22 نوفمبر، 2024 8:23 م
Search
Close this search box.

عفية عليك محمد الغبان

عفية عليك محمد الغبان

كل التفجيرات التي وقعت في بغداد والارواح التي ازهقت منذ ان تولى محمد الغبان مهامه كوزير للداخلية , مضت وكأن شيئا لم يكن , ولم تحدث ادنى أثر في احساسه , ولم تجعله يدرك ان هناك تقصيرا في اجهزة الأمن الحكومية وخصوصا تلك التابعة لوزارته , لكن يبدو أن كارثة الكرادة التي وقعت يوم الاحد 3 تموز , وأودت بحياة اكثر من 300 عراقي حتى الآن معظمهم من الشباب , وأحدثت اضرارا لم يحدثها أي انفجار سابق , أيقضت ضميره وجعلته يشعر بالحجم الهائل للمسؤولية الكبرى التي وقعت على عاتقه نتيجة تقصيره كوزير مسؤول عن الناحية الأمنية في العاصمة بغداد .
هذا الواقع المرير وضع السيد الغبان في موقف صعب وحرج للغاية , جعله يفكر بالوسيلة التي يتمكن بواسطتها الخروج سالما من تهمة التقصير التي لا يمكن نكرانها أو التهرب منها , لماذا لا يخرج سالما وهو يعلم أن وزراء هذا العهد لا يقف في وجههم أي عائق عندما يقررون التخلص من مسؤولية التقصير ؟ ألم يحكم السيد المالكي عراقا موحدا لمدة 8 سنوات , تركه بعدها عراقا مفلسا تحتل عصابات داعش 40 بالمئة من اراضيه من دون ان يسأله أحد عما حدث ؟ ألم تختفي مواد الحصة التموينية في عهد الوزير فلاح السوداني ثم سافر الى لندن على راحته ؟ ألم تحدث في عهد وزير النفط السابق السيد الشهرستاني اكبر صفقة رشوة في تاريخ العراق من دون ان يوجه له أحد سؤالا واحدا ؟ ألم يلقى القبض على حماية وزير النقل السابق السيد باقر صولاغ بتهمة خطف اشخاص في الكاظمية للحصول على فدية من دون ان يعلم احد عن مصيرهم شيئا ؟ ألم يتهم السيد بهاء الاعرجي بتلقي رشاوي بملايين الدولارات ولا يعرف احد كيف خرج وأين هو الآن ؟ وغيرها من حالات الفساد والجرائم التي ارتكبها وزراء أحرار من دون ان يصيبهم ضرر , كونهم ينتمون الى احزاب اسلامية كل من ينتمي اليها يصبح معصوما .
السيد محمد الغبان وزير الداخلية والقيادي في فيلق بدر الذي يترأسه السيد هادي العامري منذ تأسيسه في ايران مطلع الثمانينيات من القرن الماضي حتى اليوم , أصابته وخزة ضمير (كهرومغناطيسية) عندما وصلته تقارير عن حجم وهول وغموض ووحشية انفجار الكرادة , جعلته يشعر ان هناك أخطاء في المنظومة الامنية , و يتوجب عليه كوزير للداخلية أن ينتفض ويطالب باصلاح الاخطاء في المنظومة الامنية .
اكبر خطأ ارتكبه السيد الغبان هو انه عقد مؤتمرا صحفيا رتبه بعناية أعلن فيه انه اكتشف ان هناك أخطاء في المنظومة الامنية , ثم وجه كلامه الى السيد رئيس الوزراء قائلا أنه كوزير للداخلية سيستقيل اذا لم يتم اصلاح المنظومة الامنية فورا ( (?.
سيدي وزير الداخلية , أعتقد أنك غلطان , وكان عليك بدلا من التهديد بتقديم استقالتك , أن تسكت على الفور , وتتهيأ لاجابة رئيس الوزراء عن سبب وجود الاخطاء في المنظومة الامنية . لقد حاولت في مؤتمرك الصحفي ان تجعل نفسك ضحية , في الوقت الذي انت فيه متهم , ان
مخاطبتك لرئيس الوزراء لا يلقي المسؤولية عليه كما حاولت ان تفعل , فانت المسؤول الاول سواء استقلت ام لا .
لقد وقعت تفجيرات وحدث تخريب وارتكبت جرائم ارهابية اقترفتها عصابات داعش وغيرها لكنك لم تقدم استقالتك , قلماذا قدمت استقالتك هذه المرة ؟ ومن اين جاءتك النصيحة بالاستقالة ؟
اعتقد ان فيلق بدر الذي تنتمي اليه هو مصدر النصيحة , لأن المسؤولية التي وضعها هذا الانفجار الرهيب على عاتقك ستطاله هو وقيادته ايضا , وأن تسريبات وزارة الداخلية التي ظهرت بعد قبول السيد العبادي استقالتك تفيد ان فيلق بدر هو من كان يدير وزارة الداخلية , وانك كنت منفذا لسياسة فيلق بدر , وأن معظم الاشخاص المتنفذين في الوزارة كانوا وما زالوا من اعضاء بدر , وأن هول ما حدث في الكرادة لا يمكن السكوت عنه كما كان يجري في المرات السابقة ,
ان عقد مؤتمرك الصحفي , والتصريح بانك تنوي الاستقالة اذا لم يتخذ رئيس الوزراء الخطوات اللازمة لاصلاح الخلل في المنظومة الأمنية يعني ان رئيس الوزراء هو المسؤول عن الخلل , وانك لا تستطيع العمل من دون اصلاح جذري لللأجهزة الأمنية .
سيدي محمد سالم الغبان , في حالة حدوث خلل في اي وزارة فان رئيس الوزراء هو الذي يحاسب الوزير وليس العكس , وهو الذي يطلب من الوزير اصلاح الاخطاء وليس العكس , وانت ان كنت تجهل هذه الحقيقة , فتلك هي غلطة يتحملها رئيس الوزراء الذي خضع لضغوط معينة ووافق على تسليمك وزارة الداخلية .
ان ما ذكرته في مؤتمرك الصحفي يا سيادة الوزير, لا يغير من الواقع المؤلم شيئا , فأنت متهم وليس ضحية , وانت شريك في التقصير مع قائد عمليات بغداد وكثيرون غيره , واذا لم يتخذ رئيس الوزراء الخطوات القانونية اللازمة لكشف مكمن الخطأ ومحاسبة المقصرين مهما كانت مواقعهم , عندئذ فقط يصبح هو شريكا معهم في المسؤولية .

أحدث المقالات