الدافع للتطرّق الى هذا الحديث هو ما لمْ يجرِ من ” تكتيكٍ ” مفترضٍ او ملموس في ادارة عمليات معركة الفلوجة وما قبلها , ولربما في معركة الموصل القادمة , ولربّما في سواها .!
وقبل ذلك نعرجُ بأيجاز على كلمة تكتيك وأصلها و فصلها وأهلها ايضا , فدونما ريب فأنّ TACTICS هي انكليزية المنشأ من قبل أن تنشأ بريطانيا التي كانت عظمى في زمنٍ مضى وانقضى .!
الأستخدام الرئيسي والأوّل لِ ” التكتيك ” كان في المجالات العسكرية , بدءاً من وضع خططٍ عسكرية ذات مرونةٍ في تغييرها , او خطط مرحليّة او آنيّة , الى ايجاد الوسائل المنسّقة لتحريك الجيوش في الميدان بحسب تطورات المعركة , وانتقالاّ الى الحالة السوقيّة في الحرب والخطط التعبوية الخاصة بالأركان . وقد تطوّر وإتّسعَ ليشمل جوانباً اجتماعيّه شتى بما فيها الخطط في كرة القدم !
وبالعودةِ الى ” التكتيك و المعركة ” في العراق , فماذا لو ” كمثال ” لو لم يكن هنالك ايّ ” إعلام ” عن المعركة وتفاصيلها وفتح باب التصريحات العسكرية للمسؤولين المدنيين والعسكريين وشبه العسكريين ايضا .! فكم استفاد العدو الداعشي من معلومات عسكريّة ادلوا بها هؤلاء او البعض الكثير منهم .! , والى ذلك لمْ يلمس المتخصصّون في ” الإعلام ” أنّ هنالك حرباً نفسيّة تمارسها وزارة الدفاع العراقية او سواها في المعركة مع الدواعش , والحرب النفسيّة ” كما معروف ” جزءٌ هامّ في ايّة حربٍ قديمة او حديثة , بل أنّ ” وسائل التواصل الأجتماعي ” قد مكّنتْ التنظيم الداعشي من إظهار قدراته القتالية بشكلٍ دعائيٍّ مبالغٍ فيه , مّما لايمكن احصاء عدد الذين كانوا ضحايا لهذا التأثير الإعلامي – الدعائي . وقد اشرنا سابقاً وربما غيرنا ايضاً الى ضرورة عدم تجزئة القوّات التي تقاتل الدواعش ” اعلامياً ” كالشرطة الأتحادية والجيش والحشدين الشعبي والعشائري وما الى ذلك , فالعدوّ يدرك ويستفيد منْ قُدرات وإمكانات وانضباط ايّ جزءٍ او صنفٍ من القوّات المقاتلة , وكم كان من الأنسب أنْ تصدر كلّ البيانات والتصريحات ذات الشأن العسكري بأسم القيادة العامة او القيادة المشتركة . نشيرُ هنا بأنَّ : < لا حرّية ولا ديمقراطية للإعلام في زمن الحرب > .!
وندرك مسبقاً أنّ بعض الإعلاميين قد لا يتقبّلون وربما لا يدركون ابعاد ذلك .! واُشيرُ إشارةً اخرى ” للتذكير ” أنَّ الصحفيين والمراسلين الحربيين الأمريكان والغربيين الآخرين من دول الحالف التي اشتركت في حرب الخليج في عام 1991 كانوا يتشكّون من القيود التي حدّدها لهم الجنرال ” نورمان شواردتسكوف ” القائد العام لقوات التحالف في تلك الحرب , ثمّ كان من الواضح أنّ للخلافات السياسية الحادّة بين احزاب السلطة والتي كان لابدّ للإعلام أن يعكسها ” اذا لم نقل انّها اختارت وسائل الإعلام لإظهار وابراز وجهات نظرها بالضدّ من نظرائها في السلطة , قد كان له تأثيره في إطالة أمد المعركة في الفلوجة , وإنَّ المعركة اذ تطول فذلك يعني تقديم شهداءٍ وضحايا وخسائرٍ في السلاح والمعدّات اكثر ممّا لو كان الأمر موحّداً ومنضبطاً .!
إنَّ الدولة او الذين يتحكّمون بأدارة الدولة بحاجةٍ اكثر من ماسّة الى ايجاد تكتيكٍ داخلي – داخلي فيما بينهم ولو بشكلٍ مؤقّت لتقصيرِ أمد الحرب المتحرّكة و المفتوحة مع تنظيم داعش ” على الأقل ” وللحدِّ منْ التدخّل الأقليمي والخارجي على الأقلِّ من الأقلّ .!