شاءت الاقدار ان يكون الشرق هو المتهم رقم واحد بالنسبة للدماء التي شهدها العالم مؤخرا، ولا تزال تسيل.
وذلك بالرغم من وضوح بصمات الغرب على مسرح الجريمة منذ عقود.
اخرها احداث مسرحية ١١ سبتمبر ٢٠٠١ في نيويورك، التي احرقت المنطقة برمتها من افغانستان شرقا الى ليبيا غربا، وصولا الى اليمن جنوبا.
بفصولها الدموية بدءا بطالبان والقاعدة، وصولا الى داعش حاليا.
والتي سعى الغرب من خلالها اطالة امد وصايته على الشرق، المصدر الرئيسي للطاقة في العالم.
فلقد سال لعابه حينما راى تركة رجل اوروبا المريض بعد الحرب العالمية الاولى، حيث تم تقاسمها بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة الامبراطورية الروسية ضمن معاهدة سايكس بيكو السرية عام ١٩١٦.
كما فقد صوابه لبريق الذهب الاسود والاصفر الذي انعكس من داخل قارتي اسيا وافريقيا.
فاذا به يختلق الاعذار للزحف نحو مياه الشرق الدافئة، وشمسه الساطعة.
تارة، تحت غطاء البعثات التبشيرية.
التي وصفها مؤسس كينيا الحديثة السيد جومو كينياتا، بقوله :
… ((( حين جاء المبشرون الى ارضنا، كنا نملك الارض، وكان المبشرون يحملون الكتاب المقدس. بعد سنوات عديدة، هم علمونا كيف نصلي وعيوننا مغلقة، وعندما فتحناها وجدناهم يملكون الارض ونحن نملك الكتاب المقدس ))) …
واخرى، باثارة بؤر التوتر.
والتي تفننت حينها ريشة معاهدة سايكس بيكو اعلاه، بزرعها بين دول المنطقة.
كتلك النزاعات الاقليمية القائمة بين الدول الواقعة جنوب غرب اسيا، مثل الكويت، السعودية، البحرين، قطر، الامارات، سلطنة عمان بالاضافة الى كل من العراق وايران و …..
وثالثة، عن طريق الغزو الثقافي.
حيث الترويج لثقافته الاباحية التي تقف على النقيض تماما من عادات الشرق وتقاليده، المحافظة نوعا ما.
فضلا عن سعيه لنقل صورة مشوهة عن كل ما هو شرقي الملامح اسلامي الانتماء، وتصويره وكانه قنبلة موقوته تهدد الامن والسلم العالميين، بغية حصر اتباعه في زاوية الشبهة والريبة.
وذلك طبعا، لقطع كل الجسور التي من شانها ربط الانسان الشرقي بماضيه، الذي قد يحيي فيه يوما ما روح التمرد بوجه الغرب.
ومن تلك السخافات المغلفة بثوب الثقافة :
المثلية ( Gay marriage ).
الخليل او العشيق ( Boyfriend ).
والعشيقة او الصديقة ( Girlfriend ).
والتي تهدف الى مصادرة دور العائلة، النواة الحقيقة لمجتمع نظيف وسليم.
بهذه النظرة الضيقة والجامدة، حاول الغرب تثبيت المسمار الاخير في نعش المشاعر والاحاسيس.
ليعلن عن مسخ الانسان اولا، وموته السريري ثانيا.
هذا، فضلا عن ازدواجيته من الناحية العملية.
ففي الوقت الذي يقوم باغراقنا بشعارات من قبيل الديمقراطية وحقوق الانسان، وحرية المراة باعتبارها نصف المجتمع و …
نراه بالمقابل، يقوم بدعم انظمتنا الدكتاتورية لسحق تلك الشعارات التي يطبل ويزمر لها ليل نهار.
ختاما، ومع الاشادة بالدور المشهود للغرب في تطور البشرية، وتقديم اخر صيحات التكنولوجيا والمعلوماتية وغزو الفضاء و …
لكن الارقام الصعبة لضحايا حروبه وازماته العبثية التي تغتال البسمة من على وجوه الشعوب الامنة.
تلغي قيمته العلمية تلك، وتصنفه بمثابة الغدة السرطانية التي لا بد للبشرية من اقتلاعها، عاجلا ام اجلا.
انه باختصار شديد، محرك الي داخل جثة هامدة بلا مشاعر، عواطفه تنتمي لافلام هوليوود، ودموعه كاذبة كدموع التماسيح.
يقول الشاعر نزار قباني :
عرفت نساء اوروبا ..
عرفت عواطف الاسمنت والخشب
عرفت حضارة التعب