نجاح أي قائد في أي مجال، يعتمد على إمكانية هذا القائد، في تشخيص المشكلات، ووضع الحلول لها، وسبل دفع الإشكاليات المرافقة لمشروعه، والعمل على رسم سياسات، تسهم بالعودة بالفائدة على رعيته.
في ظل الإجواء العشوائية، في العراق حاليا، وفي معمعة السياسة، ومهاترات الساسة، تضيع الرؤية، وتسود حالة من الضبابية، لبيان الموقف والمأزق العراقي.
شعارات الإصلاح براقة، وبريقها هذا، يجذب المواطن البسيط، فيندفع متظاهرا و معتصما و مقتحما بدعوى مطالبته بالإصلاح.
الواقع العراقي يحتاج إلى تفكيك، وقراءة هادئه، ومتزنة، تبتعد عن التفكير بالمصالح، وبالدعايات الإنتخابية، وإبراز العضلات، ويحتاج إلى قائد يمتلك رؤية، ليفكك لنا أحجية التخبط في المشهد العراقي.
تصدى السيد عمار الحكيم، وبما يمتلكه من إتزان سياسي، لبيان الموقف وتوضيح الرؤية، وازالة الضبابية عمن يطالب بالإصلاح، ولكن تشوشت الصورة لديه.
في كلمته التي ألقاها بمناسبة المبعث الشريف، أوضح السيد عمار الحكيم بشيء من التفصيل ما يدور وما يجري، وكيفية التصرف، لتحقيق الغاية المنشودة وهي إقامة الإصلاح.
بَيَّنَ السيد الحكيم عن معدن بعض السياسيين والنواب، من طلاب الكراسي، والباحثين عن الفرص، الذين ليس لهم هم إلا تحقيق مصالحهم، حتى لو كان ذلك على حساب إحتراق البلد، هؤلاء ثلة تمتطي صهوة الإصلاح، لتصفي حساباتها مع منافسين سياسين آخرين، وتحقيق مصالح أحزابهم.
خاطب الحكيم النواب قائلا: إن الإصلاح لا يأتي من خلال الصراخ والعويل داخل البرلمان، وعلى النواب المعتصمين أن يشكلوا كتلة معارضة، إن كانوا صادقين وجادين بالإصلاح، لتكون هذه الكتلة مراقبة ومشخصة لكل خطوات التي تقوم بها الحكومة، ومحاربة الفساد، وكذلك الإسهام في تشريع القوانين المهمة، التي تمس حياة المواطن العراقي.
حذر الحكيم بعض السياسيين من ركوب موجة الإصلاح، وإستغلال فورة المواطنين المتظاهرين، وحرف مسار الإصلاح، مبينا إن دعوى تشكيل حكومة التكنوقراط هي كذبة كبيرة، وفيها التفاف على جوهر مطالب الإصلاح، فمشكلة العراق ليست بتغيير الوزراء، وإنما المشكلة الحقيقية هي في إستشراء الفساد المالي والإداري، والترهل الحكومي في الأداء، وغياب الخدمات.
إستنكر السيد عمار الحكيم عملية إقتحام البرلمان، وعدها خطوة تستهدف الدولة العراقية، من خلال الإعتداء على أهم مؤسسة عراقية، والتي تمثل الشعب العراقي كون البرلمان هو بيت كل العراقيين، مؤكدا القول إن شرعية الدولة، والحكومة ومؤسساتها، تأتي من شرعية البرلمان، وإن أي تعدي عليه ومحاولة كسر هيبته، هي تعدي على الدولة برمتها، وكسر لهيبتها.
الجديد في كلام الحكيم، والذي يعد نقلة نوعية في سياسة المجلس الأعلى، هو إعلانه إن الضعف الحاصل في أداء التحالف الوطني، هو سبب ما حدث من تداعيات، مذكرا بتحذيره لأطراف التحالف الوطني قائلا: “لقد حذرنا وبشدة، إن ضعف التحالف الوطني، سينعكس سلبا على العمل السياسي، والحكومي، والبرلماني، عاجلا أو آجلاً” مؤكدا بأن المشروع الأول، يجب أن يكون مشروع العراق، ولا يتم هذا إلا عن طريق تشكيل تحالف وطني، عابرا للطائفية وللمناطقية، مذكرا بتحذيره السابق “بأن تياره سيأخذ خطوات جادة، ومن جانب واحد، إن لم تتدارك أطراف التحالف حالة الضعف فيه، ولم تك على قدر المسؤلية التاريخية، والتحديات المصيرية التي تواجه الوطن”.
أكد الحكيم على أن هناك مصلحون صادقون، وعليهم أن يستمروا بعملهم الإصلاحي، داعيا رئيس الحكومة، لإتخاذ الخطوات الضرورية، والجادة، والسريعة، في سبيل تحقيق رؤية الإصلاح المتفق عليها.
رؤية الحكيم هذه، يجب أن تؤخذ على محمل العمل، لإنها خارطة طريق لرؤية إصلاحية شاملة، نابعة من خبرة مطلقها، ونكران ذاته، وعمله الدؤوب على وحدة العراق، دون النظر إلى مصلحة حزبية أو فئوية