معركة الفلوجة ،التي تجري صفحاتها على ارض الفلوجة ، بين تنظيم الدولة داعش من جهة ، وبين الجيش والشرطة الاتحادية ،وقوات مكافحة الاجرام وميليشيات يقودها قاسم سليماني وهادي العامري، بدعم الطيران الامريكي المكثف ،وطيران حكومة العبادي ، هي معركة تاريخية بكل معنى الكلمة، اذا ما اخرجنا تنظيم داعش المتطرف الارهابي منها ، فهي منازلة بين كل ارث وتاريخ العراق ، وبين ايران وحقدها التاريخي الثأري ،وفرصتها الاخيرة قبل ان تنهض الفلوجة ومعها العراق ، اذن المعركة بين الحق والباطل ، وقلنا ان داعش ولد ليموت ،ولا يمثل اهل العراق وسنته ، وما الصاق تهمة داعش باهل (السنة )، الا حجة وتبريرا واهيا وخبيثا لقتل اهل السنة ،وتدمير مدنهم والانتقام من ابنائهم ،والثأر تاريخيا من مواقفهم، ومقاومتها لايران وامريكا معا ،اذن الثأر سيكون مزدوجا امريكا وايرانيا، وهذا ما نراه اليوم متجسدا في معركة الفلوجة ، ولكن لماذا في هذا التوقيت تعلن عنها ايران وتنفذها امريكا ، وهناك اهم منها عسكريا هي مدينة الموصل عددا واستراتيجية عسكرية ،اولى اسباب هذا التوقيت ، يستدعي ان نشير الى هروب حكومة العبادي ورئيس البرلمان ،من ورطة وازمة البرلمان وكذبة تشكيل حكومة تكنوقراط، واجتياح المنطقة الخضراء من قبل المتظاهرين، والذي تكرر لمرتين، واصبح يهدد العملية السياسية بشلعها من جذورها، وهذا ماكانت تخشى منه ايران وادارة اوباما ،وهو انفلات الوضعين السياسي والامني معا ، وهو ما حصل بعد انقسام البرلمان والاجتياح الاول له، لذلك اسرعت امريكا وايران ،لانقاذ العبادي والبرلمان، من ورطتهما في مواجهة المتظاهرين، فقال اوباما ان حيدر العبادي وسليم الجبوري خطا احمر ،
وان حيدر العبادي شريكا جيدا لنا، وقالت ايران الرئاسات الثلاث خط احمر ،من هنا كان الهروب الى الامام بالنسبة لحيدر العبادي وسليم الجبوري، واعلنوا عن انطلاق معركة الفلوجة ، وشاهدنا كيف اسرع العبادي وسليم وعمار الحكيم ونوري المالكي بزيارة جبهات القتال في الفلوجة لرفع معنويات الجيش والحشد هناك، الى هنا والامر طبيعيا ان تكون هناك معركة بين قطبين، رغم ان معركة الفلوجة غير متكافئة عسكريا، فحشود الجيش والحشد والميليشيات المؤلفة وترسانة الصواريخ والاسلحة والمدفعية والطيران المدمر ،امام عناصر وتنظيم كل سلاحه، التفخيخ والانتحارييين والتفجير، وحفر الانفاق للقتال منها والاحتماء من الطيران ،ولكن ما فضح معركة الفلوجة ،بعدها الطائفي ،الذي تمثل بقيادة قاسم سليماني لحرسه الثوري والميليشيات ومنها بدر والعصائب وسرايا الخراساني وغيرها ، ورفع شعارات طائفية وصور مقرفة استفزازية، لخميني المقبور وخامنئي الدجال والمقبور نمر النمر وهتافات طائفية وتصريحات طائفية كريهة لقادة الميليشيات، مما اكد ان المعركة ،ليست بين تنظيم داعش وجيش العبادي، وانما المعركة بين اهل الفلوجة العزل المحاصرين من داعش والحكومة ، وبين ايران بكل ثقلها العسكري،والنزعة الطائفية الانتقامية الثأرية ،تجسدت في هذه المعركة التاريخية،والتي تمثل رأس حربتها ايران ،وبقيت ادارة اوباما تصب جام غضبها الثأري بصواريخ ذكية لتقتل الناس الابرياء، وتدمر بنيتها التحتية وتحيلها الى تراب، وطيرانها، الذي لم يتوقف
