اعتاد السيد المالكي أن يخوض في اغلب لقاءاته العامة في حديث المؤامرات عبر وسائل الاعلام الرسمية,وقد تجاوزت تلك الحوادث التآمرية المفترضة حد العد والإحصاء لكثرتها,حتى بات تكرار هذا الموضوع يزعج مسامعنا المثقلة بثقافة الضد والاتهام المتبادل بين فرقاء العملية السياسية الجارية في العراق
الأزمة السياسية التي تثير مخاوف اغلب أبناء الشعب العراقي (المستقل الذي لا ينتمي إلى أي جهة عدى بعض الخصوصيات الاثنية الخفيفة)هو تردد الأقاويل حول تأمر بعض المشاركين في العملية السياسية(الكتلة العربية السنية)وخطتهم الانقلابية(المدعومة عربيا)المتحالفة مع بقايا حزب البعث المنحل,وبعيدا عن الحزازيات أو الاعتبارات الاثنية أو الطائفية,هناك مخاوف من تزايد المطالب الانفصالية القادمة من جبال كردستان(وهذه تبعاتها كارثية إلا إنها محكمة بالظروف الإقليمية),
وتعنت المكون السني الذي لا يريد بعض شخصياته وكتله السياسية الصاعدة حديثا, الاندماج في العملية السياسية الديمقراطية الحديثة,وهم لا يعرفون أو لا يريد بعضهم أن يقتنع إن العنتريات الشخصية وصورة القائد الرمز أو الضرورة لابد لها إن تختفي من الحياة والواجهة السياسية لأي بلد يبحث عن ترسيخ النظام الديمقراطي ودولة المؤسسات بين جميع مكونات المجتمع دون استثناء,
لا الشيعية ولا السنة ولا حتى الأكراد(الذين أثبتت الأيام فشل تجربتهم الديمقراطية في إقليم كردستان بعد سيل الرصاص الموجه للمظاهرات الاحتجاجية التي شهدتها بعض مدن ومحافظات الإقليم وبقاء صورة القائد الرمز حاكمة لإقليمهم) يرغب أبناءهم في العودة إلى دولة الرمز أو قائد الأمة,
نحن نريد دولة تنصف كل شرائح المجتمع,يسود فيها القانون بالسلطات الثلاث المنفصلة في عملها وأداءها(التنفيذية والتشريعية والقضائية),دولة الحرية والعدالة والمساواة,تصان فيها كرامة الإنسان ,تغيب عنها لغة التخوين والاستهداف والحسابات والمنافع الشخصية ,وتطبيق برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبشرية الخ.
نعود إلى أحاديث السيد المالكي التي خرجت عن سياقاتها الطبيعية,الشعب يقول إن كان حديث المؤامرات صحيحا(ونحن نلمس تلك الممارسات يوميا في شوارع العاصمة بغداد-العبوات وكواتم الصوت والسيارات المفخخة وتهريب الإرهابيين من السجون الخ.)فالقانون والدستور يفرض على السيد رئيس الوزراء إن يطبق القانون وان يتجه إلى المحاكم العراقية لمتابعة تلك الاتهامات ومحاكمة المذنبين مهما كانت مراكزهم ومواقعهم السياسية أو الاجتماعية,ولهذا ليس من الحكمة ان يتم التطرق إلى مؤامرات ومحاولات انقلابية تشترك فيها بعض الشخصيات أو الكتل السياسية المشاركة في العملية السياسية دون ان تقدم تلك الأدلة المفترضة إنها بحوزة السيد رئيس الوزراء إلى الجهات القضائية المختصة لمتابعة تلك الاتهامات والتحقيق في مدى صحتها,وان كانت هذه الأدلة (على غرار قانون صدام المقبور القائل- الخائن اعرفه من عيونه)عبارة عن مخاوف وهواجس شخصية ليس لها وجود على ارض الواقع فهي مدعاة للمراجعة والنظر من قبل رئيس الوزراء وكابينته الاستشارية,لان هذه الأحاديث تعد مخالفة دستورية وقانونية وقضائية(إذا كانت غير مسندة بالأدلة الشبه قطعية)
لايخفى على احد إن المكون السني(السياسي وليس أبناء هذا المكون الرئيسي في المجتمع العراقي)لعبت به أموال الدول العربية والإقليمية,تحت ذريعة التهميش وغياب الماركة الفعلية,ولكنها في الحقيقة هي ذكريات الماضي التي كانت السٌنة بعضهم تتلذذ بالألفاظ النابية الموجهة لأبناء الجنوب(من المكون الشيعي)وكذلك الإخوة الأكراد(الذي سوق ثقافة النكات والاستهزاء بهم),
كيف يمكن لخادم النظام المقبور الذي قيل إن بعضهم ذكر في جلساته الخاصة(سجادة كنا ندوس عليه شلون نلبسه أو نتغطى بها)إن الشيعة اغلبهم تبعية إيرانية(مع إنهم عرب أقحاح ينتمي اغلبهم إلى بلاد الحجاز والجزيرة العربية عموما),ان يعود إلى وطنيته الاعتيادية ويندمج بالحياة العامة دون تمييز,أكثر من سبع سنوات وهم يتلوون(بعض الشخصيات المحسوبة على المكون السني) كالافعى الرقطاء ,دون ان يبان لهم لون أو وجه واضح يمكن إن نفهم مقاصده أو مطاليبه!
السيد المالكي مطالب ان يكشف أوراق تلك المؤامرات المزعومة أمام القضاء العراقي أولا وأمام الرأي العام ثانيا,حتى لا تصبح هذه الأحاديث ورقة انتخابية قادمة يستخدمها من يبحث عن التشبث بكرسي الحكم؟
أما ان يتم التطرق إلى إن بعض الجهات المشاركة في العملية السياسية يستخدم أفرادها أجهزة وسيارات وأسلحة الحكومة لتخريب الدولة وإشاعة الفوضى,فهذا أمر غريب وخطير جدا,
لأننا تعودنا على إن الخونة المفترضين الذين يتحدث عنهم رئيس الوزراء أو بعض أعضاء مجلس النواب ,هم أبرياء في نهاية المطاف, ولم يطبق بحقهم أي إجراء قانوني,إلا بعض من سمح له إن يهرب خارج العراق بصفقات مشبوهة ثم يعلن عن مطالبته بالعودة والمثول أمام المحاكم! أين هي الحقيقة يا حكومة الشراكة الوطنية؟