بسم الله الرحمن الرحيم
{ مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا ۖ وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا ) النساء 85
الشفع هو الزوج، والوتر هو الفرد، كلمة شَفِعَ بمعنى قرن، هذه الآية تؤكد أن أيَّة حركةٍ من حركات الإنسان, تؤدي إلى جمعٍ بين شيئين ، إن كانت تلك الحركة او القول على خير،فمعناه جمع على خير نصيبٌ وافرٌ من هذه لحركة أو القول …وإن كان هذا القول او الحركة شر، فهناك وزرٌ يتحمله من كان سبباً في هذا العمل ونتائجه . لهذا أصبحت الغايات والأعمال هي التي يحاسب عليها الإنسان .. من سن سنة حسنة فله أجرها واجر من عمل بها إلى يوم القيامة , ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة .. وهذه كلها تقوم بها النفس .. إما مطمئنة أو خبيثة … هذه الآية من أدق الآيات التي تحدد الطريق الصحيح في علاقات الإنسان الاجتماعية والعقائدية والسياسية , فلو جمعت بين اثنين على خير سواء زواج أو عمل أو نصيحة ، فأي خيرٍ من هذا الجمع لك منه نصيب،** مثلا من أعمال الخير لو هديت إنساناً إلى الحق إذا كان مائلا عن الحق ، فكل الخير الذي سيصدر من هذا الإنسان، وعن ذريته إلى يوم القيامة لك منه نصيب، واهم تلك الهدايا تهديه إلى ترك معصيةٍ أو مخالفة سواء أخلاقية أو شرعية ، أية دلالةٍ تدل بها إنساناً، لأنك تشفع بينه وبين هذا الحق إذا كنت سبباً في زواجٍ ميمون،أنت شافع بينهم قال رسول الله {ص} : {من مشى بتزويج رجلٍ بامرأةٍ, كان له بكلٍ خطوةٍ خطاها, وبكل كلمةٍ قالها: عبادة سنةٍ, قام ليلها, وصام نهارها)..ولكن هل يرضى المجتمع اليوم بالكلمة الطيبة ..؟ أو على الأقل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر …؟ الجواب لا :.. المجتمع لا يرضى بذلك .. اذكر لك مثال : رفعت في إحدى المواقع صورا لضباط شرطة متخرجين حديثا جاءوا إلى صحن الإمام أمير المؤمنين {ع} وهناك قاموا أخوانهم وآباءهم بوضع الرتبة على أكتافهم , ثم يقوم الضابط بأداء تحية عسكرية للإمام علي {ع} فكتبت تعليقا لهم : قلت : أتمنى أن يكون بدلا من التحية أن يقدم الضباط عهدا أن{ يعملوا لله والوطن والمواطن } ولا يأخذوا رشوة ولا يأكلون حراما, باعتبارهم من محبي الإمام {ع} انقلبت الدنيا على تعليقي …!!!***** لان القران يلزم المؤمنين بالإصلاح ..هناك آية في القران نحاول أن نأخذ من شذاها غصنا :.. يقول تعالى : ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ). علماء التفسير فسروا هذه الآية على ثلاث مستويات…. الأول :… مستوى الإصلاح مع الله :.. وطريقته أن تصلح العلاقة بينك وبين الله فإن صلحت في شهر رمضان مثلا .. ينبغي أن تستمر بعد رمضان،فلو ضبط اللسان في رمضان ينبغي أن تستمر في ضبطه بعد رمضان ..وإن تمكنت غض البصر ينبغي أن تستمر في غض البصر بعد رمضان، وإن ألفت المثابرة على الصلاة والقران ينبغي أن تتابع قراءة القرآن بعد رمضان، وإن ألفت كثرة الإنفاق في شهر رمضان أن تتابع الإنفاق بعد رمضان، هذا مستوى صلاح ذات البين بينك وبين الله . المستوى الثاني مع من حولنا :… الآن أي واحد منا بإمكانه أن يصلح علاقته مع من حوله، مع زوجته، مع أولاده، مع أخوته وأخواته، وكل أقرباءه وعشيرته الأقربون .. من كانت بينه وبينهم سوء علاقة الاعتذار والتنازل عن الموقف المتشنج حتى لو كانوا هم الخاطئون ..الصفح والمسامحة، تقديم هدية يمكن أن تصلح ذات بينك، لكن أخطر علاقة بين الزوجين إنها إن صلحت صلحت أكثر العلاقات لأن هذه المرأة شريكة حياتك فإذا كان هناك خطأ يوتر بينكما العلاقة ينبغي أن نغفره من الطرفين ، إذا في تقصير ينبغي أن نتلافاه،كلمات مزعجة أن تتركها , وإذا فرقاء يتدخلون في إفساد العلاقة ينبغي أن نقصيهم.من اكبر القصص التي سمعتها في إصلاح ذات البين …قصة ذكرها إمام أحد جوامع دمشق قبل خمسين سنة.. يقول انه رأى رسول الله{ص}في المنام يخبره عن جاره, كان جاره إنسان بسيط جداً وثقافته محدودة ً، قال له: قل لجارك فلان إنه رفيقي في الجنة إمام المسجد ما استوعب الموضوع , هل معقول إنسان عادي بعلمه وفي علاقاته يكون رفيق النبي{ض}في الجنة.؟ ورؤيا النبي حق لأ شيطان يتمثل بها. طرق باب جاره ودخل البيت وقال له: لك عندي بشارة من رسول الله{ص}ولكنني والله لن أقولها لك إلا إذا أخبرتني ماذا فعلت حتى استحققت هذه البشارة، امتنع وتحفظ كثيرا لكن هذا الخطيب كان أشد إصراراً، فلما رأى لابد من البوح قال له: تزوجت امرأة وفي الشهر الخامس من زواجي بها كان حملها في الشهر التاسع، معنى ذلك أن هذا المولود ليس لي، يبدو أنها زلت قدمها فيما مضى بإمكاني أن أفضحها،أولا وأطلقها وأطردها… وعندي الدليل القطعي .. ولكن هذه الزلة ستهدم بيوت أهلها وأعمامها وأخوالها .. المهم قمت بواجبي أتيت بقابلة في الليل وولدتها وحملت المولود تحت عباءتي ودخلت به إلى المسجد فجرا ..تعمدت أن أدخل المسجد بعد أن نوى الإمام الفريضة ووضعت المولود وراء الباب وصليت مع الناس، فلما انتهت الصلاة بكى الصغير تحلق الرجال حوله أتيت إليهم كأنني لا أعرف شيئاً قلت ما الخبر ؟ قالوا هذا طفل مولود حديثاً وراء الباب قلت: أعطوني إياه أنا أكفله، أخذه أمام أهل الحي على أنه متبنى ودفعه إلى أمه وسترها وأصلحت ذات بينها، فقال له إمام المسجد : هذا العمل يستحق أن يقول النبي{ص} لي قل لجارك فلان أنه رفيقي في الجنة. وهذا مصداق قوله تعالى :…{إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون } ومعنى أن تشيع الفاحشة أن يشيع خبرها، لأن الشيوع من صفات الأخبار والأحاديث بها لنقلها وتوسعتها بين الناس لإسقاط الآخرين ..فأصبح المجتمع يحب الاستماع لهذه الفاحشة ..!!ويتفنن بها البعض , وأصبحت تلك الأحاديث في أماكن السفهاء مصدر تندر ومادة مهمة يتلذذ قائلها ومستمعوها .. ومن أنواع الفاحشة :……أطلق اسم الفاحشة على الزنا ونحوه، في قوله تعالى: {وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ} في سورة النساء… ومن أسماء الفاحشة بمعنى الأمر المنكر في قوله:{ وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا} وكلمة فحشاء في قوله تعالى: إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء. في سورة البقرة. من أدب هذه الآية أن شأن المؤمن هو يتحمله ولا علاقة لك به إلا إذا كان المتحدث كافرا أو منافقا ..ومن الطبيعي انه لا يحب إخوانه المؤمنين … هذه طبقة من المنافقين يحبون أنفسهم فقط .. انه لا يحب أن يشيع عن نفسه خبر سوء، كذلك عليه أن لا يحب إشاعة السوء عن إخوانه المؤمنين….***** ما هي النتائج التي تحصل في حالة شيوع الفاحشة في المجتمع …؟لشيوع أخبار الفواحش بين الناس {{بالصدق أو الكذب }} تعتبر مفسدة أخلاقية، فإن مما يردع الناس عن المفاسد تهيبهم وقوعها وتجهمهم وكراهتهم سوء سمعتها، وذلك مما يصرف تفكيرهم عن تذكرها ناهيك إنها إذا أشيعت , يمكن أن يقدم عليها الآخرون رويدا رويدا…. بينما لو تكررت يصبح تداولها اجتماعيا مسالة عرفية , وتكرار الشيْ يعطي له تقليل الأهمية ..ثانيا :…. إشاعة الفاحشة في المجتمع يعني انك تقطع أوصال الناس بالمناشير إلى الحد في تسقيط عوائل متعددة من خلال كلمة غير مسئولة تصدر من هذا وذاك .. وإذا شاعت الفاحشة في مجتمع معين فمعنى ذلك انه مجتمع متدني وهابط ينتج أسوء الشخصيات التي تقبل بسماع الفاحشة والسكوت عليها .. يعني مجتمع يقبل لحاق الأذى والضر بالناس على تفاوت الأخبار في الصدق والكذب. ..ولهذا دل الجليل بقوله: وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ. أي يعلم ما في ذلك من المفاسد فيعظكم لتجتنبوا، وأنتم لا تعلمون فتحسبون التحدث بذلك لا يترتب عليه ضر.كقوله: وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ. يعني بصريح العبارة حب إشاعة الفاحشة هو الخوض في أعراض الناس وهو من اكبر الكبائر .. يجنيها المتحدث بها ارضاءأً لنفسه المريضة .. لذلك هددهم الله بالعذاب في الدنيا والآخرة ..