لا يختلف اثنان على ان لغة الارقام مهمة جدا في تحديد الفشل أوالنجاج في مسيرة اي شخص او موئسسة او حكومة, وهي قبل ذلك تعبر عن ثقافة ووعي وثبات عند تلك الجهة. وكما هو معروف في جميع انحاء العالم ان الحكومات او المؤسسات التابعة لها او التي تمثلها هي من تعلن الارقام بشكل فصلي اي كل ثلاث اشهر وان التقرير السنوي يكون متوفرا لجميع وسائل الاعلام او حتى سائر افراد الشعب لانه هو ملك الشعب ومن حقه الاطلاع عليه في اي وقت شاء. كما ان هذه تعتبر نقطة قوة للحكومات التي تحترم نفسها لان هذه التقارير الرقمية ان صدقت فسوف تكشف عن مدى مصداقية الحكومة امام شعبها وحرصها في الالتزام ببرنامجها التي وعدت به امام شعبها . ولكن لنأتي الى الحكومة العراقية فهل ان الحكومة العراقية تعترف بلغة الارقام , بل هل تفهم معنى لغة الارقام واسرارها, واذا ما قدمت الحكومة ارقاما فهل ستصدق هذه المره. الواقع يقول لا. لغة الارقام عند المسؤولين في الحكومة يعني الفشل لذلك لا تعلن عنها وليس هناك مؤسسة عراقية حكومية تهتم بلغة الارقام . حاول بعض المسؤولين في الحكومة ان يتحدوا ويضهروا قدراتهم المتميزة في لغة الارقام فانطلق يغرد مسؤول الطاقة عن الكهرباء مثلا عام 2012 وقال ماقال عن جهودة الفائقة ونجاحاته المتميزة في قطاع الكهرباء قائلا “ان العراق سوف يبدأ بتصدير الكهرباء الى العالم في عام 2013 باعتبار الانتاج سوف يفوق الحاجة المحلية بالاف الميغوواط وبما انه لايمكن تخزين او الاحتفاظ بالفائض فسوف نبدأ بتصدير الكهرباء”. والكل يتذكر ذلك حتى اصبح الرجل اضحوكة في عالم النكتة عند العراقين. وبعد ان اكمل “الصادق الامين” والمعلم كما يسمي نفسه تصريحه المشهور, خرج رئيسه بلقاء صحفي ليتكلم بلغة الارقام ايضا فردد كلام وزيره وزاد عليه بان هذا العام , اي 2012 سوف لن يشهد التيار الكهربائي اي انقطاع وسيتوفر للجميع 24 ساعة . بدأ الناس ينتضرون عام “الفتح” والذي سميته في حينها عام “فتح الكهرباء” بكل شغف وكلهم امل بان يكون الوزير ورئيسه صادقين. ولكن في اول صيف عام 2013 اصبح الناس يترحمون على عام 2012 حيث اصبح عام 2013 عام نكبة الكهرباء.
وقبل ذلك وفي عام 2011 صرح رئيس الوزراء بان العراق يحتاج الى 3 ملايين وحدة سكنية وانه سوف يبني مليون وحدة سكنية بنهاية 2013 فهل انجز المشروع , ام اننا لم ندخل بعد عام 2013 اليس كذلك .
ان ميزانية الحكومة العراقية من عام 2006 وحتى 2014 كانت تتراوح مابين 100 -120 مليار دولار سنويا اي ان ما انفق خلال الثمانية سنين يصل الى 1000 مليار دولار. فلنسال الاستاذ الشبوط وهو اعلامي معروف ومقرب الى الحكومة ويعمل في مؤسساتها الاعلامية هل يستطيع ان يسال اين ذهبت هذه الميزانية المهولة والانفجارية وماهي المشاريع التي تم تشييدها خلال هذه السنين . لا اعتقد يستطيع , وكان على حق حين قال لا ادري لمن ساله عن عدد المدارس اوالمستشفيات او الجامعات التي بنيت خلال هذه الفترة. فاذا كان الاستاذ الشبوط لايعلمها فكيف بالمواطن العادي ان يعرفها . ان هذه الارقام يجب ان تكشفها الحكومة ومؤسساتها لا ان يبحث عنها المواطن في ادراج الوزاراة , والا فان المواطن قد يضطرالى تكوين اطباعا سلبيا بسبب عدم توفر المعلومة الظرورية من المصدر الحكومي الرسمي . فالحكومة مسؤولة عن كشف ارقامها للشعب وعلى المؤسسات الرقابية مثل البرلمان او مؤسسات رقابية اخرى التاكد من صحتها
والاعلان عنها بشكل دوري والا سيسبح المواطن في بحر المجهول وسيكون من حقه ان يسئ الظن بمؤسسات الدولة ويتهمها باخفاء المعلومات للتستر على الفساد والفشل فلماذا تتهم الشعب بانه يكون اطباعا سيئا يا استاذ الشبوط .
