في زعزعة امن واستقرار المنطقة كلها ،وتهديدها الامن القومي العربي والعالمي ، اعتقد ان الدور التركي الجديد سيغير وجه المنطقة،بعد الانقلاب العسكري الفاشل، وانفتاح اردوغان على دول العالم ، وايجاد مناطق نفوذ له في المنتطقة ، لاسيما وان خروج تركيا من ازمة الانقلاب اقوى ، لان الضربة ان لم تموتها تقويها ، وهكذا رب عثرة بنصحة ،  نعم اعتقد ان لتركيا سيكون لها دور في رسم السياسة في عموم المنطقة ،وذلك لان الاقتصاد التركي وصل الى مديات عالية جدا، وان تركيا الان واحدة من الدول العظمى بامتياز ،زراعيا وصناعيا واقتصاديا وسياسيا  واجتماعيا، ومؤهلة لان تأخذ دورا رياديا في المنطقة تبعا لهذا التطور والمتانة، في الاقتصاد والتصنيع العسكري والتكنولوجي العالي ، وريادتها الان محط اعجاب العالم بعد افشالها الانقلاب بقوة وتلاحم ووعي الشعب التركي، والتفاه حول حكومته وقيادة حزب العدالة والتنمية ،الذي يترأسه الرئيس اردوغان ، ان الانفتاح التركي الاقليمي له مبرراته الجيوسياسية ، والتحولات العسكرية في المنطقة وظهور تنظيم داعش الذي خلخل العلاقات السياسية والامنية في عموم المنطقة ،
لهو عامل ايقظ شعوب المنطقة والعالم على خطر يداهم ويهدد الجميع، وان محاربته هي مسئولية الجميع ، وهكذا التقت المصالح ، والتقت الاخطار ، والتقت الانظار على عدو مشترك لايعرف الا لغة القتل والذبح والتفجير والتهجير، فلم يكن امام العالم كله الا التوحد والتحالف لمواجهة هذا السرطان ،الذي صنعته بايديها امريكا وايران ، كل بطريقته الخاصة ،ليرتد الى نحرها ويهدد امنها وينقلب عليها ، في ليلة وضحاها ، المنطقة ستشهد تحولات كبرى ،بعد معركة الموصل، وسيبدأ عصر جديد في المنطقة ،هو عصر رسم الخريطة الجديدة لها بعيدا عن الارهاب،ولكن بأوجه استعمارية جديدة ، تدعو الى تقسيم المنطقة برضاها ، الى دويلات بحجة السيطرة على الارهاب وضمان عدم عودته لها ، وسيكون لتركيا دور اساسي في رسم خارطة المنطقة ، وان الدور الذي ينتظرها ،هو دور عسكري وسياسي، ضمن اتفاقت سياسية جديدة ، وان الدور الامريكي سيكون اساسيا ،ورئيسيا ،بعد ان ضمنت ادارة اوباما قاعدة القيارة لعشرين سنة قادمة ، بديلة عن قاعدة انجرليك التركية ، مع دور هامشي لايران، وتقليم اظافر نفوذها وهيمنتها في العراق، من خلال تحجيم ميليشياتها ، ودمجها في الجيش تمهيدا للسيطرة عليها بقوة النفوذ الامريكي ، الذي بدأت ملامحه، بعودة مكثفة للقوات الامريكية للعراق ،على شكل مستشارين ومدربين وغيرها، وهكذا نرى ان المنطقة ستشهد تحولات كبرى ينتظرها العالم، بعد معركة تحرير الموصل ، وان تركيا ستكون رأس الحربة، في هذه التحولات الكبرى في كل من سوريا والعراق ………………….

أحدث المقالات