ورد عن النبي {ص}قال : ” لا تؤذوا عباد الله ولا تعيروهم ، ولا تطلبوا عوراتهم ، فإنه من طلب عورة أخيه المسلم ، طلب الله عورته ، حتى يفضحه في بيته ” . …!!!انظر إلى نفسك هل أنت معصوم أو خطاء ..؟ كلنا خطاءون ونطلب من الله الستر.. جاء في الدعاء : ” اللهم استر علينا ما لو ستره غيرك لشاع , وأحفظ علينا ما لو حفظه غيرك لضاع ” يعني ان الله الستار يستر عيوبنا .. وهو من أسماءه الحسني فندعوه به .. هذا ما تشير أليه الآية المباركة :{مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا ۖ وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا}….هناك مشتركات بين الله وبين الإنسان : منها انه غفار ,وأنت تغفر لجماعة معينة ولسبب معين فتغفر له .. إذن أنت مشترك مع الله تعالى .. والله الرحمن وأنت ترحم أبناءك وترحم الفقراء مع الفارق .. وأحيانا ترزق الناس تكون سببا في رزقهم .. العزيز والشكور ..ومن أسمائه الستار، أنه يستر، والمؤمن كلما اتصل بالله يشتق من هذه الأسماء، يعني بإمكانه أن يفضحها وربما تذبح من قبل أهلها، لكن ماذا فعل ؟ غفر لها وحملها على التوبة أنقذها وأوصلها إلى الجنة…***** هناك أبواب للخير يمكن أن تفعلها بسترك وعفوك، طبعاً ليس عفو ساذج … هناك حالة جديرة بالاهتمام .. مثلا من يصر على الذنب , ومن وقع بالذنب بسبب سوء فهم او بسبب عدم نضوج عقل .. سواء للذكر أو الأنثى .. مثلا امرأة قد تكون اغتصبت دون أن تشعر أو أن تكون صغيرة وجرفها تيار الموديلات وأيام عيد الحب وغيره ..وهي صغيرة، وقد تكون زلت قدمها وتابت توبة نصوحة..قصة الإمام موسى بن جعفر {ع} مع بشر الحافي معروفة . هناك قضية لا بد أن نتفهمها هي تعارض القيم العشائرية والأعراف مع التشريع الأخلاقي في الإسلام , لذلك بعضنا يتحرج حين يسمع هذا الكلام يتمنى أن لا نتحدث فيه على المنبر .. لأنه يتعارض مع عقيدته العشائرية البدوية .. القران يقول :” وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ۚ” يقول ابن كثير :.. ” وَجَحَدُوا بِهَا” أَيْ استنكروا الحكم الأخلاقي فِي ظَاهِر أَمْرهمْ ” لو الأمر وقع عليهم .. ولكن َاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسهمْ ” لأنهم عَلِمُوا أَنَّهَا حَقّ مِنْ اللَّه .. وَلَكِنْ جَحَدُوهَا وَعَانَدُوهَا ” ظُلْمًا وَعُلُوًّا ” لان نفس التعالي في الإنسان اقوي من الأوامر الإسلامية التكبر سَجِيَّة مَلْعُونَة , ويشعرون يعلوا واِسْتِكْبَارًا عَنْ أتباع الحكم الأخلاقي الشرعي ..***** لماذا يجحد الإنسان وهو مستيقن بها …؟ الجواب حين تصل الحالة بالإنسان إلى ممارسة الظلم دون خوف من الله فهو يظلم٬ من أشكال الظلم انه يجر الخير إلى نفسه٬ ويظلم من باب التكبر فيعطي لنفسه قيمة يحلم بها من خلال مرض نفسي داخلي .. ٬فيجحد بالحكم الشرعي..وأحيانا الجحود يأتي بسبب الانتفاع بالمادة٬ فيرى نفسه ذو منصب او مال فيستعلي على الآخرين ..٬ أما نفسه توقن بالحقيقة انه من باطنه يؤمن بالتساوي وتفضيل المؤمن عند الله وهو يعرف نفسه انه منافق او ربما كافر او سارق ,, كم سارق الان لا يجلس الا بالخط الامام في كل احتفال وحتى في الصلاة ..!**** هنا النفس هي التي تدفع الإنسان لارتكاب أعمال الخير أو الشر ..يعتبر أفعاله متطابقة شرعا وأخلاقا مع الله يقول تعالى:(إن الإنسان لربه لكنود , وإنه على ذلك لشهيد . وإنه لحب الخير لشديد).**** الإنسان يجحد نعمة ربه فينكر فضله . يتمثل جحوده في مظاهر شتى منها أفعالا وأقوالا , فتقوم عليه{ مقام الشاهد الذي يقرر بهذه الحقيقة} . وكأنه يشهد على نفسه بها .و يشهد على نفسه يوم القيامة بالكنود والجحود:(وإنه على ذلك لشهيد). . يوم ينطق بالحق على نفسه حيث لا جدال. (وإنه لحب الخير لشديد)فهو شديد الحب لنفسه , يحب الخير لنفسه فقط . بحيث يتمثل حبه للخير وهو المال والجاه وسلطة ومتاعا بأعراض الحياة الدنيا فقط دون الآخرة ..******* اذن من هو العبد ..؟ ما مدى صحة الحديث القدسي الذي يقول : ( عبدي أطعني تكن مثلي ، تقل للشيء كن فيكون )) وأين نجد السند للحديث والمتن الصحيح في كتبنا ..؟ الجواب:.. الحديث ذكره الشيخ البرسي في (مشارق أنوار اليقين)، وورد بعدة ألفاظ قصيرة وطويلة ، وممن ذكره كذلك الديلمي في وابن فهد الحلي في (عدة الداعي). .. وقال عنه الشيخ جعفر مرتضى العاملي: أن أصل الأحاديث القدسية ومنها هذا الحديث جاء من الكتب المقدسة المترجمة عن اللغات الأجنبية ومن حيث السند لم يعثر له على سند ولكن تلقاه اغلب العلماء بالقبول ، وذكروه في كتبهم.وقد ذكروا له بعض التوجيهات، ومنها ما ذكره السيد بن فهد الحلي قال: ((إن صح الحديث فليس معناه أن من أطاع الله يكون مثل الله، إذ ليس ذلك ممكناُ … لكن معناه: إذا أطاع عبداً الله ، وقرب من الله، ورضي الله عنه، فإن الله يعطيه بعض القدرات التي يستطيع من خلالها أن يقوم بها .. كما أعطى عيسى (ع) ذلك: (( أَنِّي أَخلُقُ لَكُم مِنَ الطِّينِ كَهَيئَةِ الطَّيرِ ) وكما أعطى آصف بن برخيا القدرة ..وهو الذي عنده علم من الكتاب حيث قال لسليمان ( أنا أتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك) وكما أعطى بعض أنبيائه القدرات والكرامات التي ملكوا بها الكثير من أعمال الغيب، مثلا سليمان علمه منطق الطير , وبعض الغيبيات التي أعطاها للنبي والأئمة المعصومين {ع} ومعنى ذلك: الله يقول للإنسان إذا أطعتني وصرت عبدا مرضياً عندي وقريباً إلي فإنني أعطيك بعض القدرات التي تستطيع من خلالها أن تقول للشيء كن فيكون، وليس ذلك في كل شيء، بل أن تقول لبعض الأشياء، بحسب ما يعطي الله من قدرته) .. هنا حديث للإمام علي {ع} يناجي ربه ” الهي ما عبدتك خوفا من نارك .. ولا طمعا في جنتك .. ولكن رايتك أهلا للعبادة فعبدتك ” هذه هي درجة العبودية .. لذا نقول للنبي{ص} ( واشهد ان محمدا عبده ورسوله).***** إذن الآية التي نحن بصددها تحدد وظيفة المؤمن الرسالي في المجتمع وفي بيته ..إذا أنت إنسان احتويته وحملته على التوبة وسترته، ورفعت اسمه بين الناس، هذا عمل تستحق أن تكون رفيق رسول الله في الجنة، كم باب من أبواب الجنة يفتح أمامك حينما تستر، كم باب من أبواب الخير تفتح أمامك حينما تغفر، حينما تعفو حينما تتجاوز، هذه كلها سنن حسنة . مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا….وبالعكس من سن سنة سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا ….**** مسالة الثارات في القران الكريم :. نحن نعلم ان القران نظام كامل للحياة , فهل التزم المسلمون بقانون القران الكريم في مسالة الثار … أولا لنذكر صورا من حياة النبي والأئمة عليهم السلام .. مدينة مكة ناصبت العداء للنبي {ص}عشرين عاماً نكلت بأصحابه، قتلتهم ..وبعد الهجرة حاربته ثلاث مرات، كل أنواع الإيذاء بدءاً من الهجاء وانتهاءً بالقتال، فلما فتحت مكة وعشرة آلاف سيف متوهج بيد أصحابه يأتمرون بكلمة لو قال أبيدوهم انتهوا، كم هناك من مذابح في العصر الحديث، في صبرا و شاتيلا وإسرائيل وفي جنوب أفريقيا خمس مائة ألف بليلتين قتلوا، انظر لداعش ..في سوريا واليمن والبحرين يقتلون الناس بدم بارد وهم مستيقنون إن القتل حرام .. ولكن رسول الله عفا عن أهلِ مكة وأطلقهم .. الآن نسمع من بعض السياسيين:.. يعتبرون أنفسهم مدافعين عن الإسلام , ولا نسمع يوما حوارا دينيا بينهم , بل سباب، واستهزاء، واستخفاف، وشتائم .. ووصل الأمر بهم للقتل والتفير والتعذيب .. هذا عملهم جاء بسبب حب الدنيا وبسبب التكبر وحب المال .اضرب لك مثلا اخر :…سيدنا يوسف {ع} أصبح عزيز مصر , وأخوته الذين ائتمروا على وضعه في الجب ليموت، قال تعالى:﴿ قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) ومعنى التثريب إذا أذنب احد لامه الآخر وعيّره بذنبه .. فقضية الثارات هي سنة سيئة وللذي يقوم بها له كفل منها .. ومعنى الكفل : النصيب من الموضوع الذي عمله .. والِكْفل : هو الضِّعف من الأجر والإثم ، ويأتي بمعنى المثل ، وفي التنزيل : ( يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِه ) قيل : معناه ضعفين ، وقيل : مثلين . قال رسول الله {ص} : “لا تقًتلُ نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها”، لأنه كان أول من سن القتل.