لم يكن تخوف الزعيم الشيعي(مقتدى الصدر) من تحويل الحكم في العراق الى حكم ميليشياوي وهو اسوء انواع الحكم، اسوء حتى من الحكم العسكري الذي يأتي عن طريق الانقلاب جاء من فراغ، فهو يعلم ان”المالكي”وبعض قادة حزب الدعوة ومن ضمنهم”العبادي”نفسه يتسابقون لضم هذه الميليشيات الارهابية الى صفوفهم من خلال دعمها بالمال والرعاية وكسب ود قادتها والتقرب اليهم لضمان ولائهم لهم ولسياساتهم الطائفية وزجهم في المعارك الانتخابية القادمة، وهو ما يعد له(المالكي)فعلا ويشرع في تنفيذه منذ فترة ليعود ثانية الى سدة السلطة بعد ان طرد منها شر طردة لكثرة فساده وخطورته القصوى على وحدة العراق ومستقبله، وقد ادرك الرجل اهمية الحشد الشيعي على السياسة القادمة للعراق وتحديد استراتيجيته في المنطقة، لذلك ابدى اهتماما خاصا به وبقادته وتقرب منهم ودعمهم في البرلمان والحكومة واظهرهم كقوة عقائدية منقذة للعراق من الاخطار التي تحيق به، ولم يدخر جهدا لانجاح المشروع الايراني العراقي في تحويل”الحشد”الى حرس ثوري على غرار الحرس الثوري الايراني وعمل كل ما من شأنه تشكيل قوة من هذه المجاميع الطائفية المسلحة، توازي قوة الدولة او اكبر منها”دولة داخل دولة”تهيمن على مقدرات الدولة الرسمية وتقودها، ولن تتحقق للدولة الميليشياوية”الموازية”هدفها النهائي في بسط سلطتها الحقيقية على مفاصل العراق الاساسية ما لم تنتهي من مسألة غاية في الاهمية تؤرقها وتشكل لها قلقا متزايدا وهي مشاركتها في تحرير مدينة”الموصل”الاستراتيجية التي ترفض الاطراف السنية والكردية رفضا قاطعا اشراك اي فصيل من فصائلها في معركة لن تزيد الامور الا سوءا وتعقيدا، وستكون”عاملا مضرا للغاية على مساراتها الأمنية والسياسية والإنسانية والإجراءات المستقبلية لأهل نينوى”، بينما يصر قادة الحشد ورؤساء الاحزاب الشيعية قاطبة على مشاركة فصائل الحشد في المعركة دون الالتفات الى المعترضين، بل وصل الامر ببعضهم كأمين عام عصائب اهل الحق ان اطلق تهديدات مباشرة للمعترضين”..بسحقهم بالاقدام ولايلومن الا نفسه!” بينما اكتفى البعض الاخر بالضرب على وتر الوطنية والوطن الواحد والمجتمع الواحد وما الى ذلك من كلام حق يراد به باطل !
هذا الاصرار الشيعي المستميت على المشاركة في تحرير مدينة الموصل له اسبابه وغاياته الشيطانية منها:
أولا: ليكون للطائفيين موطيء قدم راسخ ودائمي في المدينة السنية التي طالما قاومت الهيمنة الشيعية ورفضت سياستها التوسعية وكذلك لمنع ظهور تنظيمات سنية معادية كتنظيم”داعش”في المستقبل..
ثانيا: اقامة ممر آمن لايصال المساعدات اللوجستية والعسكرية الى قوات النظام السوري الطائفي الحليف وفتح جبهة جديدة من الخلف لضرب المقاومة الشعبية.
ثالثا: منع من تحويل فكرة اقامة اقليم الموصل التي يتبناها قادة المدينةالسنية وعلى رأسهم رئيس البرلمان الاسبق”اسامة النجيفي”الى حقيقة واقعة.
رابعا: الحؤول دون اقامة علاقة استراتيجية”سنية”بين اربيل والموصل بعد الانتهاء من”داعش”وعودة المدينة المحتلة الى حالتها الطبيعية..
خامسا: معاقبة اقليم كردستان اقتصاديا بسبب وقوفه المستمر بوجه الطائفيين من خلال غلق معبر”ابراهيم الخليل”وقطع شريانه الاقتصادي الوحيد مع تركيا..واخيرا وليس آخرا؛ مواجهة سياسة رئيس اقليم كردستان(مسعود بارزاني)الانفصالية ومواصلة محاولاته لاستعادة الاراضي الكردية التي اغتصبتها الحكومات العراقية المتعاقبة والتي عالجها الدستور وفق المادة 140، ولكن الحكام الطائفيون لم يطبقوها لحد الان..