23 نوفمبر، 2024 12:43 ص
Search
Close this search box.

استثمار الغباء الاسلامي

استثمار الغباء الاسلامي

لقد استطاع الغرب استثمار الغباء الاسلامي بمهارة فائقة لتدمير حضارات دول الشرق الأوسط، فضربوهم ببعضهم البعض، فمنحوا الحكم للشيعة لأنهم يعرفون جيدا انهم اذا ما استلموا السلطة في اي بلد عربي فانهم سيتركون كل شيء في الحضارة ليبحثوا عن يزيد بن معاوية لينتقموا منه، وهكذا سيقتلون السنة ، وبالمقابل سيتشدد السنة فيقتلوا الشيعة وهكذا ظهرت القاعدة وداعش وبين الفريقين ستزول الاقليات لانها الحلقة الأضعف في هذا الصراع . وهكذا سالت الدماء وتوسعت المقابر حتى سادت ارادة الموت على ارادة الحياة، وضاعت الثروات الى جانب تدمير اثار الحضارات ماقبل الاسلام كالاشورية والبابلية والسومرية والفينيقية وغيرها ، وقريبا سنجد ان اقدم تاريخ لدينا هو تاريخ انشاء مطاعم كنتاكي عام 1964. فالمبشرين الذين توافدوا على هذه المنطقة منذ الف سنة انما درسوا التاريخ الاسلامي وشخصوا نقاط ضعفه.
والسوأل : الا يفكر احد ان يزيد مات قبل ١٤٠٠ سنة ، وان الاقليات ليست مسؤولة عن واقعة كربلاء ، وان الغرب الذي يعادونه ليس مسيحيا بدليل انه أجاز الإجهاض وزواج المثليين وهذه أشياء لم يفعلها المسيح ، وأن المسيحيين وبقية الاقليات كانوا سندا يشد بنيان الامة ويعمر البلدان، وان الدول اثمن من ان تضيع بلحظة غباء .
ولكن لايمكن تغيير مسار الأشياء والاحداث الا بتغيير نمط التفكير وفقا لقاعدة “لايغير الله مافي قوم حتى يغيروا مافي انفسهم”. لان التاريخ الاسلامي منذ بدايته كان يقرب الاغبياء ويبعد العقلاء، وكل العلماء المسلمين عاشوا وماتوا منبوذين محرومين مضطهدين، في حين كان السفلة واللصوص والمتملقين متنعمين.
ومازلنا نعتقد ان القوة هي افضل حل لعلاج كل مشاكلنا وافضل وسيلة للانتقام من اعدائنا، كما لو كنّا نعيش في بداية ظهور الاسلام قبل 1430 سنة، عندما وجد محمد اليتيم الاميننفسه مرغما عل استخدام القوة مع مجتمعه الصحراوي القاسي الذيي لايفهم سوى لغة القوة والخديعة حتى دان له العرب ومهم ابو سفيان. واذا كان لتصرف محمد مايبرره، فاننا لانجد تبريرا منطقيا له اليوم، لاختلال موازين القوى وسيادة القانون ومفاهيم حقوق الانسان. ومع ادراك كل ذلك، فاننا نعيد تطبيقات تاريخنا الاسود، حيث مامن خليفة لم يقتل، أو إمام لم يسجن، أو عالم لم يشّرد أو ضعيف لم يهان.
واليوم اذا أردت ان تطرح اي قضية على العالم الاسلامي ومهما بدت ضئيلة سيقفز الغباء الى السطح حتى يضيع صوت العقل . واذا لم تصدقوا، اطرحوا قضية معاقبة المفطر في شهر رمضان للنقاش. سترى ان الغباء سيسود، وما من عاقل يفكر ان العقوبة كانت على المسلمين لاحترام دينهم ودفعهم للصوم ، وإن المجتمع العربي اليوم يضم أدياناً اخرى لايجوز إرغامهم على الصوم كما حدث من قبل، كما لا يجوز ازعاجهم بصوت الاذان مرغمين لاسيما وان فيهم المريض والطالب ومن دين اخر. ولو فكرنا وطبقنا قاعدة
إسلامية تقول لايصح اسلام المرء حتى يحب لاخيه مايحب لنفسه ، فهل سيقبل المسلم لو قام المسيحي برفع صوت صلواته في منتصف الليل ، ولو فرض المسيحيون على المسلمين عدم اشهار إفطارهم ايام صوم المسيحيين ، فهل سيقبل المسلمون ذلك ؟ الجواب كلا. وتفسير ذلك ان المسلمين مازالوا معتقدين انهم فقط من حقهم ارغام الآخرين للانصياع لقوانينهم، اي باختصار انهم يعتقدون ان السيف مازال بأيدهم ، وما يؤكد ذلك ان الكثير من الشعارات والإعلام الاسلامية مازالت تحمل رمز السيف، ولو كان فيهم حكم العاقل لأدركوا ان سيف الاسلام قد سقط من أيديهم بسقوط حكم الخلافة الاسلامية في الاندلس ، وانكسر رسميا عام ١٩٢٤ بالغاء الخلافة في في تركيا.
