لايخفى على احد ان الصراعات والخلافات بين اجنحة الاتحاد الوطني الكوردستاني ليست وليدة اليوم او المرحلة الحالية فحسب ، بل هي موجودة منذ تشكيله في منتصف سبعينيات القرن الماضي بسبب وجود اكثر من تيار سياسي وفكري فيها ، ولكن كارزمية وقوة شخصية السيد جلال الطالباني تغلبت على تلك الخلافات وكانت عاملا رئيسا وراء عدم ظهورها للعلن.
ابتعاد السيد الطالباني عن قيادة الحزب نتيجة تعرضه لجلطة دماغية في شتاء 2012 ، فتحت الساحة على مصراعيها امام الاجنحة المختلفة كي تتصارع بشكل علني على مراكز القوى والنفوذ.
ويعزوا معظم المحللين السياسيين تنامي واشتداد وتيرة تلك الصراعات وظهورها للعلن الى تفرد احد الاجنحة بالقرارات فضلا على السيطرة على جميع موارد الحزب المالية وعدم وجود شفافية في حجم وكيفية صرف تلك الموارد ، كما اعلن ذلك قياديون مؤيدون لتأسيس (مركز القرار) وهذا ما أثار ردة الفعل القوية من قبل جناحي كوسرت رسول علي وبرهم صالح اللذين يعتقدان ان دورهما لايقل اهمية عن دور عائلة الطالباني في الحزب وبناء لبناته الاولى ومن ثم تطوير وتوسيع تنظيماته وقدراته الى ان اصبح القوة السياسية الثانية بعد الحزب الديمقراطي الكوردستاني من
حيث القاعدة الجماهيرية والقوة العسكرية ودوره في الحياة السياسية العامة في اقليم كوردستان.
باعتقادي ان السبب الرئيس لتصاعد حمى الخلافات بين الاجنحة المذكورة هو توقيع الاتفاقية الاخيرة بين الاتحاد الوطني وحركة التغيير ، اذ ان جناح هيرو ابراهيم احمد وخاصة الشخصية القوية فيها السيد ملا بختيار كان معارضا لتوقيع الاتفاقية لأعتبارات معينة لم يفصح عنها انه رفض حضور الاحتفالية الخاصة التي اقيمت في السليمانية عند توقيعها ، اذ اكد السيد بختيار في لقاء مع فضائية “رووداو” انه عارض توقيع تلك الاتفاقية ، لكنه اضطر الى ان يمتثل لقرار الحزب بوصفه يمثل قرار الاكثرية.
الامر الآخر الذي ادى الى تفجر الخلافات هو تبادل المناصب التي جرت مؤخرا في السليمانية بين الاتحاد الوطني وحركة التغيير كمنصب المحافظ ورئيس مجلس المحافظة ، اذ رشح المكتب السياسي للاتحاد الوطني وبأكثرية الاراء اكرم شريف لتولي منصب رئيس مجلس المحافظة ، الا انه قبل ساعتين من التصويت عليه استبدل ب ” آزاد حمه امين ” المقرب من جناح عقيلة الطالباني ، مما خلق حالة من التذمر و الاستياء بين اعضاء المكتب السياسي و قيادة الاتحاد الذين لم يكن لهم علم بقرار الاستبدال.
ان تشديد حدة الصراعات على العلن واعلان تشكيل مركز القرار من جناحي كوسرت رسول و برهم صالح بعد مايقرب من شهر من توقيع الاتفاقية مع التغيير يدل على انه بالرغم من وجود الصراعات الازلية بين تلك الاجنحة الا ان توقيع
الاتفاقية مع التغيير كان سببا رئيسا وراء الازمة الاخيرة بين قيادات الاتحاد.
يعتقد بعض المراقبين السياسيين ان حركة التغيير وشخص نوشيروان مصطفى المنسق العام لحركة التغيير ضالعين بشكل او بآخر في خلق الازمة الاخيرة ، وذلك لقرب موعد اجراء انتخابات مجالس المحافظات والانتخابات البرلمانية والرئاسية في اقليم كوردستان في منتصف العام المقبل ، فحركة التغيير تهدف من وراء خلق تلك الازمة ايجاد حالة من الانقسام وازمة ثقة بين القاعدة الجماهيرية للاتحاد الوطني من اجل تسقيطه انتخابيا والاستحواذ على اصوات جماهيره عبر استغلال حالته السايكولوجية الناتجة من تلك الازمة ومن ثم تحجيم دوره في البرلمان والحكومة المقبلة بغية السيطرة على الساحة السياسية ، استنادا الى ما ذكر يمكن القول ان المستفيد الاول من تلك الازمة هو حركة التغيير التي تسعى ان تكون القوة الاولى في الساحة السياسية على مستوى السليمانية واقليم كوردستان بشكل عام .