هل لنا الحَقُّ أن نحلم باليوم الذي تهب فيه نسمات العَلمانيّة في عراقنا ؟ هل يأتي يوم نَعَيَّشَ،ُ نحن العراقيين مباديء العلمانية الحقة وتُمنح الديمقراطية معناها الحقيقي ؟ ويُحترم الانسان العراقي؟
منذ عام الإِحْتِلال 2003 وحتى اليوم، أختفت الهَوِيّة العراقية، منحنا المُحْتَلٌّ الاميركي هَوِايّات جانبية جديدة؛ سني، شيعي، مسيحي ( كلداني،أشوري، سرياني) يزيدي، صابيئ، عربي، كردي، تركماني، وبدء الصراع وتَقَاسَمُوا الوَظَائِف والمغانم، معتمدين على السُلْطَة الدّينيّة، دون النظر في أهمية ومهنية الموظفين العموميين وإخلاص الأشخاص للمكانة التي يشغلها! ولم يكتفوا بذلك فقد منحوا أنفسهم رواتب وإِمْتِيَازات خيالية لا يتقاضاها أي مسؤول في الدول الغنية والعريقة!
وأنا أَنظَرُ الى انْتِخاب المحامي صديق خان المسلم ذو البشرة الداكنة، الذي جاء والده من باكستان، وعمل سائق حافلة نقل الركاب، وعاش في حي فقير، وهي تنتخبهُ عُمْدَة لمدينة لندن، لم تهتم الجماهير اللندنية بدين وأَصْل صديق خان وواضح من إسمُهُ أنه لا يمت الى الأصول البريطانية، ومع هذا إخْتَارهُ الناخب الانكليزي لانه يعتقد انه الأصلح لمدينة لندن، أكبر عاصمة أوروبية، بينما كان ينافسه إنكليزي أبيض، طويل القامة مليونير، وأكثر من كل هذا يهودي الديانة! هذه هي العلمانية، لم ينظر الجمهور اللندني المُنْتَخَب، الى طريقة صلاة العمدة، ولم يسأل «خان» عن اعتقاده الدينى وصيامه وحجه وزكاته، أنه لا ينتخب عُمْدَة لكى يدخله الجنة، هو ينتخبه لانه يعتقد أن البرنامج الذي تقدم به هو الأفضل لمدينته، يريد إنسانا يحترم القانون ويكون قريبا من الناس، لا فاسدا ومرتشيا، وينفذ القانون دون محاباة، ويقدم الحلول للمشاكل الذي يعاني منها ساكني لندن.
وعندما بدء العمدة الجديد يُّومهُ الاولى، أنتظر الباص مثل كل الناس ليذهب الى مكتبه. لم يطلب أن يغير الأثاث ليأتي بأثاث جديد، لم يعلق صوره أو صور رئيس حزبه على الحائط، ولم يغير بدلته ببدلة من المحلات الانكليزية الفارهة ولم يغير بيته ويستولي على احد قصور الدولة.
هل العراق دولة مؤسسات، الجواب لا، هل العراق دولة مدنية ديمقراطية، والجواب الف لا! عندما يقولون للمواطنيين ان رئاسة الجمهوري محصورة في الكردي، ورئاسة الوزراء مخصصة للمسلم الشيعي، ورئاسة مجلس النواب مفصلة للمسلم السني، وهكذا يتم تقاسم المناصب الى اصغر مفصل من مفاصل الدولة !! يكون نظام الحكم حتماً فاشلا وتضيع فرص التقدم والتطور.
أنظروا الى اهم عاصمة في التاريخ العربي والاسلامي ” بغداد ” ماذا فعلت بها المحاصصة الطائفية ؟ انها اليوم مجموعة من القرى العشوائية، انها خرابة كبيرة. والسبب تقاسم الوظائف، ومنح عمادة المدينة الى مجموعة من السراق والمرتشين والفاسدين، لانهم تابعين الى المحاصصة الطائفية !
لنتعلم من ان العلمانية ليست كفرا كما يشيع البعض من المعممين والأفندية، انها أسلوب لبناء حياة سعيدة، أن نترك الانسان يختار طريقته في الحياة دون أن تتدخل الدولة والسلطة الدينية، انها تمنح الفرصة للعمل وخدمة الوطن والمواطن دون تميز. هل يحق لنا ان نحلم بدولة علمانية مدنية تمنح المواطن العراقي ذكرا كان أو أنثى، فرصة حقيقية ليتبؤ أي منصب دون الاهتمام بقوميته ودينه ومذهبه ؟