18 ديسمبر، 2024 6:55 م

لقد تطرق الكاتب محمد عبد ألفتاح السروري ؛أن ألباحث أبوزيد تعرض للفارق بين مصطلحي ألتفسير وألتأويل . وهذان ألمصطلحان يمثلان لب ألخلاف بين كثير من ألمشتغلين في ألفكر ألاسلامي, أذ أن ألتفسير والتأويل أصبحا وكأنهما مدرستان مختلفتان لكل منهما أهداف ومنهاج مختلف . فالتأويلية ظهرت أول ماظهرت كانت تحت مسمى ال[هرمنيوطيقا] وكان هذا ألمصطلح يشير ألى مجموعة ألقواعد والمعايير ألنظرية ألتي يجب على ألمفسر أن يتبعها لفهم ألنص ألديني ؛أما مصطلح ألتفسير فكان يشير ألى عملية ألتأويل ذاتها.هذا هو ألفرق بين ألمصطلحين في ألفكر ألاوروبي . أما في ألتراث ألعربي والاسلامي فنشأ خلاف في ظروف مغايرة أذ نشأ بين ألمصطلحين في حقبة [الفتنة]ومحاولة كل فرقة بلورة ألفارق في ألأستخدام والمفارقة هنا أن ألباحث يذكر أن مصطلح ألتأويل كان هو ألمستخدم من دون حساسية للدلالة على شرح ألقرآن ألكريم في حين أن مصطلح ألتفسير كان هو ألاقل تداولا.ويسوق هنا ألمقولة ألتي قالها ألامام علي [ع] حينما رفع ألامويون ألمصاحف على أسنة ألرماح [ بالأمس حاربناهم على تنزيله واليوم نحاربهم على تأويله]. والمفارقة ألثانية أن كلمة ألتفسير في ألقرآن كله لم ترد سوى مرة واحدة على عكس كلمة ألتأويل التي وردت أكثر من عشر مرات . ولكن على ألرغم من أسبقية ألتأويل على التفسير , درج رجال ألدين منذ ألقرن ألرابع ألهجري [العاشر ألميلادي] على تفضيل مصطلح ألتفسير على مصطلح ألتأويل وأصبح ألتأويل مقرونا بالجنوح عن ألمقاصد والدلالات ألى أفكار أخرى من خلال تحريف متعمد لدلالات ألمفردات ومعانيها .سقط ألعقل ألعربي بين شقي ألرحى , بين مطرق ألسلطة ألسياسية وسندان ألسلطة ألدينية ؛سلطة ألنص ألديني وسلطة ألسياسة ألحاكمة ؛ فأذا توحدت ألسلطتان كان ألتأويل شأنا من شؤون ألدولة ومن هذا ألسياق يمكن أن نفهم لماذا حرص ألخليفة عثمان بن عفان على ألقضاءعلى تعددية قرءة ألنص وحصرها في لغة قريش وحدها .أن حصر ألعقل بين ألسلطتين ألدينية وألسياسية يؤدي ألى أماتة ألعقل وجعله هامشيا في بنيته ومثال على ذلك ما حدث في حرب ألخليج ألتي كان من شأنها أن جعلت كل ألاطراف يتوشح بوشاح ديني تبريرا لدوافعه.
