البعض يعتقد إن الديمقراطية هي حق الانتخابات المحلية والبرلمانية فقط بمعزل عن التظاهر الشعبي أو الاعتصام إمام المنطقة الخضراء وحق تنظيم المسيرات الشعبية وحرية الاعتقاد والنشر وتشكيل النقابات والجمعيات والنوادي والمجالس واللجان… والعراقيون لم يحصلوا على ذلك بسهولة بسبب هيمنة العسكر على دفة الحكم منذ عام 1958حتى عام 2003 لان طبيعة عقليتهم وحكمهم الفردي لا تسمح بذلك مثلما قال مخرج الأفلام البوسني دانيس دانوفتش (( لم أعد أؤمن بالديمقراطية , لأنها تعني حكم الأكثرية , والأكثرية في بلدي جاهلة لا تستحقها )) .. والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا يتصدر الفقراء والكادحون والطبقة المثقفة تلك الاحتجاجات والتظاهرات خلال فترات الحكم السابقة والحالية ؟ وبما أن الأصل في بناء الدولة العراقية الجديدة هو قمع الطبقة المثقفة ومنعها من تنظيم نفسها وحالات الفساد المالي والإداري التي انتشرت في شريان الدولة لذا أعتقد أن الرجل المنشق من التحالف الوطني ( مقتدى الصدر ) يشبه في حالته ليون ترو تسكي (1879- 1940) وهو ماركسي بارز وأحد زعماء ثورة أكتوبر في روسيا عام 1917 إضافة إلى الحركة الشيوعية العالمية في النصف الأول للقرن الماضي ومؤسس المذهب التروتسكي الشيوعي بصفته إحدى فصائل الشيوعية الذي يدعو إلى الثورة العالمية الدائمة .. فهذا الشاب المتدين ( مقتدى الصدر ) هو امتداد تاريخي لأبيه الذي أغتاله النظام ألبعثي مع أثنين من أخوته عام 1999 في مدينة النجف الاشرف .. وهو اليوم في محاربته الفساد الحكومي بكافة أشكاله وقيادته التظاهرات أمام المنطقة الخضراء دليل أخر على أعجاب الكثير من الشباب بشخصيته الكاريزمية ، فهو يثير الجاذبية الكبيرة والحضور الطاغي الذي يتمتع به والقدرة على التأثير على الآخرين إيجابيا بالارتباط بهم معنوياً وثقافيا، أي سلطة فوق العادة، وسحر شخصي ، وشخصية تثير الولاء , قد تؤدي مواقفه الثورية واعتصامه داخل المنطقة الخضراء بنفسه إلى تغيير شامل في بنية الحكومة العراقية الحالية وتعطي دفع عالي للسيد العبادي للتخلص من قيود التحالف الوطني والأحزاب الحاكمة في العراق الجديد, وإقامة حكومة تكنوقراط وطنية لا يختلف عليها الجميع.