لهذا سيظل هولاء الحمقى يحلمون بأنهم مازالوا اقوياء وهم في اضعف حال وفي ذُل وهوان لا يرونه، وسيظلوا يصرخون هيهات منا الذلة ، وهم يعيشون في ذلة أكبر من ذي قبل، وسيظلوا ينادون الموت لامريكا وهم جميعا يتسابقون اليها، وهم مخدعون كما ظن نوري المالكي ان بائع السبح يمكن ان يصير رئيس وزراء ، وصدق نفسه كالمجنون ، لاسيما انه كان يجلس مع الرئيس الامريكي اوباما، فانطلت عليه الحيلة فصدقها تماما كالضفدعة التي ظنت نفسها انها قد اصبحت بقرة بمجرد ان نفخت نفسها قليلا.
ومتى يقتنع الحمقى امثال ابو بكر البغدادي بان طريق اعادة الخلافة هو بالعلم والصناعة والاقتصاد وليس بالأسلوب القديم الذي لم يعد يصلح الان، فما من قوي الا وهناك أقوى منه، لاسيما وقد تأخر العرب في صناعة ادوات الحرب. ومازال امثال هولاء الحمقى يهللون عند القبض على شارب خمر او مفطر في رمضان كما لو كان هو الذي اضاع فلسطين ، وهم لايريدون ان يقتنعوا تماما ان تصرفاتهم الحمقى هذه التي طبقت ايام الخلافة العثمانية رغم كل التخلف في التعليم والصناعة واحترام حقوق الانسان كانت سببا لسقوطها وهكذا دواليك ، لا بل ان الغرب يساعدكم في ترسيخ غباءكم وتعزيز حماقتكم ويستثمره أفضل استثمار، لذا تراه يشجع هجرة اي طبيب او أستاذ جامعي وانتم فرحون بتعيين حمار قريب بدلا عنه ، ثم تشتكون من أمراضكم وجهل أبناءكم . وان أكثر مايرسخ غباءكم هو اتباع رجال الدين والخضوع لهم ، وكما قال احد عقلائكم : لا يستقيم أمر أمة من الامم اذا سلمت أمرها لرجل الدين ، ان خالفه احدهم صادروا حياته ، وان أطاعهم اضاع عقله وارادته وإنسانيته .
وما ضاعف فشلنا وهواننا، إننا اصبحنا لضعفنا أمة كلام، تقول مالاتفعل. ومازال بيت شعر في قصيدة أفضل من مختبر علمي في جامعة. ومازال قادتنا ينبجحون بالكلام أكثر من اي فعل في الواقع. وكما قال مكيافيللي قبل اكثر من خمسة قرون: ان الدول لاتؤخذ بالكلام.
والاسوأ من كل هذا وذاك، هو استعداد الكثيرين للخيانة، واذا شبهنا المجتمع بالاسرة لادركنا تأثير الخيانة الزوجية على ضياع اي أسرة. بعد ان سعى حكامكم لخيانة احدهم الاخر، حتى وصف العرب بأمة الخيانة ، فقد ضحك حسني مبارك بسقوط صدام ، ثم لقي مصيرًا أسوأ، وهكذا يفعل الاخرون. وتذكروا ماقاله القذافي آنذاك في لحظة تعقل : لاتفرحوا فكلكم على نفس الطريق ونهاياتكم قريبة. فكما أن تاريخنا الإسلامي حافل بالأبطال والعظماء والفاتحين, فإنه لا يخلو من بعض الخيانات والانتكاسات التي جرت على يد أناس باعوا أنفسهم لأهوائهم وأطماعهم الشخصية. وتذكوا إن الحروب الصليبية التي استمرت حوالي مائتي عامٍ، أضاع جيع تضحياتها شخص واحد هو الملك الكامل عندما سلم القدس دون قتال, وبالفعل فقد سلمت المدينة في
22 ربيع الأول من عام 626 هجري, الموافق 18 فبراير 1229 م تحت مسمى اتفاقية يافا, والتي أثارت موجة سخط وغضب وأسى عارم.
أما اليوم فقد كثر خونة الوطن وواجبهم هو تدمير مابناه الاخرون، ومن البديهي إن التخريب اسهل من التعمير. وهكذا جرى استثمار حقد وحمق هولاء مقابل مصالح شخصية ضيقة، كان بامكانهم الحصول عليها بطرق اسهل واكثر كرامة. وسيحفظ التاريخ يوم ان سلم الخونة بغداد في 9 نيسان 2003. لذا تجد ان العقرء هم أكثر المتالمين على م آل اليه حال بلداننا، أما الحمقى والساقطين والقذرين فيجون متعة ولذة في كل ماجرى.
فاستفيقوا ايها الحمقى فقد ضاعت بلدانكم وقد اقترب اليوم الذي فيه سيزول حجركم الأسود. وبعد سقوط عدد كبير من الدول العربية ، فهل ستصمد السعودية لوحدها ؟ أم هل ستكون ثروات ايران وفي مقدمتها النفطية بعيدة عن طمع الوحش العالمي؟ لقد نسيتم قاعدة فيزيائية مهمة ذكرها القرآن الكريم ان المجتمعات كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا.
فالدول لا تبنى بالغباء، لا بل ان الغباء سبب ضياعها .

أحدث المقالات

أحدث المقالات