رحم الله المطرب ناظم الغزالي فهذا المطرب الذي يحمل صوتا رخاميا كثير العذوبة اتحفنا بروائع الاغاني التي لها دلالات مستنبطة من واقعنا فقد كانت اغنيته ” عيرتني بالشيب وهو وقار ” من الاغاني التي انصفت الاشخاص الذين غزى الشيب شعرهم وجعلهم يعيشون في نشوة الوقار .. وفي كل الاحوال فأن ظهور الشيب في شعر الشخص لايدل على تقدم السن فكثير من الاشخاص وهم في مقتبل العمر نراهم وقد غزى الشيب شعرهم وقد يكون هذا الغزوا نتيجة وراثة او قد يكون بسبب وجود خلل في خلايا الجسم .. ولانريد ان ندخل في متاهات الاسباب والمسببات في انتشار الشيب مادام المطرب ناظم الغزالي قد انصفهم واعتبر الشيب وقار والوقار هيبة والهيبة ليست متوفرة في كل شخص ..
اذن الشيب هو هبة من الله يسعى من خلاله ان يعطي المرء مكانة بين اقرانه .. فقد وضع المطرب ناظم الغزالي النقاط على الحروف واتحفنا باغنيته ” عيرتني بالشيب وهو وقار .. ياليتها عيرت بما هو عار ” وهو شهادة يعتز بها كل من غزى الشيب شعره وكان لابد ان يدخل اكتشاف المطرب ضمن المكتشفات التي غيرت مسيرة البشرية رغم انه كان يتمتع بشعر اسود فقد تجرد من انانيته وشعر بمشاعر الاخرين واعتبره وقار في اشارة الى ان من كان شعره اسود يكون غالبا اقل وقارا من الشخص الذي يكون شعره ابيض ..
ورغم اعتراف المطرب الغزالي بمكانة الشخص الاشيب في المجتمع الا اني كنت من اكثر الضحايا الذين غزى الشيب شعرهم وهم شباب .. قد يكون بسبب وراثي لكنه بطبيعة الحال كان يخلق لي نوع من القلق وخاصة ايام الجامعة ورغم القلق الذي كنت اشعر به الا اني لم اتجرأ على استخدام صبغة الشعر لتغيير لونه قد يكون بسبب اعجاب عدد كبير من زميلاتي الطالبات بلون شعري الذي يحمل لونين متداخليين ” الاسود ولابيض ” لكن مع مرور الزمن بدأ اللون الابيض الذي يبدوا انه اكثر قوة وسطوة من اللون الاسود يحتل مساحات واسعة من فروة رأسي وينتشر انتشارا غريبا لكنه ورغم تحقيقه هذه الانتصارات لم يهزني وبقيت صامدا ..
هذا الوحش المخيف الذي بدأ احتلال ارض ليست ملكه بعملية قسرية وانا صاغرا له لا احرك ساكنا في حين كان الكثير من زملائي يواجهونه بقساوة من خلال استخدام المبيدات القاتلة ” صيغة الشعر ” لايقاف تقدمه وغزوه لكني وبسبب ايماني بالكفاح السلمي لظاهرة العنف كما كان يفعل الزعيم الهندي ” المهاتما غاندي ” كنت لا احرك ساكنا لايقاف غزوه الغير مبرر حيث كنت في قرارة نفسي أؤمن ان تغيير ما وهبنا الباري عز وجل من خلق او شكل هو عمل غير ايماني ومخالف لتعاليم الاسلام وهذا الاعتقاد ليس تخلفا بل هو رأي شخصي .. ومن الجائز ان يتهمني البعض بالتخلف وعدم مجارات الحداثة و ” المودة ” التي باتت اكثر انتشارا بين الشباب والشابات من الذين اراهم واشاهدهم في صالونات الحلاقة حيث يعمل الحلاق على تغيير شكل وجوههم بعد قيامه باستخدام الخيط ل ” حف ” وجوههم واستخدام المساحيق التي ماقدر الله لها من سلطان لتنعيم بشرتهم لكني على يقين ان الموضه او الحداثة ليست بتغيير شكل الوجه بل بتغيير فكره وجعله اكثر تقبلا للتعامل مع المجتمع المحيط به تعاملا حضاريا ..
والسؤال المطروح .. ما اهمية مجارات المودة بتغيير شكل الوجه مع بقاء الانسان متخلفا في فكره وتصرفه مع المجتمع المحيط به .. ورغم انتقادي الشديد للاشخاص وخاصة كبار السن ممن باتوا يجارون الموضة لتغيير لون شعورهم من اللون الابيض الى الاسود الا اني وبسبب مباهج الحياة و تطبيقا لمبدأ ” حشر مع الناس عيد ” صممت على تغيير لون شعري الابيض الذي بات يقرفني والخروج من قاعدة المطرب ناظم الغزالي فقمت بشراء صبغة سوداء اللون وما ان خلد افراد عائلتي الى نوم عميق ليلا حتى شرعت باستخدام الصبغة حيث بدأت بنشر المبيدات ” صبغة الشعر ” على الغزاة ممن يرتدون الزي الابيض على ” راسي وشلربي ”
وما ان انتهيت وبعد فترة قصيرة غير الغزاة ملابسهم من اللون الابيض الى اللون الاسود وما ان تقدمت الى المرآة حتى شعرت بقشعريرة واشمئزاز بعد ان تغير شكلي الى شخص لا اعرفه شخص جديد حتما سيغير كياني وشخصيتي بين اقربائي واصدقائي فقمت فورا بسكب الماء على فروة رأسي واعادة لون شعري الى لونه السابق الابيض الذي تعودت عليه وانا العن الشيطان على ما قمت به من عمل مشين عندها ازداد ايماني بأن الانسان لايقاس بشكله بقدر ما يقدمه من عمل يصب في خدمة المجتمع ومن ثم ترحمت للمطرب ناظم الغزالي .