الحَشدُ أَوْلى بالنَقدْ ١

الحَشدُ أَوْلى بالنَقدْ ١

لا يخفى على كل ذي نظر، ان تجربة الحشد الشعبي في العراق، هي تجربة مميزة، بينت استعداد مئات الآلاف من العراقيين للتضحية من اجل الدفاع عن وطنهم و مواطنيهم.موجة التطوع الضخمة في حزيران ٢٠١٤ و الاشهر التي تلته كانت، في البداية، تعبيرا عن ثورة عراقية خالصة، مدفوعة بغيرة و شجاعة نادرا ما نرى ذكراً لمثلها في كتب التاريخ.لا يخفى أيضاً، ان هذا المدّ الشعبي كان مدفوعاً بتوجيه من المرجع الأعلى السيستاني، في فتوى نادرة ايضا، بوجوب الجهاد ضد التنظيم، و التاكيد على ان كل من يقتل في مواجهة الاٍرهاب، “فإنه يكون شهيدا” . *استغلت الأحزاب السياسية و الممثليات السياسية للفصائل المسلحة، تجربة الحشد، كعادتها، لمصالح شخصية سياسية فئوية، و بشعارات الوطن و المذهب والمرجعية؛ كعادتها أيضاً.و كانت نتيجة مقامرات هؤلاء، من الساسة والقادة العسكريين ارواح الآلاف من المتطوعين.
و إتخذ السياسيون الشيعة من تجربة الحشد، منصةً للدعاية الانتخابية و كسب ود الشارع. وأصبحت المزايدات على ربط الانتصارات على الارض للفصائل ببعض القيادات السياسية، وسيلة للتغطية على الفشل في ملفات الأمن و الاقتصاد و الخدمات، فأصبح الحشد مطمع لكافة الأحزاب و التيارات السياسية والدينية.
حسب علمي، فان جميع  الفصائل المنظوية تحت يافطة هيئة الحشد الشعبي، تمتلك تمثيلا سياسياً، او تسعى لذلك، و يندرج التوجه الإعلامي لتلك الفصائل، و الترويج لقادتها و مسؤوليها، ضمن إطار السعي لتهيئة الظروف لكسب تأييد و أصوات المواطنين المتعاطفين مع الحشد، بالاضافة الى المقاتلين و عوائلهم، في الانتخابات القادمة لمجالس المحافظات والانتخابات النيابية، و حسب تجربتي الشخصية ومشاهدتي؛ أستطيع الجزم بأن اغلب السياسيين المسؤولين عن أسباب الدمار والفساد و التخلف خلال الثلاث عشر سنة الماضية، سيَتم انتخابهم من جديد في الانتخابات القادمة، في ظاهرة معتادة في خداع الناخب العراقي الذي يمتاز بطائفية في الاختيار، و لان العنوان الرئيسي لأغلب حملات الدعاية الانتخابية للساسة الشيعة سيكون تحت عنوان الحشد الشعبي.*هالة التقديس الغرائبية غير المبررة التي تحيط برجال الدين ونقدهم، امتدت لتغطي الحشد الشعبي و رجالاته و فصائله، فأصبح الحشدُ بذلك مُقدساً، لا يُمسّ و لا يُنتَقد. و هذه الصبغة الأفلاطونية الكمالية هي بالضبط ما يهدم المؤسسات حديثة التكوين، يجب علينا ان ننظر الى الحشد كمؤسسة تمتلك الكثير الاخطاء و العيوب، و تَقَبُل نقدُها كوسيلة لتصحيح المسار ..
يُتبَع

أحدث المقالات

أحدث المقالات