20 ديسمبر، 2024 12:00 م

عندما يخزي الله عباده، إبراهيم الجعفري مثالا

عندما يخزي الله عباده، إبراهيم الجعفري مثالا

قال الشاعر:
لا تطمعوا أن تهينونا ونكرمكم … وأن نكفّ الأذى عنكم وتؤذونا الله يعلم أنّا لا نحبّـــــــــــــــكم … ولا نلومـــــــــكم إن لم تحبّونا
يبدو ان وزير خارجية حزب الدعوة قد وصل فعلا أرذل العمر، فهو كلما تعثر بحجرة من أحجار البيت الشيعي المتهالك، كلما وهنت قوته وتضاعفت هفواته. كأن مارد القم قم جعله يتقمص شخصية جحا ليكون إضحوكة في المحافل الدولية. مع فارق عبقرية جحا في بعض الأحيان عنه، فجحا كان غبيا وعفويا تارة، وفي قمة الذكاء والعبقرية تارة أخرى، وهذا ما يفتقده إبراهيم الجعفري. كلما أسدل الستار عن فضيحة ما في وزارة الخارجية أو ربيباتها السفارات العراقية في الخارج، كلما رفع الستار عن فضيحة جديدة. كأن الله تعالى يريد أن يخزيه في الحياة الدنيا، بعد أن إطمئن قلب الوزير من خسارة الآخرة.
الحكومة العراقية ووزارة الخارجية والجهات الأمنية لا يشغلها بعد داعش سوى تحركات السفير السعودي، تصريحات من مقتدى الصدر وإبراهيم الجعفري وأياد علاوي وغيرهم إستنكرت زيارة السفير السبهان الى السجناء السعوديين في العراق. مع ان هذا من صلب واجبات القنصل بالدرجة الأولى ويمكن أن يتولى السفير المهمة إن كانت الضرورة تستوجب ذلك، هذا ما تشير اليه إتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية والقنصلية بغض النظر عن وجود إتفاقية تبادل السجناء من عدمها. كل ما في الأمر أن السفير أو القنصل يفاتح وزارة الخارجية أو وزارة العدل في البلد المعتمد فيه للحصول على الإذن كإجراء برتوكولي لا أكثر، ولا توجد دولة ترفض مثل تلك الزيارات لأن هذا من شأنه أن يترك إنطباعا سيئا عن أوضاع سجونها، او إنها تتعامل مع السجناء خارج إطار إتفاقية حقوق الإنسان، ومن حق الدولة الأخرى أن تتخذ نفس الإجراء. لا أحد يجهل أن من واجبات السفارة الرئيسه هو متابعة أوضاع مواطنيها في البلد المعتمدة فيه (الجالية) بغض النظر عن كونهم طلابا أو عمالا أو مستشارين او سجناء. ووجود سجناء سعوديون في العراق يتطلب من السفارة متابعة قضاياهم بجدية بغض النظر عن طبيعة جرائمهم،. ومن حقها ان توكل المحامين المناسبين لهم، ويجب على الدولة المضيفة أن تيسر الأمور للسفارة وتعينها، لا تقف لها الند بالند، كما حصل في زيارة السفير السعودي، لإن من حق السفارة أن تقف على أدق التفاصيل المتعلقة بشؤون سجنائها، وعلى الدولة المضيفة أن تمدها بالمعلومات والتطورات التي تطرأ على قضايا السجناء سلبا او إيجابا. لذا فأن تصريحات الزعماء العراقيين تعبر عن غباء مدقع، وربما يمكن للمرء أن يتسامح معهم لجهلهم بالعلاقات الدولية، ولكن هذا التسامح لا يجوز مع حملة دار زارة وزارة الخارجية.
في الوقت الذي صرح فيه الجعفري خلال لقاء مع وكالة الجمهورية الاسلامية للانباء ايرنا بأن” تحركات السفير السعودي تمثل تدخلا صارخا في شؤوننا الداخلية، وما يقوم به ليس من دوره كسفير ولا حتي من دور وزير الخارجية فضلا على ان يكون سفيرا، نحن لانميل للتهديد بقطع العلاقات وانما ابلغنا السفير بشكل رسمي بهذه التفاصيل”. لكن جاءت الأحداث لتلجم الوزير وتضعه في موقف لا يحسده عليه! السهم الطائش الذي رماه الجعفري على السبهان، إرتد عليه، وأتاه أكثر من سهم قاتل. فهو في الوقت الذي يؤكد فيه الى ضرورة إحترام السفير للدولة المضيفة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، على الرغم من ان السبهان تحدث عن الجنرال سليماني وليس على وزير الدفاع العراقي، فقد ذكر أن” وجود شخصيات إرهابية إيرانية قرب الفلوجة، دليل واضح على أنهم يريدون
