23 نوفمبر، 2024 3:00 م
Search
Close this search box.

مرثية للشهيدة ليلى العطار

مرثية للشهيدة ليلى العطار

فجر السابع والعشرين من حزيران عام 1993 كان قدرك مغادرة العراق .
ولو قدر لك وما زلت حية لغادرتيه أيضا , فقد دارت زوبعة الأيام وجمعت صيرورة الريح زبالات العالم وأمطرتها عجاجا بكل زاوية وركن .
رحلت يا وجه الصبح الجميل .
انطفأت عيناك مثل سراج داهمته ريح ومطر
تطَّهر جسدُكِ بدمكِ .
لا أدري قبل ذلك بلحظات ما كنت تفكرين
لكني أجزم أن العراق كان بين سيفيّ حاجبيك ..
مثل قنديل ماسِّي
بل مثل الكحل الذي نام على دفء جفنيك .
كنت نخلة برحية ترتوين من ماء دجلة
وحقل ريحان مزهر على شواطيء الجادرية
بل عرائش من ياسمين ولبلاب
مدت أغصانها على كل الأبواب
لتعطر صباحات مدينة الرحاب .
كنت وبغداد عاشقة ومعشوقة
كم أغرمّتِ بها , وكم أغّرمَّت بك ؟.
كنت امرأة تملك من الجمال والسحر والعذوبة
مثلما تملكين من ألوان في مرسمك
هل هوايتك هي التي قتلتكِ كما قالوا !؟.
لأنك رسمت صورة بوش الأب في مدخل فندق الرشيد تضامنا مع بلدك الذي أمطره بالقنابل المدمرة وحاصره أشد من حصار قريش لبني عبد المطلب .
أم هي القنابل الذكية التي ضلت طريقها بعد أن سحرها فجر بغداد الندي لتسقط عليك وتضمخك بعطر الأرض والنخل والزرع !؟.
قد لا تدركين عمق الحزن الذي لف أهلكِ وأصحابكِ بل العراقيين كافة , فأنت الأثيرة على قلوبهم وفنانتهم الجديرة بحبهم .
من عهد سومر وأكد وآشور , تجمع إبداع العراق فيك , لذلك صرتي القيثارة التي عزفت عليها عشتار وسميراميس وأوكاريت .
في كل ذكرى لك ترتسمين كنجمة فضية في سماء بغداد فترسم الغيوم أمام ناظريك صور كنت تفكرين بها ولهذا تبتسمين للعيون التي ما زالت تحمل مآقيها دموع الحزن عليك . لكنك تظلين تبتسمين ثم ترحلين , على أمل لقاء آخر .

أحدث المقالات

أحدث المقالات