17 نوفمبر، 2024 9:36 م
Search
Close this search box.

ملامح الثورة الجوفاء

ملامح الثورة الجوفاء

وَثنية سكان الجزيرة العربية، تصدرهم قائمة الجهل المطبق، ضياع مبادئ الإنسانية في مجتمعاتهم، تشبيهاً بما نعيشه اليوم، كان كفيلاً بإعلان ثورة سماوية، يقودها نبي الرحمة” محمد صلى الله عليه واله وسلم”، تَعلن عن إصلاح المجتمع، وإرجاع مسار الخليقة المنحرف، حيث ما يحفظ حقوق البشر، ويدرك مفاهيم الإنسانية، وهذا ما يدعو إلى تصادم المجتمعات، القابعة تحت ليل الجاهلية، والذهاب بنتيجة الثورة، بالإتجاه السلبي، فكان لابد من تهيئة الأرضية، عبر الدعوة السرية، للأقارب والعشيرة والتي دامت لأربع سنوات.
الثورة بحد ذاتها، هي إعلان للتغير، سواء في المجتمع أو السلطة، وإنذاراً بأن آلية الإدارة غير مرحب بها، ولابد من الإيقاع، عبر منفذ دستوري وقانوني، تبدأ شرارة التغيير، عبر فتيل التظاهر، ولابد من الانطلاق بحيثيات التطهير الفكري، وإقتلاع ثياب النزعة، التي تقتل الهدف، في رحم التخبط والجهل، وهذا ما يصفه الفيلسوف” سلافوي جيجك” بالثورات الفاشلة:” مشكلة الثورات تلك هي إنها بلا هدف حقيقي! أو أي خطة عملية مبرمجة، للتعامل مع المتغيرات التي تتبع قيام الثورة”
في الوقت الذي، تحاول الحرب العالمية الثانية، لملمة أدواتها من بقاع العالم، خرج الكاتب البريطاني” جورج أورويل” بروايةً تتكلم عن تجربته، بنبوءة مستقبلية، تنتظر المجتمعات العالمية،عبر المفهوم الإشتراكي المتنازع، وما ينطبق عليها تسمية” المستقبل المجهول” حيث تجرد الإنسان عن كونه كائن حر، يتم إستدراجه كثائراً، ليخرج من قفص الإتهام، بوقوفه بوجه الإصلاح المجتمعي، ومن ثم الإتجار به، عبر فخ التبعية المذهبية أو الانتماء، لدرجة انه ينتظر جوابه من غيره، فيما إذا كانت لديه عين واحد أو إثنان.
أغلب الثورات، والتي لم تبصر نور الإصلاح، كانت منشأ عن تلك الأفكار المنحرفة، حيث يتعامل الزعيم بها، على أساس مفكك للأزمة فقط، يكتفي بشعار ( لنقم بالثورة)، دون النظر في (لماذا قمنا ببها؟) و ( وكيف وما سيكون بعد الثورة؟)، حسب فلسفة الإمام “الشيرازي رحمه الله” عندما يصف”ثورة الإصلاح السلبية” يقول:” إذا ما هم مجتمع بإسقاط دكتاتور، دون تنظير أسس الإسقاط والبناء، حتما سيلجئهم، للوقوع فريسة دكتاتور أخر” متلبس بجلباب ثورتهم.
فكرة الزعيم الأوحد! الذي يُحمل على محمل الأحقية دائماً، ومُعتقد التبرك الديني، وعرش الطاعة العمياء، تتيح وبكل سهولة، منشأ النبوءة التي تكلم عنها “جورج أويل” حيث الإنطلاق للإتجار بالبشر عقلياً، دون الجسد، تبنى من خلالها مجموعات عقلية،أشبه بخلايا النحل من حيث ترتيب وضعها، تدار بعقلية الطاعة والولاء، وبذلك إقتطعت من حواف السور، بعض آيات القرأن، من حيث نفي إحترام العقل ومزاولة التشاور، وإرجاع العبودية من تحت حطام أصنام الكعبة، التي دفنها فأس محمد” صلى الله عليه واله وسلم”.
ليس بالضرورة، أن تكون معطيات الثورة آنية، بواقع ملموس قريب، بقدر ما يراد بها إستنشاق رائحة الإصلاح، حتى وإن كان واقع مستقبلي، ثورة “الحسين أبن علي أبن أبي طالب عليهم السلام”، يتوهم الكثير في وصفها، بأنها ثورة إصلاح سلطة أو حكومة أنية، الإمام كان صاحب رؤى في ثورته، ولا يعني بها تطبيق مبدأ الإصلاح بمفاصل الدولة، بقدر ما أراد تطبيق الإصلاح بالإمة الإسلامية، النتيجة واضحة بأن يزيد إستمر بحكومته، ومن بعده أجيال بني العباس وللحسين رؤيته المستقبلية.
ما يسمى اليوم بثورة الإصلاح الصدرية، إنعدمت الأهداف بها، ولغياب قيادات حكيمة، تنصحهم وترشدهم الى ما يطمحون إليه من تغيير، جعل منهم أدوات حرب، أو جنود لعبة شطرنج، تحركهم عواطفهم وسذاجة زعمائهم، إذ يقتلون الإصلاح في رحم التخبط، ويرسمون صورة عن الثورة السلبية، والزعيم الذي عُبلت أكتافه بالعبودية، وكُهلت شعاراته بالركة،ففي الوقت الذي أنجبت إعتصامات المنصة الغربية “داعش”، علينا الحذر من أن ننقل وليدها، عبر منصة الخضراء الى بغداد.

أحدث المقالات