” يجيئون لهدم الوثنية فيصبحون أقوى ألأوثان ” …. عبدالله القصيمي.
عبادة الأسلاف طريقة ظهرت عند الشعوب البدائية القديمة، تقوم على تبجيل واحترام أفراد العائلة لأسلافهم الموتى. ويعتقد الكثير من الشعوب البدائية والقديمة أن أرواح الموتى يمكن أن تتوسل إلى الآلهة لمباركة أقربائهم الأحياء. لقد عبد اليونان القدماء والرومان أسلافهم، وكانت عبادة الأسلاف أمرًا شائعًا في الصين قبل أن يتسلَّم الشيوعيون زمام الأمور. ولا تزال هذه العبادة شائعة في الهند، واليابان، وأجزاء من إفريقيا.
في الصين نصبت العائلات أعمدة منحوتة صغيرة تُسمَّى ألواح الأسلاف. وتركع العائلة أمام اللوح وتحرق بعض الأوراق أو البخور.
إنّ التحرر من الأمس ومن المقابر مشكلة راسخة في حياة أغلب البشر، والبشر لا يقدرون أو يريدون أن يصنعوا غدهم بكل إحتمالاته وإحتمالاتهم إلا بمقدار ما يستطيعون أن يتحرروا من سلطان أمسهم وتعاليم موتاهم.
كل المجتمعات تناضل للإنتصار على أعدائها وتحرير بلادها وحياتها من كل غاز ومهدِد ومعوِق ولكنها لا تناضل ولا تريد أن تناضل بنفس هذا المستوى والشمول للإنتصار على تعاليم الموتى وعلى حكمهم لعقولها ونظمها وخطاها.
معظم ألمسلمين يقدسون محمد وبعض الصحابة كعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب أكثر من تقديسهم لله والعراقي عندما يغضب يسب ألله بلا وجل ولكنه يتجنب مسبة محمد أو علي أو عمر، وعندما يحلف معظم منتسبوا المذهب الشيعي فإنّهم لا يحلفون بالله بل بالعباس أبو رأس الحار (عباس بن علي بن أبي طالب أخا ألحسين ) لأنّهم يعتقدون بأنّه سيؤذي ألحالف كذبا ( عباس يشوّر عبارة شائعة بين العراقيين بمعنى ينتقم أو يؤذي، ويعتقد العراقيون أنّ اليمين الكاذب “بالعباس” لم يتأخر اثره ولم يتباطئ رده على الكاذب فأثره يكون معجلا وسريعا، ومن هنا سمي “بالحار” وهي لفظة يستعملها اهل العرف العراقي للسرعة في الطلب والانجاز).
وأبرز مثال على تقديس ألمسلمين لمحمد ما حدث من غليان وهمجية بعد نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة لمحمد.
حول تقديس الصحابة وتأثيرهم في نشوب النزاعات المذهبية ،يذكر الدكتور علي ألوردي في كتابه مهزلة ألعقل ألبشري هذه ألخاطرة:
” كنت في امريكا ونشب نزاع عنيف بين المسلمين عن علي وعمر وكانت الأعصاب متوترة والضغائن منبوشة فسألني الأمريكي عن علي وعمر، هل يتنافسان الآن على الرئاسة عندكم كما تنافس ترومين وديوي عندنا؟ فقلت: إنهم كانوا في الحجاز قبل 1300سنة والنزاع الحالي حول أيهم أحق بالخلافة، فضحك الأمريكي من هذا الجواب حتى كاد أن يستلقي على قفاه، وضحكت معه ضحكاً فيه معنى البكاء، وشر البلية ما يضحك ” .
إنّ التحرر من شيء يهب الحافز والقدرة معا على التحرر الكامل إن كان يوجد تحرر كامل، أما من ألقوا بحرياتهم وكرامتهم في التراب، بين رفات الموتى بحثا عن تعاليمهم، متعبدين لها ولهم، فما أهون عليهم أن يفقدوا كل حرياتهم وكرامتهم دون أن ينتحروا أو يبكوا أو يحزنوا أو يشعروا أنّهم قد فقدوا شيئا يجب ألا يفقدوه.
فالعبودية خليط من العادة والعجز والتقليد والضرورة.
إنَّ ألعبودية ترسخت في لاوعي ألبشرية منذ طفولة ألعقل ألبشري، فإذا تمعنّا في ألعلاقة بين ألإنسان وألله في معظم ألأديان نراه كعلاقة ألسيّد بألعبد ففي سورة ألذاريات ألآيات 55 و 56 و57 نقرأ (( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ* وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ*مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ* )) ولكن هل يحتاج ألله إلى عبادتنا أو عبوديتنا له؟ ألجواب طبعا لا، فحسب المنطق فإنَّ الله لو كان محتاجا الى شيء حتّى لو كان هذا ألشيء عبوديتنا له فسيفقد خاصيّة الغنى ( الله غني عن العالمين…..حسب القرآن )
إنَّ ألعبودية ألّتي ترسّخت في لاشعورنا بسبب ألأديان جعلت منّا خرافا في قطيع يسوقه ألحاكم وبألأخص ألحاكم ألديكتاتوري أينما يشاء وكيفما يشاء ( أطيعوا ألله والرسول وأُولي ألأمر منكم )….ألآية ألقرآنية.
فالشعب ألعراقي ساقه صدّام حسين وقيادة حزب ألبعث لفترة خمس وثلاثون عاما إلى حتفه بمغامراته ألطائشة.
وأليوم ومنذ ثلاثة عشر من السنين يسوق ألمحتلّون ألأمريكان وصنائعهم من قادة ألأحزاب ألطائفية ألشيعية وألسنية وألأحزاب ألقومية ألعنصرية هذا ألشعب ألمُبتلى ألى ألهاوية ويسرقون خيراته في وضح النهار والفساد أستشرى في ألبلد حتّى أصبحنا في رأس قائمة الدول الفاسدة في ألعالم.
ألتساؤل ألّذي يلحّ على عقل ألإنسان لِمَ لا يثور ألشعب ألعراقي على مستعبديهم؟ ولِمَ يتحمّلون هذه ألنوائب وألفساد وسرقة ثرواتهم أمام أعينهم؟
حسب أعتقادي ألسبب ألرئيسي هو فقدان ألشعب للروحية وألعزم ألّذي كان يتحلّى به ألعبد سبارتكوس وزملائه عندما ثاروا على ديكتاتورية ألأمبراطورية ألرومانية، وبسبب ترسُّخ ألعبودية في لاشعور ألإنسان ألمَتدَيِّن منذ أبتكار ألأديان مِن قبل ألسياسيين وألأنبياء ألسياسيين.
المصادر:
– مهزلة ألعقل ألبشري …. علي ألوردي
– هذا ألكون ما ضميره …. عبدألله ألقصيمي.