*** {{ أعود لمسالة سن القتل ْ}} حرص الإسلام أشدَّ الحرص على حماية الحياة الإنسانية، وجعل صيانتها مَقْصِدًا شرعيًّا، وحَرَّم الاعتداء عليها، وتَوَعَّد المعتديَ بالوعيد الشديد؛ فالإنسان بنيان الله تعالى في الأرض، مَلعونٌ مَن هَدَمه. قال تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}وقال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}.. وقال تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}.. [النساء : 93].سألوا النبي{ص}عن الكبائر، فقال: «الشرك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، وقول الزور». وكان يقول {ص} «لَا يَزَالَ المُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ، ما لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا»؛ والمعنى أنه في أي ذنبٍ وقعَ كان له في الدين والشرع مخرجٌ إلا القتل؛ فإن أمره صعب. وحين يتحدث الرسول {ص} لأصحابه في هذا الموضوع يقول :«يَجِيءُ المقتولُ بالقاتلِ يومَ القيامة: ناصيتُه ورأسُه بيدِه وأوداجُه تَشْخُبُ دمًا، يقول: يا رَبِّ، قَتَلَنِي هَذَا، حَتَّى يُدْنِيَهُ مِنَ الْعَرْشِ»، ومعنى تَشْخُب: تسيل.روي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله{ص} قال: «لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَأَهْلَ الْأَرْضِ اشتركوا في دم مؤمن لأكبَّهم اللهُ في النار». وروي عنه {ص}«مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَشم رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا».أما في الأحكام الدنيوية فقد رتب الشرع الشريف عقوبةً حَدِّيَّة صارمة على القتل العمد، وهي القصاص من القاتل؛ جزاء لما اقترفته يداه، والعمد: هو قصد الفعل بعدوان، وقصد عَين الشخص..فإن عفا أهل القتيل أو أحدهم عن القاتل سقط القصاص عنه ووجبت عليه الدية؛ فأرسى الشرعُ بهذه العقوبة الردعَ المجتمعي اللازم؛ ليحقن الدماء، كما قالت العرب: “القتل أَنفى للقتل”؛ ومعنى كلمة أنفى : لو أطلقت على رجل نقول : حَمِيّ الأنف أي يأْنف أَن يضام ونقول : فلان شمخ بأَنفه : تكَبَّرَ .. وفلان رَغِمَ أَنفُه : أي ذَلَّ وفلان مات حَتْف أنفه : من غير قتل .. فمعنى انف القتل أي تهدئة الأنفة بينهم.. قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.. **** دراسة ظاهرة الثار ووزرها على المجتمع :.من السنن السيئة التي ورثناها عادة الثار بين الناس … تعتبر ظاهرة الثأر من أخطر الظواهر الاجتماعية التي عانت منها المجتمعات البشرية ، وهي قديمة قِدَمَ الوجود البشري على سطح البسيطة. وأخطر ما يهدد سلامة المجتمعات وتجد التراجع الاقتصادي في المجتمعات التي تعتمد الثار فهي العدو الأول للتنمية والتطوير. هذه الظاهرة من أعقد وأصعب الظواهر التي تؤثر في المجتمع العراقي ، ومن أسوأ العادات الموروثة التي تهدد الأمن والسلم الاجتماعي وتعيق عملية التنمية في البلاد وتؤدي إلى سفك دماء الكثير من الأبرياء, لذلك فقد أصبح من الضروري دراسة هذه المشكلة دراسة علمية جادة والحد منها وترسيخ الأمن في أرجاء البلاد.** ظاهرة الثأر من العادات السيئة ، ومن بقايا الجاهلية التي كانت منتشرة في الناس قبل الإسلام ، فلما أشرق الإسلام قضى على هذه الظاهرة بتشريع القصاص ، حيث يطبق بالعدل ، ويقوم به ولي الأمر ، او قاضي , وليس آحاد الناس فتكون فوضى خطيرة في حياة المجتمع .. طبيعي تنتشر هذه الظاهرة في المجتمعات القَبَلِيَّة فقط , التي تتميز بقوة العصبية القبلية فيها. منها المجتمعات العربية عموماً ، وتزداد هذه الظاهرة كلما ازدادت مظاهر وحشية القبيلة. ومن النماذج الأكثر وضوحاً في هذا المجال: المجتمع العراقي واليمني وصعيد مصر ويعتبر العراق واليمن نموذجاً مميزاً لـظاهرة الثأر القبلي ..