14 عاما من الخيبات الدبلوماسية، عاشها العراق، قطعت صلاته بالعالم، وألبت قوى، ما كان إستعداؤها مجديا؛ فهل وعينا الدرس؟ بعد هدر الاموال وتبديد الجهود بسبب قلة الوعي والفساد وتأسيس وزارات ومديريات لرعاية الأهوار والاثار غير فعالة، نجح ضغطنا الشعبي وطروحات خبرائنا وعلمائنا في توضيح الصورة وتحديد المسارات الصحيحة وهذا هو ما يحتاجه العراق.. اتحاد توجه ارادة البناء والإعمار مع علو المعرفة في فريق منسجم.
أظن وعيا رصينا بقيمة كسب العالم، والكف عن إستعدائه، تجلى من إدارة ملف “درج الاهوار والمواقع الأثرية العراقية، على لائحة التراث العالمي” إختبار عنيف، عاشته الدبلوماسية العراقية ،التي استجابت للجهود الشعبية والضغط المدني ،مؤلفة من أركان الحكومة، المعنية بالحوار مع منظمة اليونسكو.. مخاض عاشته وزارات الري وإنعاش الأهوار والثقافة والخارجية، بإشراف أمانة مجلس الوزراء، بمواجهة قوى كونية متنفذة؛ حريصة على مصالحها، التي تمس.. من بعيد أو قريب؛ عندما تقر الاهوار ومواقع اثرية عراقية، على لائحة التراث العالمي، محمية من قبل الأمم المتحدة، تلزم تركيا بإطلاقات مائية، تنعش الأهوار والانهار والزراعة ويضمن العراق تمويلا عالميا وحماية دولية لأمن المنطقة، ما ينتشل رأس المال من جبنه، متوجها للإستثمار في تلك المحمية الأممية؛ لذلك حق لأهل الناصرية الاحتفال بإتخاذهم محورا في لائحة التراث العالمي. سباق ضد الوقت منذ إعترضت تركيا وايران، وفوجئنا بإعتراض غير مسبب من فرنسا، والعد التنازلي، إقترابا من 10 تموز 2016، موعد إنعقاد إجتماع اليونسكو، في تركيا، لغاية 20 تموز، يعني للتشكيلة الوزارية، المؤلفة من الجهات أعلاها، سباقا مع الزمن، فالأحداث جردت العراق، من أية وسيلة للضغط على الآخرين؛ كي يلبوا طلباته.. “شوطان والريح ضدنا” لذلك لم تبق لدى الدبلوماسي العراقي، سوى المروءة، في نسج الخطاب العالمي، مع سفراء الدول الأعضاء في اليونسكو.. لا مال عندك تقنوه ولا نعم.. بينما قضية كهذه في زمن النظام السابق، تحسم بشيكات مفتوحة على بياض! فهل يمتلك وفدنا المفاوض شيكات لمكافأة الدول المتعاونة، وهو عاجز عن تدبر ثمن تذكرة السفر!؟
وبهدوء كسبت دبلوماسيتنا 19 صوتا من 22 مجموع الدول الاعضاء، وبالتدريج، تضامنت فرنسا وايران مع المطلب العراقي، فلم يؤثر تصويت تركيا ضده وجاءت حمامة المفاوض العراقي، بغصن الزيتون الى طوفان العراق؛ حاملة البشرى الى “أوتونابشتم – نوح” وهو حائر بالثنائيات، حتى إستوت بهم السفينة على قمة “الجودي” في جبل “أرارات”.. الأسطورة والواقع.. كلاهما.. يدور في فلك الوركاء وتركيا. جنة على صفحة الهور المكاسب التي سيحققها العراق من درج الاهوار والمواقع الاثرية.. اور والوركاء وسواهما، على لائحة التراث العالمي، كثيرة، من شأنها أن تغير الواقع الإقتصادي للمكان، وتعيد تنظيم البيئة، وتخدم عموم العراق، من حيث إلزام تركيا بتقديرات الامم المتحدة لحاجة العراق من الماء، للإستثمارها في الزراعة والصناعات البيئية، مثل اللقى الأثرية المصغرة وتعليب الاسماك ولحوم الجاموس ولبنها وحليبها فائق الدسم ومزارع حيوانية ونباتية ودوائية، من تلك التي تميزت بها الاهوار وصيد الطيور والاثاث القصبي وإستثمار البردي في إنتاج الورق وتوليد الكهرباء، وإنشاء الفنادق والكازينوهات والمجمعات التجارية، وأساطيل القوارب والربلات السياحية ومجمعات للصحية البشرية والبيطرية، وهذا يفتح مديات من العمل؛ للسياحيين والصناعيين والمهندسين، بل حتى المحامون سيدخلون نطاق إشتغال، لم يتعرف الوسط القانوني عليه من قبل، مثل التعاقد مع الفنانين و”ذوات” المهن الفنية.. عراقيات وعربيات وأجنبيات، مع متعهدي الكازينوهات والمطاعم والاندية. كم خبيرا سياحيا وموظفا وعاملا وموزعا وفنانا وطبيبا ومحامي ورجل اعمال وسواهم بالآلاف.. سيلتحقون بـ “لائحة التراث العالمي” إذا لم تأكل البقرات العجاف نظيراتهن السمان، في رؤيا المفسدين، الذين يخبطونها ويشربون الحرام؛ ما يؤدي بالجهات الدولية للإنسحاب متنصلة من وعودها وإلتزامات اللائحة المعمول بها في الدول التي سبقتنا، ويفر المستثمرون حين يرون “الكومشنات” تلاحقهم، من “الجايجي” الى… حية الحماد الرقطاء. فحذاري من تبديد قيمة المنجز، يا أيها الـ… مسؤولون.