مايجري في هذا البلد أمرهٌ غريب وعجيب فعلا ، فبرغم انّ كل ماتم سرقته من الأموال بات معلوماً للجميع سواء حجم الاموال أوالسُّراق أوالبنوك التي تم ايداعها فيها ، إلاَّ أننا لم نجد أحداً يتحرك من اجل اعادتها او القبض على اللصوص .!
شيء يثير العجب ، لربما لن نجد له مثيلا في اي دولة من دول العالم ، حتى في دول عُرفَ عنها أنها تخضع لسيطرة عصابات المافيا والمخدرات مثل كولومبيا أو المكسيك على سبيل المثال ، فهل اصبح العراق اسوأ منهما ؟
وهل اصبح اللصوص ، عفواً اقد الساسة ، اكثر قوة وهيمنة من عصابات المخدرات في المكسيك أو كولومبيا
المفارقة ان السيدة ( زينب البصري ) النائبة في البرلمان العراقي في بيان لها كانت قد اصدرته في مجلس النواب مطلع شهر فبراير/شباط 2016 ، قالت فيه :
( إن أكثر من 312 مليار دولار تم سرقتها من ميزانية الدولة خلال العشر سنوات الاخيرة بسبب الفساد المالي والأداري ) وهذا ما نقلته عنها صحيفة المدى العراقية ، واضافت البصري في بيانها :
( إن الأموال العراقية المنهوبة على يد مافيات الفساد الاداري والمالي خلال عقد مضى موجودة في البنوك العالمية وبأسماء كبار مافيات الفساد التي لا تزال موجودة تحت ظل عناوين سياسية وغطاء سياسي في العملية السياسية ) .!
شخصياً أعتقد ان ماتوصلت له السيدة النائبة ليس بجديد ، فالكل يعلم حجم الفساد في هذه الحكومة منذ سقوط النظام ولحد الان وعلى كل الاصعدة واجد هذا الاكتشاف متأخراً جداً ، فالسُّراق ــ وكما شخصتهم النائبة ــ هُم جزء من ( النخبة السياسية التي تحكم ) ، ومازالت هذه النخبة تسرق تحت عنوان المحاصصة الطائفية التي كرسها المحتل الاميركي في الدستور الذي كتبه مع حلفائه الذين جلبهم معه في 9/ نيسان 2003 ، هذا اليوم الذي سقط فيه العراق دولة وشعبا تحت سلطة الغازي الاميركي .
( 312 ) مليار دولار تمت سرقتها وبوضح النهار ، انا شخصيا متاكد ان الرقم الحقيقي اكبر من هذا ، ومَن يقرأ هذا الرقم من العراقيين سيصاب بألم شديد في قلبه، لأنه مبلغ كبير جدا،ولو تحوّل هذا الرقم الى مشاريع ملموسة في البنية التحتية للبلد من بناء المستشفيات والمدارس والكهرباء وتحسين الطرق التي باتت ردائتها تعكس صورة التخلف الذي اصبح عليه العراق مقارنة بالبلدان المجاورة .هذا طبعاً من غير ذكر للسرقات التي تمت تحت مسمى ( فضائيون ) أو كما يحلو للبعض أن يسميهم والعجيب أن هناك الاف من حملة الشهادات والخرجين يفترشون الساحات العامة لبيع الخردة او العمل بأجر يومي لعدم وجود درجات وظيفية ، وهذا ما تتذرع به الدولة دائماً ، لكن الفضائيون لهم الكلمة العليا ، واتذكر هنا ماقاله الناقد والكاتب الصحافي الساخر حمزة مصطفى حين كتب :
بين ( الفضائي ) الأميركي ( نيل أرمسترونغ ) وبين ( الفضائيين ) العراقيين ، فقال : لم يدر بخلد رائد الفضاء الأميركي ( نيل أرمسترونغ ) كأول إنسان تطأ قدماه سطح القمر أن يكون له بعد أربعة عقود من الزمن نظراء تتراوح أعدادهم بين ( الـ50 ) ألفا كحد أدنى وربما أكثر من ( 250 ) ألفاً، ومن بلد واحد اسمه العراق .
واستثمر هذه المفارقة ليؤكّد : وإذ لم يحصل ( أرمسترونغ ) من مكافأة لهبوطه الجبار على سطح القمر سوى على ميدالية الحرية الرئاسية من قبل الرئيس الأميركي آنذاك ( ريتشارد نيكسون ) فإن زملاءه فضائيي العراق نهبوا أموال البلاد والعباد وبمئات مليارات الدولارات، من دون أن يكلّف أحدهم نفسه الهبوط ولو على سطح تلة صغيرة .
وأخيراً وليس آخرا أحببت أن أنقل البشرى للشعب العراقي ، بأن العراق قد تم تصنيفه ضمن آخر تقرير دولي صدر في نهاية العام الماضي( 2015) من بين اكثر( 10 ) دول فساداً في العالم .