18 ديسمبر، 2024 9:33 م

حكام العراق يعترفون بفشلهم لكنهم يصرون على تكراره

حكام العراق يعترفون بفشلهم لكنهم يصرون على تكراره

قبل عقود خلت، اطلق أحد الفلاسفة الثوريين في العالم، مقولة مشهورة، يتداولها أجيال من السياسيين في العالم، حتى الآن، وبمختلف مشاربهم الفكرية، خلال ممارستهم للعمل السياسي، بحيث اصبحت هذه المقولة، حكمة لا مناص من استلهامها وأخذ العبر منها، وهذه المقولة هي (ليس الرجل الحكيم من الذي لا يخطأ، انما الرجل الحكيم الذي لا يكرر خطئه). فمعظم سياسيو العالم المتمدن، يقترفون أخطاءا، سواء أكانوا حكاما أو قادة لحركات واحزاب سياسية، فلا يوجد من هو معصوم من الاخطاء، فمن لا يعمل لايخطأ، لكنهم سرعان ما يعترفون بأخطائهم بشجاعة، ويحاولون تجاوزها، لأن أخطاء العاملين في الحقل السياسي، تنعكس سلبا، على النظام الذي يقودونه، ان كانوا حكاما، او على الاحزاب التي يقودنها، مما يؤدي الى انفضاض الجماهير من حولهم، والتوجه الى تنظيمات سياسية اخرى، علَهم يجدون ضالتهم فيها.لكن حكام العراق، يشذون عن هذه القاعدة، فأحيانا نجدهم يعترفون بأخطائهم، وبفشلهم، على رؤوس الاشهاد، لكنهم لا يتوانون عن تكرار نفس الاخطاء عن قصد وبسق اصرار، لماذا أقول عن قصد؟ لأن الانسان الذي يعترف بخطئه وفشله في زاوية معينة من زويا الحياة، ان كانت سياسية او اقتصادية أو أجتماعية، ويكرر نفس الخطأ، يعني ذلك، ان اعترافه بالفشل ما هو الا استجداء لعطف الناس البسطاء، او محاولة منه لتضليلهم وخداعهم من جديد، وهذ هو عين النفاق والدجل، ويتناقض مع كل القيم، التي يدعون التمسك بها. فلو قلَبنا صفحات التاريخ، قلما نجد سياسيين يشبهون سياسيو العراق، فعلى مدى أكثر من عقد من السنين، تسنموا مقاليد الحكم، جلبوا الولايات والكوارث على الشعب والوطن، لاارى داعيا لتكراره، لأنها اصبحت على ألسن حتى بسطاء الناس.مما يستدعي القول عن هؤلاء السياسيين، انهم عديمو الكرامة، فبالرغم من سيل الشتائم التي يتلقونها من عامة الناس يوميا، ويُبصق على وجوههم، وتضرب صورهم بالأحذية، من الجماهير الغاضبة، من سياساتهم الفاشلة ومن فسادهم الذي اصبح على لسان القاصي والداني. بالرغم من كل تلك الاهانات التي يتلقونها من الشعب، لكنهم متمسكون بكراسيهم ومناصبهم التي درت عليهم المليارات من أموال الشعب العراقي المنكوب ولا يبالون بكل تلك الاهانات، ولا لأنَين الامهات الثكالى، ولا للفقراء الذين لايجدون قوت يومهم، ولا للفوضى والفساد اللذان ينخران بجسد ومؤسسات الدولة ومفاصلها، هذه المؤسسات التي قسَمت كأقطاعيات على محاسيبهم وشللهم، وحرَموا اصحاب الكفاءات من تبوء اية وظيفة فيها الا ماندر، ولا للأمن المفقود، الذي فشلوا بتوفيره للناس، حيث يستشهد ويصاب على مدار اسابيع واشهر السنة، المئات من المواطنين الابرياء، على يد الارهاب الداعشي الاسود، الارهاب الذي وفرت السياسات الفاشلة للحكام، بيئة خصبة لانتشاره ونموه،لكي يكون القارئ الكريم على بينة من قولي عن هؤلاء السياسيين، اذكر هنا نماذج من اعترافاتهم بالفشل. بعد أن خسر المالكي معركة الولاية الثالة، ظهر عل شاشة أحدى الفضائيات، ليجيب على سؤال المحاور، حيث قال بالحرف الواحد وبدون لبس او غموض (ان الطبقة السياسية التي تولت ادارة السلطة بعد عام 2003 فشلت في ادارتها، وكل من تصدى للحكم شريك في هذا الفشل وأنا لا استثني نفسي منهم، فعليهم أفساح المجال لأجيال جديدة لتجرب ادراة السلطة )، هل يوجد أكثر من هذا الحديث صراحة؟، فملايين العراقيين يتساءلون عن الاجابة عن هذا السؤال، عندما يعترف السيد المالكي بفشله لماذا أذن يصر على الاستمرار في العمل السياسي ويتزعم كتلة سياسية كبيرة تحاول لحد الان الوثوب الى السلطة بقيادته؟. والقطب السياسي الآخر الذي تكلم على نفس النحو، هو السيد عادل عبد المهدي، القيادي في المجلس الاسلامي الاعلى، حيث ادلى هو الآخر بدلوه، عندما صرح لأحدى الفضائيات بقوله (ان هذه الطبقة السياسية فشلت وشاخت عليها التنحي جانبا وفسح المجال لأناس آخرين لأدراة دفة الحكم ولم يستثني نفسه منها). يتساءل الناس ايضا، اذا كان السيد عبد المهدي، قد اعترف بهذا الأمر، بصراحة ووضوح، لماذا لا يعلن اعتزاله للعمل السياسي، وتفرغه للكتابة والتأليف عسى أن يستفيد الباحثون من كتاباته ومؤلفاته؟. أما السياسي الذي أثيرت عليه في الآونة الأخيرة، شبهات فساد في جولة التراخيص النفطية، وعجز عن دحض تلك الشبهات، وفشله الذريع في الايفاء بوعوده في تحسين الطاقة الكهربائية خلال تولية منصب نائب رئيس الوزارء لشؤون الطاقة، وهو الدكتور حسين الشهرستاني، هو الآخر اعترف بفشل الطواقم السياسية التي تولت الحكم بعد عام 2003، واعترف ضمنا انه هو الآخر يتحمل مسؤولية هذا الفشل! حينما قال (مع الأسف لم نقدم شيء يستحقه الشعب العراقي طيلة هذه السنوات) وقد جاء اعترافه هذا متأخرا كثيرا، اذ جاء بعد ان فقد منصبه الوزاري. أقول وبالتأكيد يشاطرني القول، ملايين العراقيين الذين اكتوا بنار سياسات هؤلاء الفاشلين، ودفعوا اثمانا باهضة من دماء ابنائهم وممتلكاتهم، والاموال التي اهدرت على أيدي هؤلاء السياسيين الفاشلين والفاسدين، واصبح الملايين من ابنائهم نازحين في وطنهم، وآخرون مشردون في اصقاع الارض، أقول هل يكفي الاعتراف بالخطأ؟ اليس من حق الشعب مقاضاتهم عن طريق قضاء مستقل عادل، والاعتراف سيد الادلَة كما يقال، على ما اقترفت ايدهم من جرائم بحق الشعب؟ وهل حقيقة ان هؤلاء اعلنوا التوبة؟ ان كان الامر كذلك فعليهم اعتزال العمل السياسي ويكونوا شجعانا، ذلك بتقديم انفسهم للقضاء عسى أن يكفروا عن خطاياهم.