ويحصد الثأر أراوح آلاف الناس الأبرياء خلال عمليات الثار …. يتحدث الدكتور أحمد علي جندب أستاذ القانون الجنائي بجامعة تعز ، عن ظاهرة الثأر وتعريفه عند الجاهلية فيقول: عندما نأتي لذكر الثأر فانه يقصد الدم بالدم الدَّم .. وفي معاني مُجْمَلِهَا تدلُّ على الغيظ والانفعال والتكبر على الشرع الإسلامي واصل الثار عندنا اليوم ليس من الإسلام ..! بل هو عرف جاء من زمن الجاهلية .. وقولهم : أن الثأر لا يتقادم بتقادم الزمان والسنوات … وعندهم قول ماثور : مرتبط بالثقافة الجاهلية: ان «الثأر نقطة دم لا تتعفن ولا تسوس» ، «الآخذ بثأر أبيه بعد أربعين سنة مستعجل». بمعنى أنه ينبغي أن يظل هذا الإنسان حاملاً لهذه الفكرة مهما مَرَّتِ السنون وتَقَادَمَتِ الأزمنة ، وأنهُ مَوضِعُ وَصِيَّةٍ مِنَ الآباءِ للأبناءِ.لان المذمة والعار لمن تخلف عن الثأر ….الأمر الثاني :.. من خصائص ظاهرة الثأر أن التخلف الذي يعيشونه يعتبر أصحابه يُوصَفُ بالمَذَمَّة والعار ، حيث يقال عنه: « لا يأخذ بثأر ولا يحمي عار» .الأمر الثالث :.. من خصائص ظاهرة الثأر: أنه لا مجال للصلح لدى بعض القبائل التي تنتشر فيها عادة العصبية ، فإذا قُتِلَ قتيل على سبيل العمد فلا مجال للصلح لديهم. يقال ان شخصا من السادة المعروفين اخذ جماعة من الأخيار وعرض عليهم الصلح وما يطلبونه من فصل … فقام أليه شاب وقال له : يا سيد أنت تلعب في الفاضي فليس هناك مجال أن نعفو عن القاتل الذي قَتَلَ لنا قريباً عمداً وعدواناً ، فليس هناك مجال للصلح في هذه القضية….. على الرغم أن الإسلام دعا إلى الصلح والعفو وهناك الكثير من الأمثال الشعبية التي ترتبط بثقافة العصبية الجاهلية ……أصحاب هذه الثقافة يجيزون لأنفسهم أن يُقْتَلَ البريء بجريرة القاتل ؛ ولذلك كانوا يقولون: «يَعْمَلْهَا الأَقْرَع ويَتَحَمَّلْهَا أَبُو شَعر» ، بمعنى أن هذا الرجل قتل من هذه القبيلة فينبغي أن يكون بدلاً عنه أحد أقاربه. «إن لقيت الغريم وإلا ابن عمه» .. وهذه تحملها أكثر من تحمل هو علي بن أبي طالب {ع} وأبناءه .. فجميع من قتلوا في زمن التنزيل , كان العرب يعصبون دم أهلهم الكافرين الذين قتلوا برقبة النبي {ص} ولما لم يقدروا تنفيذ ثأرهم لقوة النبي {ص} وكثرة المدافعين عنه .. عصبت دماء المشركين برأس أبي الحسن {ع} وأبناءه عليهم السلام ….هناك عادة عند العرب ولا زالت جارية .. قضية { الهامة } وهي ان لا يبنى قبرا للمقتول , ويضعون علما احمرا على قبره , ومعنى الهامة انهم يعتقدون ان روح القتيل اسمها الهامة وهي تشبه الطير , تحوم حول القبر , وتصيح اسقوني اسقوني , يعني تطلب دم القاتل او من أهله .. ولا ترتوي الا بالثار .. ولما يقتلون احد أقرباء القاتل يرفعون علما ابيضا دليل ان المقتول اخذ بثأره .. وكانت النساء ولا زالت تدعو الله ان يطيل عمرها حتى يبلغ طفلها مبلغ الرجال كي يأخذ بثأر أبيه من خصومه .. ويتناقل ابناء العشائر عشرات القصص بتفاخر عن هذه الثقافة ..****** رأي الإسلام بالموضوع : اعتمد الإسلام طريقة جديدة لحل مثل هذه النزاعات وهي القصاص فما الفرق بين الثأر والقِصَاص ..؟ الجواب :… هناك فرق واضح بين الثأر والذي يعتبر عصبية جاهلية ، وبين حكم الله الذي شرعه لنا المُتَمَثِّلُ بحكم القِصَاص حيث يؤخذ في القصاص بشخص القاتل فقط وتنزل به عقوبة القصاص .. وهي بديلا للهامة … بمعنى أنَّ الذي يُقْتَل هو القاتل فقط بعد ان تثبت ارتكابه للجريمة بعد محاكمة عادلة يَثْبُتُ مِنْ خلالها انه هو الذي قَتَلَ فلاناً ، وبذلك نقيم عليه القصاص ..