نزل القرآن الكريم لأكثر من عشرون عاما وكانت ألآيات تنزل على رسول ألله [ص]بفترات متقطعة ,قد تنزل آية آوآيتان في كل مرة وقد تأخر ألنزول لفترة من ألفترا ت لمدة سنتين وهذا يعني أن ألصحابة ألذين لم يفارقوا ألرسول [ص] طيلة ألوقت ,وكانوا يدخلون عليه حتى في بيته بدون أستأذان, وقد نهاهم ألقرآن ألمجيدعن ذلك.وكانوا يسألونه عن كل شاردة وواردة في شؤون ألدين والدنيا ,فمن من ألمستغرب والعجيب أنهم لم يسألوه عن تفسير ألآيات ومعانيها ومقاصدها وحلالها وحرمها وسبب نزولها وهو ألمشرع لقوانين ألسماء ولوزامها ونواهيها. لقد كان ألصحابة يسألونه عند كل شيئ حتى في شؤونهم ألخاصة والعائلية . من هذا يتضح أن معظم كتب ألتفسير ألموجودة في ألمكتبات ألتي يربوا أعدادها على آلالاف هي عبارة عن أجتهادات شخصية , ضاع ألمسلمون في معانيها وفحواها يخوضون ألحروب وتسفك ألدماء عبثا بناءا على تفسير آية هنا أو هناك .وللدلالة على ذلك تفسير آيات سورة ألمائدة بشأن لحوم أهل ألكتاب[ أليوم أحلت لكم ألطيبات وطعام ألذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من ألمؤمنات وألمحصنات من ألذين أوتوا ألكتاب غير مسافحين ولا متخذين أخدان ……………ألخ] فبعضهم يقول تعني ألحبوب وهذا يتناقض مع آية أخرى [ أحل لكم صيد ألبحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر مادمتم حرما وأتقوا الله ألذي اليه تحشرون]فأين ألحبوب في ألبحر بينما يحلل ألبعض ألاخر ذبائح ألنصارى واليهود كما جاء في[تفسير ألجلالين [ وكما تم تحليله من ألكثير من رجال ألدين مثل محمد عبده والقرضاوي معتمدين على روايتين أحداهما دعوة اليهودية للنبي[ص] وتقديم لحم ألكتف ألذي كان يحبه فأكل وأثناء ألأكل نزل عليه جبريل وأخبره أن أللحم مسموم فتوقف فسألها عن سبب سمه ؛قالت في ديننا أن ألنبي عندنا لايموت بالسم وعندها أعلنت أسلامها والرواية ألاخرى أنه في بداية ألاسلام عندما مر على قوم بمعية ثلة من صحابته دعوهم لوليمة ؛ وفي أثناء ألاكل سأله أصحابه نحن لانعرف أن هذا ألطعام مسمى عليه أم لا ؛فقال لهم[ص] سموا عليه وكلوه .بينما يذهب ألبعض آلاخر الى تحريم ذبائح أهل الكتاب أشد ألتحريم, ويقفون موقفا مائعا في تفسير آلاية [ يأيها الذين أمنوا أجتنبوا كثيرا من ألظن أن بعض ألظن اثم ولاتتجسسوا ولايغتب بعضكم بعضا ,أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه وأتقوا ألله أن ألله تواب رحيم]فأيهما أكثر حرمة أكل أللحوم أم أكل لحوم ألبشر فعن طريق التجسس والغيبة قتل ألملايين من ألمسلمين نتيجة لوشاية  لحاكم ظالم أوطاغية ويعتمدون على تفسر آلاية [يأيها الذين آمنوا اطيعوا ألله واطيعوا الرسول واولى ألامر منكم…..الخ] ويفسرونها على أنها أطاعة ألحاكم دون النظر أذا كان عادلا أوظالما ؛صالحا أوفاسدا والله جل جلاله
يقول في محكم كتابه [ ولاتركنوا الى ألذين ظلموا فتمسكم ألنار] ويقول ألنبي[ص] ؛لاطاعة لمخلوق في معصية ألخالق ؛أليس قتل ألابرياءمن قبل الحكام الظالمين عبر العصور معصية للخالق ؟إإ ومنهم على سبيل ألمثال للحصر ألطاغية ألحجاج وصدام حسين ومن لف لفهم .فأذا طبقنا أطاعة ولي ألامر حسب تفسيرات ألمفسرين فأن ألثائرين في تونس ومصر وأليمن وليبيا وسوريا يجب قتلهم لأنهم خرجوا على ولي ألامر.