والان لنقول للاستاذ الشبوط وانت رجل اعلامي واستقصائي هل تاكدت من كلام محافظ النجف عدنان الزرفي بان ما شهدته المحافظة من بناء مدارس وطرق ومستشفيات ومشاريع يعادل ما قامت به الحكومة خلال 80 عاما, او على طريقة “مشيها بلكت تعبر على البسطاء”. والله ليتنا نصدق هذا وسنفرح كثيرا , لذ نطلب منك ان تتكلم بلغة الارقام كما طلبت انت من الذين يتهمون الحكومة بالفشل انت يتكلموا بلغة الارقام . فلغة الارقام تنطبق على من يدعي الفشل او النجاح على حد سواء. نريد منك ان تعطينا اسماء وعناوين المدارس والمستشفيات والمدن الرياضية والملاعب والحدائق الترفيهية التي بنتها الحكومة ,غير تلك التي بنتها قوات الاحتلال لنراها نحن بدل ان نسمع بها. وهل ان مشروع النجف عاصمة الثقافة الذي الغي بسبب تاخر انجازه على الرغم من انفاق 500 مليون دولار ولم يتم اكمال المشاريع المخصصة له ,هل هذا كان من بين تلك المشاريع التي تفتخر بها . وهل سألت رئيس مجلس محافظة السماوه عن اسماء ومواقع ال 600 مدرسة جديدة في السماوة التي بنتها الحكومة بين عامي 2006 و2016 “حدث العاقل بما لا يليق فان صدق فلا عقل له”. من العيب ان تطلق هذه الارقام والدعوات وكانها مسلمات في مقالتك وانت لم تتاكد منها وتستشهد بالاية الكريمة “ولا تقف ما ليس لك به علم.” ضد غيرك ممن لا يملك الارقام . كان عليك ان تطبق هذه الاية على نفسك قبل ان تحاجج بها غيرك يا استاذ الشبوط . ان ثلاث حكومات لم تجري تعداد سكانيا واحدا منذ 2003 على الرغم من اهميته البالغة في رسم سياسة الدولة ومحاربة الفساد فكيف نتوقع منها ان تفهم لغة الارقام او تعترف بها
ولكن لنقول للاستاذ الشبوط , هل يحتاج الفرد العراقي الى ارقاما لمعرفة فشل الحكومة في تامين ابسط الخدمات للمواطن. وهل يحتاج المواطن المسكين الى ارقاما ليعرف اين ذهبت ال 1000 مليار دولار خلال 8 اعوام . هل يحتاج المواطن ان ارقاما ليعرف اين ذهبت الميزانيات الانفجارية للمحافظات بين 2006 الى 20014 لااعتقد ان الامر يحتاج الى فلسفة . فقط لينظر المواطن الى ماحوله وسيعرف اين ذهبت تلك المليارات وكما يقول المثل “لو كان لبان” ولا داعي الخوض بالتفاصيل لانها تدمي القلب فهذا العراق من شماله الى جنوبه يبكي من البؤس والحرمان وضياع المستقبل . فقط اعطيك رقما اخيرا لك ولكل مواطن لتحكموا ماذا سيحدث لو انفقت الحكومة العراقية ميزانيتها (1000 مليار) بصدق على شعبها . فهل تعلم ان كلفة بناء برج دبي (خليفة) كاعلى برج في العالم كانت 1.5 مليار دولار لاغير. وكلفة بناء مستشفى خليفة العملاقة في امارة ام القيوين بلغت 204 مليون دولار بسعة 220 سرير واستقرق العمل ثلاث سنوات وهذه ارقام متوفرة على الانترنت اعلنتها الحكومة ومؤسساتها لانها تصدق مع شعبها.
ان الشعب العراقي لايحتاج الى برج كبرج دبي ولكنه يحتاج الى اناس نزيهين, صادقين ومخلصين يحبون شعبهم ووطنهم ولا يتاجرون بالدين او المذهب ليشتروا به عواطف الناس ليغطوا على فشلهم وسوءاتهم وفسادهم الذي ازكم الانوف. في العراق لا حاجة الى لغة الارقام يا استاذ الشبوط لاثبات فشل وفساد حكومات علاوي والجعفري والمالكي واخيرا العبادي ويكفي ان العراق يتصدر قائمة الدول الاكثر فسادا
وفشلا في العالم . نحن على يقين انك تعلم ان الحكومات ومنذ 2003 قد فشلت فشلا ذريعا في تقديم ابسط الخدمات الظرورية للشعب العراقي ولكنك لاتريد ان تراها الان لشيء في نفس يعقوب ولكن لنرى هل سيعترف الشبوط بهذا الفشل وفجأة سيرى الارقام بلا واسطة اذا تغيرت الرياح.