15 نوفمبر، 2024 9:46 ص
Search
Close this search box.

في تأبين المرحوم عميد الجالية العربية الأمريكية الأستاذ والمفكر العروبي والسفير كلوفيس مقصود

في تأبين المرحوم عميد الجالية العربية الأمريكية الأستاذ والمفكر العروبي والسفير كلوفيس مقصود

نلتقي هذا اليوم في مناسبة حزينة جداً على الجالية العربية الأمريكية بوفاة عميدها وأبن بار للأمة العربية في كافة الوطن وذلك في تأبين فارس ورجل ومفكر ومناضل عروبي. وقبل أن يكون دبلوماسي وسفير لحكومات جامعة الدول العربية فقد كان سفيراً للشعب العربي قاطبة. هذا الرجل بالرغم من ولادته في امريكا قبل مايقارب التسعين عاماً وكان أقرانه من يتهرب من تعلم اللغة العربية والأنقطاع عن جذوره العربية لأسباب عدة في حين نرى هذا الشاب العملاق منذ صباه قد عشق العروبة وثقافتها وحقوقها وقيمها. وهذا الرجل الصلب هو سبيكة لأب ماروني وأم أرثودوكسية وتزوج من سيدة بيروتية بعمقها الطرابلسي ونشأ في بيئة درزية، هذه الخلطة جعلت منه لبناني الجذور والتنوع وعروبي حتى النخاع والعمق والعود ويساري الهوى والذي دافع بكل صلابة عن الأسلام والمسلمين وضد أي تمييز عليهم وأعتبر أن هناك ربط جدلي بين العروبة والأسلام وثقافتهما معاً. 
فكان الطرف الأخر في حيرة من أمره لأي دين ينتمي المرحوم. لقد كان ينتمي لدين الحق أينما كان ولكن بالرغم من الألقاب العديدة التي يحملها كانت أحبها الى قلبه هو العروبي وكان تميزه وأصالته وشجاعته وكفاحه من أجل الأمة العربية وحقوقها هي من الومضات التي لفتت له العديد من زعماء وقادة ومفكرين العرب والعالم، فلقد كانت له علاقات وثيقة الصلة ومتميزة على سبيل المثال لا الحصر مع كمال جنبلاط وجمال عبد الناصر وهيكل وياسر عرفات ونهرو وأبنته أنديرا غاندي وتيتو وكذلك مع العديد من المفكرين والشعراء والأدباء والفنانين منهم عمر أبو ريشة ونزار قباني وأدور سعيد وغسان تويني وأم كلثوم وأحسان عبدالقدوس وفيروز وغيرهم بالمئات من أبرز نجوم الفكر والثقافة والسياسة والأدب ولكن الأهم هو ما زرعه من حب وتقدير في قلوب الشباب والمفكرين والمثقفين العرب لأنه كان أحد أصحاب المشاعل الوهاجة التي كانت تنير الدرب نحو الهدف الصحيح للخروج من النفق المظلم والذي وجدت أمتنا العربية نفسها فيه حيث كان طيلة عمره وحتى أخر ساعة من حياته وهو حاملاً لمشعل الفكر والدفاع عن الكرامة العربية والثوابت ونحو سلّم الأوليات والأهداف التي يجب التفرّغ لها فقد ساهم في تأسيس وعضوية العديد من الجمعيات العربية في امريكا وكان الصوت القوي في كافة وسائل الأعلام العربية والمحافل الدولية ودائم الحضور في أي موقف حق للدفاع عن العروبة وقلبها فلسطين. أنها أكثر من صدفة وربما هو الهام الهي ونبوءة من الفقيد أن يكون أخر نشاط له في حياته أصراره لحضوره الندوة الألف المقامة في مركز الحوار العربي وقال مازحاً أنه سيكون سعيداً بالندوة الألف وواحد نظراً لدماثة خلقه وحبه وأيمانه العميق في الحوار وما يقدمه مركز الحوار من خدمة جليلة للجالية العربية والفكر (وشبّه هذه الليلة بالأف ليلة وليلة). وكم كان المرحوم سعيداً وكأنه في أحد أجمل أيامه وهو يشارك في هذه الندوة ويشارك في طرح أفكاره والرد على مداخلات الحضور وسعادتهم بلقاءه بعد طول غياب قضاها في أروقة المرض والمستشفيات وكانوا فرحين ببعض من خلال حرص العديد على أخذ الصور التذكارية معه في ظاهرة لم أكن أعرفها في ذلك الحين سوى أحساس وهاجس لدى الجميع بأنها لابد من الوداع بكل ما تمليه هذه الكلمة من عواطف. أستاذنا العزيز رحمك الله كم كنت كبيراً وكريماً مع الجميع تكرمهم وتوصيهم ببعض الوصايا والعبر منها عندما كرمت الأستاذ صبحي غندور بباقة ورد كانت عربون محببتك لمركز الحوار وشخصه وللدور المهم الذي يقدمونه بمناسبة الندوة الألف وكذلك عبارتك الكريمة واللطيفة لي وهي شهادة أفتخر بها بفرحك وسعادتك وأهتمامك بأحد أبناءك وطلابك أثناء وبعد انهاء كلمتي بأوراقها المختصرة عن بحث أعددته حول أهمية الحوار كضرورة ولا للجدل البيزنطي ..
بقولك لي الحكمة ينطق بها صاحب مكتية الحكمة والتي هي تحفيز للجميع لطلب الحكمة لأنها ضالة المؤمن. وأخيراً لا يسعني الا أن ادعو وأصلي لروح الفقيد بالرحمة والهناء في جنات الخُلد بعد رحلة طويلة من الكفاح والنضال من أجل الحق ومبادئه والتي نذر حياته لها وهي سنة الحياة أن لابد للفارس أن يترجل بعد أن قدم كل ما يستطيع وأنار الدرب للأخرين بالمسير الى الأمام بكل شجاعة وعلم لنيل الحقوق العربية. رحمك الله يا فقيدنا الغالي نم وأنت قرير العين بما قدمت وأنجزت ولتلتحق مع حبيبتك ورفيقة عمرك المرحومة والمناضلة العروبية هالة سلام وقد تميزت بفوزك بكسب الهالتين هالة سلام مقصود وهالة الفكر والنضال وحب الشرفاء العرب وتقديرهم، وكما أخبرتنا بظرفك المعهود فقد تحققت نبوءة والدك المرحوم عندما سألته والدتك عن ماذا ولدت فقال لها صبي بشع ولكن مهيوب فكنت بشع تجاه أعداء العروبة ومهيوب للأمة العربية جمعاء وجسدت المقولة بكل حق (وما نيل المطالب في التمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا). وكما أود أن أشكر بأسمي والعديد من محبي وأصدقاء المرحوم بعض الأخوة الأصدقاء الخُلص للمرحوم وأخّص بالذكر الأستاذ مسعود جبران الذي كان الأخ والأبن البار والرفيق للمرحوم حتى أخر لحظات عمره وكذلك الأخوة الدكتور موريس عطية والمحامي البيرت مخيبر والأستاذ صبحي غندور وغيرهم الذين جسدوا بحق عن أصالة العربي ووفاءه وأخلاصه وكونه نموذجاً للحلم الذي يسعى له المرحوم.

أحدث المقالات

أحدث المقالات