الحلقة الثانية
يمثل قائد الحرس الثوري الايراني الحالي قاسم سليماني، إحدى الواجهات المهمة التي تشرف وتنفذ معالم ستراتيجية (الامبراطورية الايرانية) الجديدة، التي يعتمدها المرشد الايراني ، أيا كان هذا المرشد (الخميني أو الخامنئي) أو ممن يأتي بعده ، وتعتمد هذه الستراتيجية في المقام الاول على مبدأ (ولاية الفقيه) الذي يوفر لايران فرصة الغاء كل انظمة المنطقة ذات الطبيعة الاسلامية وضمها الى هذه الولاية، فهي تناظر الى حد ما ولاية ما يسمى بـ (الدولة الاسلامية) التي يعتمدها تنظيم داعش، في الاطار المعاكس من حيث التوجه المذهبي، لكنها تلتقي مع نظام (ولاية الفقية) في كثير من أوجهها، وشجعت كل من الولايات المتحدة والعالم الغربي شيوع انظمة من هذا النوع تقوم على الاطار المذهبي وغذتها بكل اوجه الدعم والمساندة ووفرت لها أذرعا ودعائم تصل حد (شرعنة)
مثل هذه الانظمة حتى وان اعلنت الحرب عليها ، فهي الوحيدة التي قدمت خدمات جليلة لامريكا والغرب ، في ان تكون معينا لها للسيطرة على مقدرات العرب وسرقة اصول دينهم وتشويه معالمه وطوائفه واستغلال كل مايغذي نعرات الاقتتال والاختلاف والاحتراب وهي من اسهمت بتريب كثير من قياداتها ولديها معهم صلات وطيدة، وهو ما شهدناه خلال الثلاثة عقود الماضية منذ ان أنشأ الخميني امبراطوريته عام 1979 في ايران التي تقوم على مبدأ (ولاية الفقيه) ثم جاءت داعش ومن قبلها القاعدة بعد الاحتلال الامريكي لتكون (السبحة) كما يقال قد اكتملت وخلقت جناحي التطرف والتمزق المذهبي، وما لحقه من قيام ميليشيات متناظرة ومتناحرة في المذهب والتوجهات سواء تحت اطار جيوش حرس ثوري او جماعات وفصائل مسلحة كالتي تم تكوينها في ايران او ما يشهده العراق ومن ثم سوريا واليمن حاليا من نماذج من هذا النوع، وكل يد امتدت لها يد الخراب الايراني الداعشي، فهما وجهان لعملة واحدة، ينفذان ستراتيجية تلتقي في الاهداف العامة وان اختلفت في اشكال ونظم الحكم الا ان طبيعة توجهاتهما واهدافهما تخدم مخططات الولايات المتحدة في تمزيق دعائم العالمين العربي والاسلامي والقضاء على اية ملامح للوحدة والالتقاء في المواقف والاهداف لمواجهة ستراتيجية الدول العربية جميعا في اية مواجهة مع اسرائيل او مع الغرب والولايات المتحدة في بسط مقدراتها على ارض العرب والدول الاسلامية عموما. والطامة الكبرى ان قاسم سليماني يتحرك ومنذ سنوات بكل حرية على كل ارض العراق ويقود المعارك ويرسم معالم خططها وينفذ فصولها بالتعاون مع قوات ايرانية من الحرس الثوري، تساندها ميليشيات عراقية دربتها ايران ومدتها بكل وسائل الاسناد والدعم العسكري واللوجستي وهي خارج أطر الدولة العراقية ولا تؤتمر بأمرها ان لم تكن قوات الجيش العراقي وباقي القوات الامنية تأتمر بأوامر قاسم سليماني ومن يعاونه في هذه المهمة من ضباط عسكريين ايرانيين ،
من الحرس الثوري الايراني، وكل المعارك التي جرت في محافظات العراق واخرها الرمادي والفلوجة هي تحت قيادة قاسم سليماني، وما يظهر من اشكال ومسميات قيادات عسكرية عراقية ما هي الا وسائل مساندة تنفذ ستراتيجية مايرسم لها من قبل سليماني، وليس لدى قادة القوات المسلحة العراقية اية قدرة على ان يكون لهم الدور الريادي في تحرير محافظات بلدهم من قبضة داعش ، واصبح العراق بين نارين: بين قبضة ايران الكاملة على مقدراته وفي ان تكون داعش ظهير ايران المعاكس والذي لديه (مشتركات) كثيرة مع ايران، إذ لم يلحظ اي عراقي ان ايران اصابها اي ضرر من اي نوع كان بالرغم من ضراوة المعركة مع داعش، ولم يهاجم داعش مدنا ذات طبيعة مذهبية معاكسة ان لم اتخذ من محافظات معينة ذات طابع مذهبي معين لتكون مركز انطلاقته نحو تدميرها والقضاء على معالمها، وهو ماتحدث فصوله الان على ارض العراق، لكن الحكومة العراقية ليس لديها القدرة على مواجهة تسلط ايران على مقدرتها لأن أغلب قياداتها مدعومة من ايران وهي من ربتها ودربتها لهذا اليوم، الذي يتم فيه تدمير آخر ماتبقى من معالم القوة في العراق حتى راح العراق يزحف على ركبتيه ، وهو مشلول الارادة ، ليس بمقدوره ان ينهض مرة أخرى، بعد ان تعاونت كل قوى الشر والضلالة على تمزيق نسيجه الاجتماعي والجغرافي وقضت على مراكز محافظاته وحطمت ارادة شعبه وانهت دوره لعقود مقبلة، الى ان يقضي الله أمرا كان مفعولا.