الشيء الثاني: أن القصاص تقيمه الدولة بعد محاكمةٍ عادلةٍ ، فيما الثأر تقوم به القبيلة أو الشخص أخذاً بالمَضَنَّة ، ودون أن يكون هناك دليل قاطع بأن فلاناً هو الذي ارتكب هذه الجريمة. فترد القبيلة الاخرى بان قتيلها قتل ظلما , وهكذا يستمر مسلسل الدم في المجتمع , وتتعطل الحياة …والقصاص يهدف إلى معاقبة الجاني بِمِثْلِ فعلِهِ لرَدْعِهِ وزَجْرِ غيرِهِ وتطهيره من الإثم ؛ لأن العقوبة كما ثبت لدى فقهاء الشريعة أنها ردع وزجر وتطهير للجاني من الإثم الذي لحقه جراء ارتكابه للجريمة. وبالتالي فان القصاص يحسم تداعيات الفتن ، كأنما توضع جمرة النار في الماء فتنطفئ ؛ ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى: «وَلَكُمْ فِيْ الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِيْ الأَلْبَابِ» أما الثأر فإنه بداية لِتَفَجُّرِ الدماء وتَعَاقُبِ أحداثِ الثأر ؛ ولذلك نقول: إِنَّ الدَّمَ لايُوَلِّدُ إلا الدَّمَ ، والعُنْفَ لا يُوَلِّدُ إلا العُنْفَ ، والفَنَاءُ باق بينَ طَرَفَيِ الصِّرَاعِ.وادخل الإسلام في القتل موضوعا جديدا في التراث العربي وهو الصلح . بمعنى أن أولياء الدم يُسْتَرْضَوْنَ بما يطلبون من مال وغيره ..كالجلاء من المدينة .. لكي يعفوا عن القاتل ، أما في الثأر فلا مجال للعفو فيه. والمصيبة الكبرى في هذا , ان تؤخذ الجماعة بالواحد ، وفي الشريعة الإسلامية إذا قتل مجموعة من الأشخاص شخصاً واحداً فإنهم جميعاً يُقْتَلُونَ به.جاء جماعة إلى الإمام علي {ع} في قضية معقدة جدا في حالة قتل حيث اشترك ثلاثة في قتل رجل واحد , قام الأول بالمراقبة وتهيئة الأجواء , والثاني مسكه ومنعه من الفرار , والثالث طعنه إلى أن مات .. فما الحكم فيهم .؟ فقال الإمام {ع} الذي طعن هو من قتل , هذا يقتل بقصاص الآية التي وضعت أفضل نظام في تحقيق العدالة بالجنايات وهي قوله : ” ا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى ” اما الذي منعه ومسكه , فانه يسجن مدى العمر ولا يطلق سراجه إلى أن يموت .. والثالث الذي راقب الطريق تقلع عيناه ويطلق سراحه …وقد وضع الله سبحانه وتعالى في جرائم الحدود والقِصَاص عقوبات ، ولم يترك للناس تقديرها ؛ نظراً لأهميتها. وساوى بين الناس جميعاً ، فليس هناك فرق بين الناس هذا شيخ وذاك شاب , فهم متساوون فلا فرق بين وضيع أو شريف ولا غني أو فقير لقوله تعالى: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِيْ الْقَتْلَىْ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ. وجميع الشرائع السماوية نَصَّتْ على عقوبة القتل ، فليس هناك مجال لكي نتخلص من هذا الجزاء كونه ينسجم مع متطلبات إصلاح المجتمع .. الله سبحانه وتعالى قد تَوَعَّدَ مرتكبها بالخلود في جهنم ، وليس له توبة هذا عند بعض الفقهاء الذين قالوا: لا توبة للقاتل عمداً وعدواناً ، ومنهم ابن عباس ، قال: لأن هذه الآية كانت آخر ما نزل من آيات القرآن الكريم ، فلم يوجد لها ناسخ ، والآية هي: «وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنَاً مُتَعَمِّدَاً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدَاً فِيْهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابَاً عَظِيْمَاً»[18].وهذه القضية يشير إليها ويؤكدها قول النبي (صلى الله عليه وسلم): «كُلُّ ذَنْبٍ عَسَىْ اللهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إِلاَّ الرَّجُلُ يَقْتُلُ الْمُؤْمِنَ مُتَعَمِّدَاً أَوِ الرَّجُلُ يَمُوْتُ كَافِرَاً». وقوله (ص): «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَىْ اللهِ مِنْ قَتْلِ اِمْرِئٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ». أما من سن سنة الثار , فالآية تقول : ” ﴿مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً) فجميع من قتلوا بغير حق تتعلق دماءهم برقبة ممن سن هذه السنة السيئة .. يَعْنِي بِقَوْلِهِ تعالى : من يحرض للقتال ومن يمد المال والطعام فَيَشْفَعهُمْ فِي جِهَاد عَدُوّهُمْ وَقِتَالهمْ فِي سَبِيل اللَّه ; وَهُوَ الشَّفَاعَة الْحَسَنَة { يَكُنْ لَهُ نَصِيب مِنْهَا)…. لننظر إلى الفارق بين كلمة ” النصيب ” وكلمة ” الكفل “. كلمة ” النصيب ” تأتي بمعنى الخير كثيرا. فعندما يقول واحد: أنت لك في مالي نصيب.