اقتحام المتظاهرين للمنطقة الخضراء للمرة الثانية خلال شهر واحد ، والدخول الى مقر مجلس الوزراء هذه المرة بعد دخول مجلس النواب في المرة السابقة يعطي اكثر من مؤشر على مدى قدرة المتظاهرين في اقتحام الخضراء دون صعوبات تذكر.ولكن الأهم في الامر هذه المرة هو إطلاق النار تجاه المتظاهرين من قبل رجال أمن في بوابات المنطقة الخضراء وفي داخلها وتحديدا قرب مبنى مجلس الوزراء ، وما نجم عنه من إصابات عدة من المتظاهرين نقلوا على إثرها للمستشفيات من اجل تلقي العلاج .الاخبار تشير الى أن من اطلق النيران هم ليسو من رجال الشرطة او الجيش او عمليات بغداد بل انهم جماعات تابعة لأحزاب تهيئت ووعدت بمقاومة كل من يحاول دخول الخضراء بعد الدخول الاول وقد نفذوا وعدهم بالرمي الحي ضد المتظاهرين الذين في أغلبيتهم من اتباع التيار الصدري وهو ما دفع بسرايا السلام الى الانتشار لحمايتهم وخاصة الذين حوصروا في الخضراء بعد قطع إمدادات اعوانهم.هذه المواجهات بين التيارات والأجنحة المسلحة للأحزاب الشيعية تعود للحدوث بشكل خطير منذ صولة الفرسان التي كان طرفيها آنذاك القوات الأمنية مدعومة بالقوات الامريكية واتباع جيش المهدي الجناح العسكري الضارب للتيار الصدري.هذه الاشتباكات ملامحها هذه المرة ذات خطورة على الوضع الأمني للعراق ككل وبغداد كمدينة تعتبر العاصمة والأكثر أهمية وظروف هذه المرحلة تختلف عن مرحلة 2007 حيث داعش على الأبواب وعدد من المحافظات خارج سيطرة الحكومة الاتحادية ووضع اقتصادي متدهور وحكومة ضعيفة مع ازدياد الشحن الطائفي الشيعي السني والقومي الكردي المتجه الى الانفصال وضم كركوك ، وتفاقم نقمة الشعب على سياسيين فضحت سرقاتهم وفسادهم على الملأ. الثورة الشعبية عندما تتقد ستسري كالنار في الهشيم ، وهو ما تابعناه بعد دخول الخضراء بالامس وما تبعه من دخول الى مجلس محافظة ذي قار من قبل متظاهرين والبصرة ايضاً ومهاجمة مقر لأحد الأحزاب في ميسان وغيرها من التداعيات لغاية كتابة هذ المقال تؤيد ما ذهبنا اليه في مقال نشره موقع كتابات في 23 أيلول 2014 بعنوان (الصراع الأمريكي الإيراني في العراق والانشقاقات الشيعية) ، حذرنا فيه من الانشقاق الشيعي الذي سيقود الى صراعات في مابين الفصائل الشيعية نفسها والذي عملت دول إقليمية على تحقيقيه بالمال والسلاح والعملاء والخونة ومهدت له أميركا بإدخال داعش الى العراق واستقطاع ثلث أراضيه ، فيما كان اهم اسباب تحققه هو الغباء وضعف القيادة لدى أغلب القادة الشيعة ولهاثهم خلف الأموال والمنافع والامتيازات دون ان يحفظوا للعراق هيبته وسيادته.بقاء الحال على ما عليه اليوم من عدم وجود حكومة ومجلس نواب وإنشغال القوات الأمنية بمحاربة داعش الإرهابي وتطور الموقف الى صدامات بين المتظاهرين وجهات أمنية مما أوجد دم مراق بينهما وشبه مواجهات بين الفصائل المسلحة الشيعية وانتشارها في شوارع العاصمة بغداد فهو ينذر بمخاطر جسيمة قد تؤدي الى إنفراط عقد الأمن بأكمله ويمتد من بغداد الى المحافظات وهو ماتتمناه وتنتظره بفارغ الصبر الجهات الارهابية وأولها داعش الكامنة على حزام العاصمة لكي تنقض عليها والمدن المقدسة وسط ضياع الحكومة والسلطة عامة.نتساءل اين المرجعية مما يحدث من فراغ سياسي وأمني واستمرار الفساد والسرقات والقتل والتفجيرات ؟ وهل من رجل رشيد يظهر من بين القيادات الشيعة ليعيد الأمور الى نصابها ويرمي بالمجرمين في السجون ويحليها الى المحاكم ويصلح ما يمكن إصلاحه قبل فوات الاوان ليخلده التاريخ قبل أن يحشر مع اعوانه ممن سيلعنهم الله والتاريخ والشعب.