هناك تفسيران متناقضان للآية[ نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنا شئتم وقدموا لأنفسكم وأتقوا ألله وأعلموا أنكم ملاقوه وبشر ألمؤمنين] هناك تفسير أن كلمة [أنا] هي مكانية وزمانية فيحق للزوج أن يضاجع زوجه من قبل ومن دبر والبعض يقول أنه يحق للزوج ذلك ولكنه مكروه ؛ والبعض ألاخر يقول أنه لايجوز مضاجعة ألزوجة من دبر وأنه حرام وان كلمة [أنا] تعني متى شاءليلا أونهارا حتى وأن كانت تطبخ ألطعام ؛ هذه ألآية نزلت وكان ألنبي [ص] بين ظهرانيهم فلماذا لم يسألوه وأنه لاأحراج في ألدين؛من هذا يتضح أن ألكثير مما يطلق عليه بالتفسير لايعدوا أن يكون تأويلا وقد سبب مشاكل عويصة للمسلمين في فهم مقاصد ألشريعة ؛فرجل دين يحرم بينما ألآخر يحلل نفس  ألنص. وعندما نأتي الى كيفية ألوضوء نقع بنفس ألمعضلة والتفسيرات المتناقضة ؛فقد جاء في ألآية[يأيها الذين آمنوا أذا قمتم للصلاة فاغسلوا وجوهكم وايديكم الى ألمرافق وأمسحوا برؤوسكم وأرجلكم ألى ألكعبين ………ألخ] فبعض ألمفسرين يقول أنه يجب غسل ألرجلين وليس مسحها لأنها معطوفة على ألوجه بينما ألبعض ألآخر يقول عكس ذلك ويصر على وجوب مسح الرجلين كما جاء في نص ألآية؛ وهنا يقع  المسلم في مشكلة فهل صلاته صيحة أم باطلة وأي تفسير يتبع؛ لقد صلى وراء ألنبي[ص]مئات الالوف وشاهدوه وهو يتوضأ فلماذا أختلفوا إ ؟
أن عدد ألكتب ألتي ألفت فيما يطلق عليه بالتفسير يكفي لملأ عشرات ألالوف من ألمكتبات, ولكن العبرة هل أستفاد منها جموع ألمسلمين ؛أم عملت على التفريق بينهم عبر ألعصور.أما قضية ألمراة فقد كثر فيه ألجدل وألاخذ والرد لمئات ألسنين من حيث خروج ألمرأة بدون محرم من دارها [ وقرن في بيوتكن] فهذه أم ألمؤمنين عائشة خرجت لقتال الامام علي في معركة ألجمل فأين ألمحرم هنا واين ألاستقرار ؛وقد خرجت الصحابية أم عطية ونسيبة بنت كعب مع النبي[ص]في غزوات ألرسول وكن يطببن ألصحابة ولم يمنع الرسول ذلك في حياته فمن أين جاءت هذه ألتأويلات.وكانت ألنسوة يصلين وراء ألنبي وحتى وقت متأخر من خلافة عمر.وهذا غيض من فيض مما يعاني منه المسلمون في فهم دينهم الحنيف ومقاصد ألشريعة وتركتهم بمفترق طرق لايعرفون أين يتجهون!!.
أنه آن ألاوان لأنتاج فكر علمي معرفي قادر على ألفهم والتدبر ؛تدبر ألنصوص والتاريخ ألماضي والحاضر؛ألدنيوي وألمقدس .والسؤال كيف يمكن ألفكاك من أسار ألبنية ألعقلية ألتي أنتجت ألواقع ألأميل ألى ألمحافظة على ألموروث والخطاب ألسلفي إإ كيف يمكن ألخلاص من هذا ألوضع لمصلحة بنية عقلية تعلي من شأن ألتأويل والتجرؤ على ألنص ومحاولة فهمه في ٍسياق آخر غير ألسياق ألعام ألذي لايخرج عن قاعدة ألعبرة [ بعموم أللفظ وليس بخصوص ألسبب] ؛يجيب أبوزيدعن هذا ألسؤال في بحثه حينما يقول مانصه؛لا خلاص من تلك ألوضعية ألا بتحرير ألعقل من سلطة ألنصوص ألدينية وأطلاقه حرا يتجادل مع ألطبيعة والواقع ألانساني ,كما يتجادل مع ألغيب والمستور ,فينتج ألمعرفة ألتي يصل بها ألى مزيد من ألتحرر ؛ يصقل أدواته ويطور ألياته , ولا يتم ذلك ألابتحرير سلطتي ألنصوص ألدينية والسلطة ألسياسية وبتجريد ألذاكرة من عمليات ألمحو وألاثبات ألايدلوجية.والله سبحانه وتعالى أعطى للآنسان فسحة كبيرة للتفكر بآيات ألله في ألكائنات ألتي خلقها والتدبر في تشريعات السماء والحكمة في تنزيلها وتطبيقها وجعلها سهلة لعموم ألناس وكما جاء في ألقرأن ألمجيد [سنريهم آياتنا في ألأفاق وفي انفسهم] ؛ولذلك عندما كان ألنبي يرسل ألصحابة لتبليغ العقيدة ألأسلامية ألى ألقبائل والأقوام كان يقول لهم [يسروا ولاتعسروا  وبشروا ولا تنفروا] .