هذا القول يصلح لأي نسبة من المال. أما كلمة ” كفل ” فهي جزء على مقدر السيئة فقط. وهذا هو فضل من الله، فمن جاء بالحسنة فله عشر أمثالها، وهذا نصيب كبير. ومن جاء بالسيئة فلا يجزي إلا مثلها.يختم الحق الآية: { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً } جاء هذا القول بعد الشفاعة الحسنة والسيئة، هذا تنبيه لكل العباد: إياكم أن يظن أحدكم أن هناك شيئاً مهما صغير يفلت من حساب الله، فلا في الحسنة يفلت شيء، ولا في السيئة يضيع شيء. وأخذت كلمة ” مُقيتاً ” من العلماء أبحاثاً مستفيضة. فعالم قال بمعنى شهيد، وآخر: معناها حسيب وثالث: إن ” مقيتاً ” معناها ” مانح القوت أي الطعام ” واخر انه حفيظ ” وخامس قال: ” إنه رقيب .. وكلها صحيحة ..***** هناك زيارة للحسين {ع} نقول له السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره ..ما معناها ..؟ ….قبل الإجابة يقول المسيحيون حين يسمون المسيح عليه السلام ب(ابن الله) انما يفعلون ذالك كما يفعل المسلمون في تسمية الحسين {ع} بثار الله وابن ثأره .. وهناك تسميه وردت لعلي {ع} سمي فيها يد الله .. فما الفرق بين النظرتين الإسلامية والمسيحية …؟ الجواب ……هؤلاء المسيحيون يفسرون كلمة ثار بأنها تعني الدم، إي ان العبارة الواردة في الحسين {ع} تعني دم الله وابن دمه .. وهذا الأمر هو عين الخطأ: واليك الرد ..!!اولا:ان العرب لم تطلق كلمة الثأر أبدا لتعني بها الدم ، بل اعتبرت الثأر دائما ثمنا للدم ، لذالك فأن معنى العباره ان الله هو الذي يأخذ ثمن دم الحسين الشهيد وان هذا الامرمنوط به سبحانه وتعالى ، اي ان الحسين{ع} لم يكن ملكا وتابعا لعشيرة او قبيلة معينه لتطالب بدمه بل هو يخص العالم والبشرية جمعاء لان الثارات تنقسم الى ثلاثة أقسام … ويكون كل قسم هو الذي يقع عليه الثار .القسم الأول : عائلي وهو الثار بين بيتين لا أكثر , وهذا يحدث في الغالب بإعمال التجارية أو السياسية.القسم الثاني : الثار العشائري .. حيث تعتبر العشيرة الدم مشتركا , فيهب القريب للمقتول عادة للثار من القاتل وهذا القسم ما نراه الآن في مدننا … القسم الثالث :.. هو الثار العام .. والثار العام هو القتل الذي يتحدد بقضية عقائدية عامة , بحيث يكون جميع من يحمل عقيدة معينة وفيهم قائد يُقتَل من اجل تلك العقيدة فيكون الدم في رقبة جميع من ينتسب لتلك العقيدة .. وخاصة العقائد السماوية – وهذه تفرق بين القائد والملك السياسي وبين القائد الذي يقتل من اجل عقيدة السماء , وما كان لله ينمو .. فيعتبر الاعتداء على الرمز الديني الكبير انما هو اعتداء على الذات الالهية .. فيكون الثار مقسما بين اثنين .. الله اولا والثاني المجتمع … ثار المجتمع معروف وقد تحقق قتل عددا كبيرا من قتلة الحسين {ع} من زمن المختار الى يومنا هذا .. صراع وقتل وثار ..والقسم الاخر يقع على الله تعالى .. وهذا القسم ليس كقتال الناس مع عدو ذلك الرمز , بل بالمواهب الالهية التي يمنحها الله للقتيل .. ونحن نعرف الدرجة الرفيعة التي يمنحها الله للشهيد في سبيله , فيكون للشهيد درجة بمقدار نيته في الشهادة وبمقدار موقفه من عقيدته … فيكون طلب ثاره من الله له ان يجعل اسمه ورتبته وحب الناس له بدرجة أخلاصه لله .. فيكون الله قد حقق الثار لذلك الشهيد .. لذلك نرى ثار الحسين الآن بين الجمهور الحسيني وبين الله ..يمدهم بالخير والكرامات الحسينية والبركة والتواصل مع المناسبة .. إضافة لمؤهلات القبر الشريف ةواهمها ان جعل قلوب الناس تهفو اليه من كل صوب , إضافة ان ترابه فيه شفاء واعطاه منزلة عظيمة ان جعل الاولياء من صلبه , وجعل الشفاء في تربته .. هذه عقيدتنا في ثار الله تعالى للحسين .. ولا نقول أكثر من ذلك ..حين يعبر في بعض الأحيان عن بعض أولياء الله بعبارة :”يد الله” فأن هذا التعبير حتما -من باب التشبيه والكنايه والمجاز ليس إلا….. الحمد لله رب العالمين .