حرق العراقيين العرب بنيران الطائفية المقيتة”. وما قاله السفير حق، ولا يمس ما يسمى بسيادة العراق الملثومة، ولا يستوجت قطع العلاقات الدبلوماسية، والخاسر فيه العراق بالطبع، بعد أن فقد العرب جميعا، وإلتزم بنظام الملالي.
لكن لا أحد يجهل بأن سليماني هو الحاكم الفعلي للعراق لذا جاءت ردة الفعل العراقية سريعة وقبل إيران نفسها! قبل أن يصرح برلماني إيراني بطرد السفير السبهان، في حالة فريدة من نوعها في تأريخ الدبلوماسية، وفي غباء دبلوماسي لا يوجد له نظير سوى وزارة الخارجية العراقية. فقد دعا عضو لجنة الأمن القومي والسياسية الخارجية في البرلمان الإيراني، النائب حسين نقوي حسيني في 12/6/2016 الحكومة العراقية، إلى طرد السفير السعودي لدى بغداد، ثامر السبهان، معتبرًا أنه “سفير غير مرغوب فيه”. بالطبع خرس الجعفري ولم يعتبر هذا التصريح تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية العراقية! مع هذا يتحدثون بوقاحة وصفاقة عن السيادة وعدم تبعيتهم لولاية الفقيه!
السهم الأول الذي تلقاه الجعفري كان من قبل الجزائر الشقيقة، بعد أن إستدعت الحكومة الجزائرية بهلول السفارة العراقية حامد محمد الحسين، وطلبت منه إيضاحات حول مساع عراقية تهدف إلى تشييع الجزائريين وذلك بعد إعلان السفارة عن تسهيلات استثنائية لزيارة الأماكن المقدسة ومزارات الشيعة في كربلاء والنجف. وأعرب وزير الأوقاف الجزائري محمد عيسى عن أمله في أن” تلتزم البعثات الدبلوماسية بالمهام المنوطة بعقيدة الجزائريين المضبوطة بروح الدستور، ونصوص القانون”، ونتيجة لهذا التصرف الغبي والسخيف من قبل سفارة حزب الدعوة، أعلن وزير الأوقاف عن اتخاذ تدابير جديدة في قوانين حماية الجزائريين من التطرف الديني، ومعاقبة المتورطين قضائيا لحماية المرجعية الإسلامية التي نص عليها الدستور. وأن التشريع الجديد سيجرّم المتورطين في التبشير والمد الشيعي وكل ما يمس النسيج الاجتماعي والأمن الفكري للشعب الجزائري ووحدته. واعتبر تصرف السفارة العراقية ” خطوة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين البلدين”.
السهم الثاني جاء من تصريحات الزعماء العراقين وتدخلهم في شؤون مملكة البحرين الشقيقة، وهي حالة تثير العجب، فهم لا يسمحون للسعودية مثلا ان تتدخل في شؤونهم الداخلية، وحصروا حق التدخل بالولايات المتحدة وإيران فقط! لكنهم يتدخلون في شؤون بقية الدول في إزدواجية تثير السخرية. فقد ادانت الكتلة النيابية لحزب الدعوة الاسلامية ” اقدام الحكومة البحرينية على اسقاط الجنسية عن الزعيم الروحي للأغلبية الشيعية في البحرين الشيخ عيسى قاسم. وقال رئيس الكتلة خلف عبد الصمد” يحاول النظام البحريني في خطوة سبقتها خطوات كثيرة محو الهوية البحرينية الوطنية عبر إقصاء مكوناته الاصيلة ابعادا واعتقالا وتنكيلا واغتيالا”. من جانب آخر حذر زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق قيس الخزعلي السلطات البحرينية التي ” تجاوزت الخطوط الحمراء، وأن النظام البحريني يقود حملة مسعورة ضد الطائفة الشيعية”. وأكد “الاستعداد التام في هذه الحالة لمساعدة شعب البحرين من الظلم الذي يتعرض إليه”. بالطبع هذا التصريح يعتبر رسمي، لأن هذا الخزعلي يترأس ميليشيا في الحشد الشعبي، وهي كما يزعم رئيس الوزراء مؤسسة رسمية تابعة له! لذا ما يصدر عن المؤسسة الرسمية من تصريحات تعتبر رسمية، ولا تعتبر تشخصية وغير مسؤولة إلا إذا أصدر رئيس الوزراء بيان بذلك، وهذا ما لم يحصل. لاحظ من إنتقد سحب الجنسية من المعارض البحريني! الخامنئي، الجنرال قاسم سليماني، حمد أبو طالبي مساعد الخامنئي السياسي لمكتب الرئاسة، علي لاريجاني رئيس البرلمان الإيراني، مقتدى الصدر، قيس الخزعلي، حزب الدعوة، جميعهم في مركب واحد!
السهم الثالث جاء من مركز بغداد لحقوق الإنسان الذي أصدر بيانا ندد فيه نفي الجعفري لأية اعتداءات قام بها حشده المقدس، فقد جاء في البيان” نستغرب وبشدة تصريحات وزير الخارجية العراقي، في الوقت الذي وثقت فيه المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية ووسائل الإعلام المختلفة جرائم طائفية مروِّعة، ارتكبها الحشد الشعبي وأجهزة أمنية وعسكرية أخرى وبمشاركة عسكريين
إيرانيين”. مضيفا ” أن تصريحات السيد الجعفري تبرير لجرائم ترتكب ضد الإنسانية، وأن تلك التصريحات تؤكد السياسة الطائفية للسلطات العراقية في الانتهاكات ضد حقوق الإنسان من حيث التبرير والتغاضي والتواطؤ، ومحاولات التقليل من حجم وبشاعة تلك الجرائم، ووصفها بالفردية أو غيـر الممنهجة”. وأضاف البيان” تمثلت بالإعدامات الجماعية والفردية خارج إطار القانون من ذبح وحرق ورمي بالرصاص ودفن للمدنيين الأحياء بالجرافات، وجرائم الإخفاء القسري والتعذيب وسوء المعاملة والاعتداء على أموال وممتلكات المدنيين، والاعتداء على الرموز والمقدسات الدينية للمسلمين السُّنة”. واضاف البيان” يبدو أن السيد الجعفري لم يطلع على أحكام القوانين الدولية والوطنية والشرائع السماوية المختلفة، التي حرمت جرائم الاعتداء على حقوق وحريات الأفراد في جميع الظروف والحالات؛ ومنها حالة الحروب والصراعات المسلحة، كما يبدو أنه لم يعلم بالالتزامات الدولية لجمهورية العراق بموجب القانون الدولي، والتي تتمثل في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المختلفة التـي انضم لها العراق، والتي جرمت وحرمت الاعتداء على أرواح وممتلكات الأفراد”. نقول للمركز من أين يعلم الجعفري القانون الدولي، وقد قضى عمره في العمل حملة دار؟ أما الشرائع السماوية فقد تبرأ منها حزب الدعوة منذ تأسيسه.
نقدم هذه المعلومة الجديدة للجعفري التي تخص الأعمال الإسلامية المجيدة لحشده المقدس”عُثر على 20 جثة مقطوعة الرأس في مدينة الفلوجة بمحافظة الأنبار العراقية، وأكّد زعماء قبليون أن المجزرة وقعت في المناطق التي تسيطر عليها مليشيات “الحشد الشعبي” في المدينة. وقال طبيب في مستشفى الفلوجة، إنّ “الكوادر الصحية عثرت على جثث الضحايا في حي الضباط شرقي المدينة”، لافتاً إلى “تعرّض أجساد القتلى للتعذيب والتشويه، قبل قتلهم وقطع رؤوسهم”. اليس الحشد الشعبي مقدسا فعلا؟

أحدث المقالات

أحدث المقالات