يواجة العراق معركة أكثر من حساباتها العسكرية ؛ ولم تُعد المعركة تقليدية بمواجهة أزمات الإرهاب والسياسية والإقتصاد، وإختلاف وجهات النظر في قراءة ما يجري على واقع الأرض؛ من جهات داخلية وإنعكاس خارجي والعكس صحيح أيضاً.داعش ليست لوحدها من يُحارب على أرض الفلوجة، وهناك من يُدافع عنها مباشرة وبغيرها، وأدوات معلنة ومخفية بين سكنات الكلام وحركات أفعال.لم يعد خافياً تلك البشاعة الجرمية التي يرتكبها داعش بحق العراقيين، وعرف العالم حجم الخطر عند إتاحة الفرصة لتنفيذ عمل إجرامي في أي بقعة من المعمورة، ولم تعد داعش تستحي وتتبجح بجرائمها، إذْ لا تملك شيء تخسره بعد تكشف وجهها القبيح، وهي تلاحق الهاربين من بطشها الى ضفاف قوارب نجاة تنقلها للقوات العراقية. صارت الحقيقة أكثر وضوحاً، وقرر الأطفال والنساء والشيوخ الوقوف على ضفاف النهر، أو قطع مسافات عشرات الكيلو مترات؛ تحت وابل القناصة، وهم يتركون جرحاهم وقتلاهم يموتون بصخب ولا يسمعهم العالم، وتعمد داعش على تكسير الهواتف الذكية وأجهزة الإستقبال الفضائي؛ لمنع الإتصال ومعرفة الإنتصارات.كلها حقائق لا تحتاج الى نقاش وتوضيح، ومع ذلك ما يزال الإعلام العربي مناقض للواقع والمأساة، وقد خاف كثيرون منهم على إنكشاف الحقيقة هذه الأيام؛ فمنهم من إشترك فكرياً ومادياً وشارك أبنائهم، وكل الوثائق تثبت إرتباط تجار ومشايخ ومؤسسات وحكومات، وبعضها خاف إرتداد الإرهاب والإطاحة بأنظمتهم؛ حين لم يجد داعش بيئة للعيش في أرض العراق، التي كشفت زيفهم وإغراءات الدول والمجاورة منها بالتحديد.إن الإنتصارات التي حققتها القوات العراقية في الفلوجة؛ أثارت الخوف لدى صفوف داعش ومن يدعمها أو من يعتاش على وجودها، وقد قتلت القوات العراقية في الأيام السبعة الأولى أكثر من 600 إرهابي،
وهي تعد العدة لإقتحام الموصل في وقت تزامن مع هجمات الفلوجة والرقة السورية، وحتماً سنتهي داعش وتكشف كل الأوراق وسيضع التاريخ علامات سوداء لا تمحى على جبين كل من شارك بطريقة وآخرى؛ لديمومة بقاء الإرهاب الذي خطف الأرواح البريئة بلا ذنب.أبشع ما تفكر به بعض الدول؛ هو الإبقاء على داعش ضعيفة؛ خوفاً من الإرتداد الى أرضها الخصبة للتكاثر وتفاعل شعوبها، ولكن الأبشع مساندة هذه الرؤية من عراقيين قَتل داعش أقاربهم في وضح النهار. الإنتماء لداعش لا يعني التنظيم والإنخراط في صفوف القتال المباشر، وما سهل إنتشارها ذلك الإيمان المشوه بفكر يحلل قتل الآخرين للحصول على منافع بخداع الرأي العام الدولي، والتذرع بحماية المدنيين؛ في وقت لا يتحدثون عن أبشع جرائم شهدتها الإنسانية تعرض لها ملايين من سكان المعمورة الذي إنطلق من الفلوجة تحديداً، وحاصر وأجبر آلاف المدنيين للإنسلاخ في فكره المتطرف، إذن لاسبيل لإنهاء المعركة؛ إلاّ بزيادة زخمها وتضيق الخناق وهد دفاعات داعش، وثم إسكات الأصوات التي تنادي زوراً بحياة المدنيين؛ فيما تتغاضى عن جرائم كبرى يندى لها جبين الإنسانية، وأن كانت جرائم داعش بشعة؛ فأن الأبشع منها هو سعي بعض الساسة لإيقاف المعركة، وإبقاء داعش كورقة سياسية ضاغطة لتحقيق مآرب مشبوهة.