يظن الكثير ان اهالي الموصل سيذوقون رغد العيش مجددا ماأن تتحرر مدينتهم من الدنس والارجاس. بيد أن متشائما مثلي لايتفق مع خرافة من هذا النوع. ففي الوقت الذي يظن فيه الكثيرون ان المرحلة الحالية ربما ستكون بداية النهاية للمأساة المروعة التي يعانيها اهالي الحدباء، ارى الامر أنا من منظور مختلف تمام الاختلاف لا لكوني عرافا او شخصا قادرا على استشراف المستقبل المدلهم الخطوب وانما لكوني ربما اتسم بالواقعية التي قد تقود المرء الىالاكتئاب. لقد عكس وجود داعش حركة الزمانوشوش تناسقها مع المكان على أولئك الذين رضوا بالعيش تحت سطوة هذا التنظيم الغوغائي المتعطش للدماء, أو الذين خذلتهم الحيلة والمال من مغادرة المحافظة, أو الذين اخافهم المصير المجهول عند مغادرة المدينة فآثروا البقاء وهم يمنون النفس بهزيمة داعش وانقشاع الغمة . سرى الخدر الفكري الى عقول بعض البسطاء منهؤلاء حتى وصل ببعضهم الحال الى البدء بتقبل وجود التنظيم الأرهابي بل وحتى مناصرته والذود عنه ولو بالفكر دون السلاح. ضرب هذا التضارب الايديولوجي بجذوره عميقا حتى في صفوف العائلة الواحدة، فانقسم افرادها بين مؤيد ومعارض.
اضف الى ذلك الحقد الدفين الذي تولد لدى البعض تجاه البعض الاخر ممن انتهج منهج هذا الفكر الضال المظل ممن داعبت مخيلتهم صورة الخلافة المزعومة بامجادها الماضية علهم يعيشون اجواء تحفها القينات والمعازف والتسلط على رقاب الناس وماالى ذلك من سفاسف الامور وتوافهها. كيف يمكن لأجواء السلام ان تعم وفي عقول الابرياء صور لأحبابهم يُذبحون وتقطع اوصالهم لالذنب اقترفوه سوى انهم كانوا يسعون لكسب لقمة العيش. اطفال انتزعوا من امهاتهم انتزاعا واهدرت دمائهم باسم الدين وفتية ممن لم يبلغوا الحلم بعد فصلت رؤوسهم عن اجسادهم. صور مرعبه تطارد مخيلة الامهات الثكالى والاباء المكلومون اناء الليل واطراف النهار!! كيف يمكن لكل ذلك ان يتلاشى بلمح البصر! أوليس في القصاص حياة لنا ياأولي الالباب! من سيقتص لمن؟ ام ستُطوى هذه الصفحة كسابقاتها؟ ولم لا! فالدم العراقي بخس الثمن. التحدي القادم بعد تحرير الموصل مخيف وقد يرتقي لمستوى التحدي الذي تواججه الموصل الحدباء تحت سلطة داعش لذا فاهل الموصل خصوصا والعراقييين عموما مدعوون من الآن لالتماس الدعم الدولي لاعادة تأهيل ليس البنى التحتية الخدمية في المحافظة فحسب بل كذلك البنى التحتية الفكرية والثقافية.