ولا لحظة على الفلوجة مستهدفا الابرياء فيها ، اذن المعركة فضحت اكاذيب حيدر العبادي ،ورهط حكومته الفاسدة ، وكذب وتدليس وتضليل رموز العملية السياسية من عمائم وأحزاب، وتصريحاتهم الطائفية من ان الفلوجة رأس الافعى وبؤرة الارهاب ، الى تدليس عمار الحكيم (وتقيته )، الذي قال ان الفلوجة هي عروس العراق، فأي كذب وعهر سياسي هذا ، ولم يتجرأ ولا واحد منهم ان يرد على الكلب الفارسي اوس الخفاجي،قائد فرقة ابو الفضل العباس ،عندما وصف الفلوجة واهلها الكرام، بابشع الاوصاف الطائفية واحقرها واوطاها ، نحن نؤكد ان معركة الفلوجة معركة الحق على الباطل ، ووجود تنظيم داعش في الفلوجة وباعداد (قليلة ) لايبرر ابدا قتل اهل الفلوجة وتدميرها عن بكرة ابيها ، ووصفها بأوصاف طائفية حقيرة ، ولكن في النهاية ستنهض الفلوجة من دمارها ، وخرابها ، وتتخلص من داعش والميليشيات ، وتظل عصية على الترويض والمحو ، رغم الانتقام وثارات اعدائها، وما يعنينا هنا ان ادارة اوباما، قد اغفلت حقيقة ، ان معركة الفلوجة ،فضحت التخادم الامريكي-الايراني، فقاسم سليماني ارهابي وعلى لائحة الارهاب العالمي، كيف يقاتل في ظل قيادة امريكية في العراق، ولكن هذا التخادم ،لن يدوم ، لان معركة الموصل ستضع امريكا في زاوية حرجة ،
لاسيما وان انتخابات الرئاسة متوقفة على فوز هيلاري كلنتون والحزب الديمقراطي،الذي ينتمي له الرئيس اوباما،فعليه ان يكسب معركة الموصل ،سريعا دون خسائر عسكرية وسياسية ، وتخوف ادارته من ان معركة استعادة الموصل ، هي معركة مفصلية لامريكا، وتعد الموصل الان بيضة القبان التي يعول عليها الحزب الجمهوري، وان معركة الفلوجة هي استراحة محارب بالنسبة لها وتدريب اولي وتمهيدي لمعركة اكبر ،هي معركة الموصل، لاسباب استراتيجية عسكرية وجيوسياسية، لان تنظيم داعش يعتبر الموصل ،هي عاصمة الخلافة ،وكما يصرح هو بنفسه ويقول ،ان خسارة معركة الموصل، هو نهاية (الخلافة الاسلامية في العراق والشام)، وهي حقيقة تعرفها امريكا جيدا، ان القضاء على داعش لايكون، الا باستعادة الموصل ،التي تمتلك موارد مالية هائلة للتنظيم ،تكفيه ان يحارب مدى العمر، ويتمدد الى كل بقاع العالم، بهذه الموارد، وهكذا فان معركة الفلوجة ،كانت محطة واختبار عسكري،وامتحان لجهوزية الجيش والشرطة ، وزج الميليشيات للتخلص من داعش وميليشات ايران معا ، ورأينا بعد الضغط على ايران وامريكا ،كيف تم منع الحشد وميليشياته من دخول الفلوجة وابقائه في اطرافها،بعد فضائحه في الامعان بقتل الابرياء وحرق وتفجير الجوامع والمساجد في قصباته بطائفية وانتقام واضح منظم وممنهج ،اليوم ننظر الى معركة الفلوجة بأنها كشفت ما لم يكن واضحا للاخرين ، الذي كانت غشاوة السلطة ،تمنع رؤية ،مايقوم به الحشد وميليشيات ايران، وما تخطط له ايران لهم،لتحقيق مشروعها التكاملي في سوريا، ولا تبالي الا لمصالحها،مستخدمة ما يسمى بالحشد ،وابناء الجنوب البسطاء الذي غرر بهم دينيا ،في معارك مع ابناء جلدتهم، بحجة محاربة تنظيم داعش ، وهكذا هي تستخدم الحوثيين واللبنانيين والسوريين وغيرهم ،في تحقيق مشاريعها الفارسية القومية،باستخدام المذهب، في معارك طائفية ومذهبية خططت لها ، وهكذا نرى السيناريو الامريكي يمضي قدما ومتوائما مع المشروع الايراني بتخادم واضح،في كل من سوريا والعراق، فمعركة الرقة باشراف ودعم وتخطيط امريكي، وتنفيذ سوري ووحدات كردية وميليشيات ايرانية وحزب الله، لاعادة رسم خريطة سايكس-بيكو جديدة في المنطقة، واخضاع الدول العربية لحقيقة الامر الواقع ، وفوبيا داعش،الذي سينتهي مع اتمام رسم هذه الخريطة التي ستكون منطلقا ،لدول اخرى ، وكانت البداية في العراق وسوريا ،فمعركة الفلوجة بداية وانطلاقة لها، ومعركة الرقة امتحانا لتنفيذها، واستعادة الموصل ،المعركة الاخيرة ، لمشروع الشرق الاوسط الكبير ، والنفوذ الايراني الواسع في المنطقة، فهل عرفتم الان ،لماذا كانت معركة الفلوجة قبل معركة الموصل ، اعتقد الكل يعلم، لان التخادم الامريكي-الايراني واضح جدااا ،منذ ان اعترف قادة ايران، بتعاون ايران في احتلال العراق وغزوه، وشعار (ان لولا ايران لما استطاعت امريكا احتلال العراق )،الذي اطلقه هاشمي رفسنجاني ذات جمعة من وسط طهران.هو يتجسد الان بأبشع صورة في معركة الفلوجة ….