18 ديسمبر، 2024 9:40 م

لماذا رمضان يفرقنا ؟

لماذا رمضان يفرقنا ؟

عندما تمر يدي على الورقة لكتابة هذا العنوان ينتابني شيء من الحزن يصاحبها دافع قوي  للخوض في اساس المشكلة الاخذة بالتفاقم  سنة بعد اخرى ، الا وهي رؤية هلال شهر رمضان .على الرغم من قدسية هذه الفريضة  المهمة .ومواكبتها الخليقة ، ابتدأً من نبي الله ادم عليه السلام ،الذي يعد اول من صام على وجه المعمورة ،مروراً بموسى ، وعيسى ، الى ان وصلت  للنبي  محمد خاتم الانبياء.مع اختلاف الرسالات السماوية ، وطقوس العبادات ، لكن جميعها توحدت في عبادة الصيام من حيث الجوهر والمضمون .لا لكون الصيام   جانب عبادي متوارث عبر العصور يجب  المحافظة عليه ،بل تعدته الى فلسفة عظيمة تحمل بين ثناياها جملة من الدروس والعبر ، من شأنها ان تسهم في بناء الشخصية الانسانية المتزنة .هذا  ما يتلمسه الصائم   اثناء صيامه ،

في ترسيخ  مفاهيم مهمة في الصبر والتحمل  ،والايثار ، والسمو بالنفس عن الشهوات   ، والسيطرة على الذات والتحكم الممنهج بالسلوك ،بالاضافة الى الكثير من الفوائد النفسية والجسدية  ،لا يسع المقام لذكرها . الخوض في فلسفة الصيام وقدسية هذا الشهر، السؤال الذي يطرح لماذا  رمضان يفرقنا ؟ بعد ان عرفت البشرية التكنلوجيا وطرق التواصل ، وتقريب البعيد من خلال اختراع الراديو والتلفاز ، والانترنيت الى ان اصبح العالم اشبه  بايقونة صغيرة في اصغر شاشة موبايل ، لايبعدك عنه فقط ضغطة زر .كان من المفترض ان تساهم  تلك النقلات الى التقريب والاندماج بين المجتمعات وتذليل العقبات التي تعيق  لغة التواصل ، ونقل الافكار بسلاسة .الغريب في الامر  ان الهوة والفرقة اخذت بالاتساع ، وكأن هناك علاقة  عكسية كلما ازدادت وسائل التواصل كلما بعدت المسافات   ، والاغرب منه إن من يقف وراء تلك الفرقة والاختلافات شيوخ الظلالة وتجار الدين وأئمة  التمزيق ودعاة الرجعية  ، مع دخول  الحسابات السياسية على الخط مستغلة المال السياسي في تنفيذ اجنداتها التدميرية ، في شق وحدة المجتمعات العربية والاسلامية  ، والنتيجة في كل عام ومع حلول الشهر الفضيل  ، تتعالى الاصوات في رؤية الهلال من عدمه ، ويعاد استحضار التاريخ من جديد والخوض في خلافات الماضين ، وتزداد الهوة بين المذاهب ، وتتحول  من رؤية هلال وحسابات فلكية بسيطة  ،

 الى  خلافات في العقيدة والدين والمذهب وتصل الى تكفير بعضنا الاخر  ، حتى وصل  الحال الى شيوع ثقافة النجاة في الاختلاف  ،فتجد السني يخالف الشيعي ،ومصر تخالف قطر ،وايران تخالف السعودية ،  متناسين كيف سيقضون امتحان يمتد ثلاثون يوماً يحتاج الى نقاء نفسي ، وسعة صدر في قبول الاخر  وتطبيق مبدأحب لأخيك ما تحب لنفسك . كل هذه الاسباب ادت الى ان تمر علينا ذكرى حلول الشهر الفضيل بدل ان نهلل  ونرحب  بقدوم شهر الصبر والمساواة ، ونحن منشغلين في تخبطنا المعتاد  .هنا تتبادر الى الاذهان عدة تساؤولات .لماذا لم يضع المسلمون حداً لخلافهم الطويل ؟ وهل التطور التكنولوجي والتقنيات الحديثة عاجزة عن ايجاد حل للمشكلة  ؟ام ان الامر مقصود وورائه اجندات الانظمة الفاسدة ، والقوى المستعمرة ؟وخصوصا ان التفكير في ايجاد حل لتوحيد المواقيت  ، يعني الشروع في ايجاد حلول لمشاكل اكبر تعاني منها امة  محمد .

 [email protected]